مع موجة الانتخابات الأمريكية الماضية، أصبحت الشيوعية والاشتراكية موضوع للمجادلة بين مختلف الأطراف، ويبدو أن الجميع يمتلكون آراء بخصوص هذين الموضوعين، ولا بد أننا قد سمعنا بهذين المصطلحين من قبل، لكن هل نعلم فعليًا على ماذا يشيران؟ وأكثر من ذلك، هل نستطيع التفريق بينهما؟
لا ضير، لم يفت أوان التعلم بعد، إليك بعضًا من الفروقات الأساسية بين الاشتراكية والشيوعية.
ترتبط التعقيدات بين هذين الإيدولوجيتين بين عدة نظريات ماركسية، ولكننا سنمتنع عن الدخول في التفاصيل النظرية للماركسية لطولها، غير أنه يوجد نقطة واحدة محورية بهذا الشأن: أولًا: وجدت الاشتراكية قبل وقت طويل من ماركس ذاته، ثانيًا: برغم أن الشيوعية تمثل تطبيقًا عمليًا على الماركسية، إلا أنهما ليسا سيان، فالشيوعية المتداولة حاليًا تطورت بصورة كبيرة بفضل لينين، وليس ماركس.
الإشتراكية: بدأت الإشتراكية مع قدوم الثورة الصناعية إلى أوروبا، وإبانها، بدأ العديد في العمل في المصانع بدلًا من ممارسة الزراعة، وأصبح الأغنياء أغنياءً نتيجة لهذا النظام الذي جعل منهم ملاكًا للمصانع، أما الباقي، فقد كانوا يعيشون حياة فقيرة، ثم قرر العمال أنه قد طفح الكيل! فلماذا يجب عليهم الكدح ليل نهار لأجل شخص آخر؟ فكان على النظام أن يتغير! وهكذا ولدت الإشتراكية.
تقترح الإشتراكية تغييرًا تامًا في نظام الإنتاج، حيث تقسم الثروة بالتساوي على الجميع، وكيف يمكن تحقيق ذلك؟ الحل هنا هو فرض الضرائب، ففي ظل الإشتراكية، ستكون الحكومة مسؤولة عن فرض ضرائب ثقيلة على الأغنياء. وستساعد هذه الضرائب في تحقيق فوائد للفقراء، ففي الأساس، يمكن اعتبار الإشتراكية مؤسسة حكومية شبيهة بروبن هود.
لكن التطورات الموجودة حاليًا، تتجه اقتصاديًا عكس ذلك التيار، خصوصًا بوجود العولمة والشركات متعددة الجنسيات التي تنتشر في كل مكان، فلا تبدو أن الحكومة تملك أدنى سلطة تمكنها من السيطرة عليها، ولا يفضل الإشتراكييون هذا النهج أبدًا، خصوصأ بأن هذا الاقتصاد ينتشر في كل مكان تقريبًا، ومن بين جميع النظريات المتعلقة بالإشتراكية، تطورت الإشتراكية الديموقراطية كأكثر الحلول فعالية وتناسبًا.
لا تؤيد الإشتراكية الديموقراطية حصول أي تغيير على البنية الديمرقراطية السياسية الحالية، إلا أنها تقترح مراجعات ضخمة لفكرة الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، وتحتفل بفكرة دولة الرعاية الاجتماعية، حيث يتلقى الناس فيها تلقائيًا أموال ضمان اجتماعي من الحكومة، بما فيها أموال تتعلق بالرعاية الصحية، أو توفير رعاية صحية بالمجان، وتعليمًا مجانيًا، ومعاشًا، وإلخ، تمامًا كدول مثل السويد، والنرويج، وكندا، وهذاهو النهج الذي يتمنى بيرني ساندرز تحقيقه.
الشيوعية: يمكن النظر إلى الشيوعية كإحدى الأشكال المتطرفة للإشتراكية، لا تؤمن الشيوعية بسلطة الحكومة، فكارل ماركس الذي يعتبر العقل المدبر وراء الشيوعية، ينظر إلى العالم بمنظارين اثنين فقط: الأغنياء أو البرجوازيين ملاك المصانع ووسائل الإنتاج، والفقراء أو البروليتاريا، الذين يعملون للإنتاج، إذ نظر ماركس إلى الحكومة كجزء من البرجوازية، لذلك يعتقد بأن الحكومة لن تكلف نفسها في تحرير الفقراء.
فكيف تحدث تغييرًا بنظامٍ متجه بطبيعته نحو الأغنياء؟ من خلال ثورة، أليس كذلك؟ فالثورة ستتغلب على الأغنياء والحكومة معًا، ثم ستتستولي حفنة من البروليتاريا على الإدارة، لكن ما الذي سيمنع البروليتاريا من أن تتحول إلى برجوازية جديدة؟ وما الذي سيوقفهم من السيطرة على الثروة لأنفسهم؟ ببساطة! عليك إلغاء الثروة من النظام! فلا وجود للثروة يعني أنه أنه لا وجود لطبقة عليا أو طبقة دنيا.
في دولة شيوعية تمامًا، على النحو الذي يقترحه فلاديمير لينين، ستمتلك حكومة الحزب الواحد جميع وسائل الإنتاج، فتوزع جميع الثروات على الناس بتساوٍ، ولذلك، في دولة شيوعية، لا يشتري سكانها أي شي فعليًا، بل يتم منحهم كل شيء من قبل الحكومة عوضًا عن ذلك، وبهذه القيود الصارمة، فإنه ليس من الغريب أن الشيوعية التامة قد فشلت بسرعة حينما بدأت في الإتحاد السوفييتي، وفي الحقيقة، بمرور الأعوام، انحاز الإتحاد السوفييتي نحو نهج اشتراكي مركزي، بدلًا من الشيوعية، ثم فشل الإتحاد السوفييتي لاحقًا، لتنشأ روسيا التي نعرفها اليوم.
يمكننا القول أن الشيوعية لم تنجح أبدًا لوقت طويل، وقد يجادل البعض بأن النجاح الوحيد على تطبيق الشيوعية يتجسد في كوبا، إلا أن هذه الجزيرة الصغيرة تتجه تدريجيًا نحو اعتناق الرأسمالية.
أصبحت الآن على دراية بالفروقات الأساسية بين الإشتراكية والشيوعية، وتذكر أن تضع هذه المعلومات على الطاولة في المرة القادمة التي يخلط أحد بينهما.
اضافة تعليق