الأشجار تتكلم بالفعل ! هل سبق أن وقفت بين الأشجار – تلك النباتات المذهلة ذات القوام الطويل- تستمع إلى صوت أوراقها وهي تتصارع مع الرياح، فتخيلت في سرّك أنها تتحدث مع بعضها بطريقةٍ ما.. ربما همساً، أو تخاطراً ؟ حسناً إنها تفعل ..! بصفتها عالمة غابات – سوزان سيموند- اكتشفت أن هذا التواصل لا يحدث في الهواء، وإنما في الأعماق، تماماً تحت أقدامنا، في شبكة شديدة التماسك والتعقيد والمؤلفة من جذور وإشارات كيميائية.
سوزان سيموند: “الأشجار هي أساس الغابة، لكن الغابة هي أكثر بكثير مما تراه .تحت الأرض هناك ذلك “العالم الآخر” اللانهائي من المسارات البيولوجية، تربط الأشجار بعضها ببعض وتسمح لها بـ التواصل” !
بزراعة 80 نسخة طبق الاصل لثلاثة انواع من أشجار ( البيتولا الورقي- Birch) (الشوح نوع “دوغلاس”- Douglas fir ) وأصناف أخرى..
راقبت – سيموند – التفاعلات المذهلة بين تلك المجموعات من الأشجار، ولاحظت أن علاقاتهم تعتمد على عوامل مثل : المسافة – وكمية الظل الذي تلقوه خلال يوم معين. وجدت كذلك أن الأشجار لم تكن تتنافس وإنما تتعاون، فترسل أشياءً مثل الكربون، الماء، النيتروجين، الفوسفور، وحتى أنها قد ترسل إشارات النجدة أو الاستغاثة في جميع أنحاء مجموعتها عند الحاجة !
سوزان سيموند : “إن الشيء العظيم حول الغابات، هو أنها كأنظمة معقدة تتمتع بقدرة هائلة على الشفاء الذاتي” !
إحدى أكثر الحقائق المدهشة التي اكتشفتها – سيموند- هو دور الشجر “الأم” في هذه المجتمعات البيئية .
إنها الأشجار الأكثر نضجاً والتي تعمل كـمَحاور أو مرتكزات لتجمعات الأشجار، كما أنها تعتني بعائلاتهم، تربي وتحتضن الشتلات الصغيرة.
عندما تتعرض الشجرة الأم للإصابة أو الموت فإنها ترسل رسائل الحكمة إلى الجيل القادم من الشتلات .
سوزان سيموند : “قمنا بتتبع الكربون و الاشارات الدفاعية ايضاً، المنتقلة من أسفل جذع شجرة (أُم) مصابة، إلى شبكة الفطريات الجذرية وفي الشتلات المجاورة لها .. فوجدنا أن هذين المركبين يزيدان من مقاومة الشتلات الصغيرة للضغوطات المستقبلة “.
– سوزان سيموند :” في الغابة الواحدة، يمكن للشجرة الأُم أن تتصل مع المئات من الأشجار الأخرى”
تماماً كالبشر ومعظم الكائنات الحية، الأشجار تبني عائلات، وعلاقات قوية، وتنمو بشكلٍ أفضل عندما تُحاط بمجتمع متنوع، يحوي مختلف الأنواع والأنماط الجينية .
سوزان سيموند :”بإمكانك أن تقطع شجرة مركزية أو اثنتين، لكن هناك “نقطة تحوّل”، حدّاً معيناً إن تجاوزته لمرة واحدة فقط سينهار النظام بأكمله”
– لحماية حياتنا وأسلوب عيشنا علينا أن نحمي حياة هذه الغابات، لا بد لنا أن نتواصل من جديد مع الطبيعة، وننقذ غاباتنا القديمة، فنولد ونعزز طاقتها .خاصة في ظل ما تعانيه من تهديد تغير المناخ .
في النهاية إذاً اتضح أن أفكارك ليست محض خيال جامح، لأن الأشجار تتكلم حقًا!
اقرأ أيضًا:
اضافة تعليق