بعد التعرض لإصابة شديدة في الدماغ، يمكن أن ينتشر الالتهاب في جميع أنحاء الدماغ ويسبب أضرارًا طويلة الأمد. الآن، في دراسة جديدة أجريت على الفئران، توصل الباحثون إلى طريقة انتشار هذا الالتهاب. تبين أن الالتهاب ينتشر عن طريق تحرير أكياس صغيرة مليئة بالمواد الكيميائية الالتهابية من الخلايا المناعية في الدماغ. هذه الأكياس – والتي تدعى بالمجهريات الدقيقة – يمكن أن تنتشر في جميع أنحاء الدماغ، مما يسبب التهاب في مواقع بعيدة من الموقع الأصلي للإصابة، وذلك وفقًا للدراسة التي نشرت 8) آذار) في دورية Neuroinflammation.

وكانت هذه الدراسة دراسة إثبات صحة المفهوم، وهناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لفهم دور هذه المجهريات الدقيقة في الدماغ، وكذلك لتحديد ما إذا كان لها نفس التأثير عند البشر. ومع ذلك، فقد أظهرت الدراسات التي أُجريت على البشر والتي اعتمدت على فحص الدماغ، أنه يمكن للالتهاب أن ينتشر في الدماغ بعد التعرض لإصابة، حتى في مواقع بعيدة عن مكان وقوع الإصابة. هذا ما قاله كبير مؤلفي الدراسة، الدكتور آلان فادن، وهو طبيب أعصاب وأستاذ التخدير في جامعة ميريلاند في كلية الطب. كما وجدت دراسات أخرى أُجريت أثناء عمليات التشريح، أن المرضى الذين تعرضوا لإصابات في الرأس لكن توفوا لأسباب أخرى بعد سنوات عديدة، ظهر لديهم التهاب مزمن في جميع أنحاء أدمغتهم. هذا ما قاله فادن لدورية Live Science.

وكان السؤال: كيف وصل الالتهاب إلى هناك؟  قال فادن أنه يمكن للدراسة الجديدة أن تفسر ذلك. في هذه الدراسة، نظر فادن وفريقه في المجهريات الدقيقة في الفئران. ووجد الباحثون أن مستويات المجهريات الدقيقة ازدادت في دم الفئران بعد تعرضهم لإصابات في الدماغ. وكان لكل المجهريات الدقيقة بصمات  خاصة تظهر نوع الخلايا التي جاءت منها. في هذه الحالة، جاءت المجهريات الدقيقة من الخلايا المناعية في الدماغ. بعد ذلك، درس الباحثون آثار المجهريات الدقيقة على هذه الخلايا المناعية في المخ، والتي تسمى الخلايا الدبقية الصغيرة.

في تجربة مخبرية، أخذ الباحثون المجهريات الدقيقة من الفئران الذين تعرضوا لإصابات في الدماغ، ووضعوها على طبق بتري مع الخلايا الدبقية العادية. فقامت المجهريات الدقيقة بتنشيط الخلايا الدبقية الصغيرة ودفعتها إلى إطلاق مجهريات دقيقة خاصة بها. هذا ما وجده الباحثون. وأخيرًا، قام الباحثون بحقن المجهريات الدقيقة في أدمغة الفئران السليمة، فوجدوا أنها تسبب التهابًا في الدماغ، بالقرب من موقع الحقن وفي أماكن أخرى في الدماغ.

أشارت التجارب أنه يتم إنتاج المجهريات الدقيقة من قبل الخلايا الدبقية بعد حدوث إصابة في الدماغ، ويمكن لهذه المجهريات الدقيقة أن تنتقل ضمن جميع أنحاء الدماغ، وتقوم بتفعيل المزيد من الخلايا الدبقية الصغيرة في طريقها. ينظر البحث في طرق مختلفة لكيفية انتشار الالتهاب في الدماغ….بعد عدة إصابات أو بعد الإصابة بمرض  هذا ما قاله فادن. ويمكن لهذه النتائج أن تكون ذات آثار رئيسية للبحوث في المستقبل. على سبيل المثال، تمكن العلماء من جمع المجهريات الدقيقة من دماء أشخاص في نقاط مختلفة بعد تعرضهم لإصابة في الرأس لمعرفة ما إذا كان ممكنًا أن تستخدم كعلامات بيولوجية لتقييم مدى خطورة الإصابة. هذا ما قاله فادن. المجهريات الدقيقة هي صغيرة بما يكفي لتتمكن من عبور الحاجز الدماغي الدموي، لذلك يمكنها أن تنتقل بين الدماغ والدم. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تكون المجهريات الدقيقة أهدافًا للأدوية. لكن يجب النظر فيما إذا كان يمكن استهدافها، ومنعها من تفعيل الخلايا المناعية الأخرى.


المصدر

ديانا نعوس

ديانا نعوس

طالبة في كلية الصيدلة، هدفي واحد هو العلم، وأؤمن بأنه الطريق الوحيد نحو الرقي، الطريق الوحيد نحو التغيير، الطريق الوحيد نحو الأفضل.

الاطلاع على جميع المقالات

اضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة مؤخرا

error: Content is protected !!