عميقًا في أفريقيا يوجد منطقة تسمى بصحراء العفر أو منخفض داناكيل، هذا المكان هو الأكثر سخونة على الأرض، حيث يمكن أن تصل درجة الحرارة إلى 55 درجة مئوية، وذلك بفضل الحرارة الجوفية، وينتشر في المنخفض بحيرات الحمم، والينابيع الساخنة، والأحواض المائية الساخنة التي تنشر رائحة البيض الفاسد مع الكبريت، وأصغر بركان هناك يسمى ببركان دلول – Dallol وهو جديد نسبيًا، حيث انفجر لأول مرة في عام 1926، المنطقة بأكملها منخفضة بأكثر من 100 متر تحت مستوى سطح البحر، مما يجعلها واحدة من أدنى الأماكن على هذا الكوكب، ومن المدهش وعلى الرغم من البيئة السامة وقلة هطول الأمطار، انها موطن لبعض أشكال الحياة بما في ذلك بعض الميكروبات.
تحيط الجبال والهضاب العالية هذه المنطقة، تشكل المنخفض عندما بدأت ثلاث صفائح تكتونية تحت أفريقيا وآسيا بالتحرك بعيدًا عن بعضهم منذ ملايين السنين، ولهذا المكان بعض السمات المتطرفة، فهناك بركان قبة الملح الذي يسمى Gada Ale والذي بجواره بحيرة مالحة تسمى بحيرة كاروم – Karum، كذلك يوجد بحيرة شديدة الملوحة تسمى بحيرة أفريرا – Afrera، ايضًا بركان كاثرين الموجود منذ نحو مليون سنة، وهناك أيضا رواسب كبيرة من الملح في المنطقة، ينقلها شعب العفر إلى المدن القريبة للتجارة بها.
الأحواض المائية الحرارية والينابيع الساخنة في هذه المنطقة غنية بالميكروبات التي تسمى إكستريموفيلز – Extremophiles ويمكن لهذه الميكروبات مقاومة درجات الحرارة العالية، والغازات البركانية السامة في الهواء، وتركيزات المعادن العالية في الأرض، وايضًا نسبة الملوحة الموجودة في المياه، ومعظم الميكروبات الموجودة في منخفض داناكيل هي بدائية للغاية، وتعتبر من أقدم أشكال الحياة على كوكبنا.
بالنسبة لمستقبل ذلك المنخفض، الصفائح التكتونية الكامنة تحت منخفض داناكيل حركتها بطيئة جدًا تقدر بنحو ثلاثة مليمترات في السنة، وبالرغم من تلك الحركة البطيئة فإن الأرض ستستمر في الانخفاض عن مستوى سطح البحر وسيستمر النشاط البركاني كلما اتسع الصدع الذي تولده الصفائح المتحركة، وفي غضون بضعة ملايين من السنين سيأتي البحر الأحمر في المنطقة، وسيتوسع نطاقه وربما يتشكل محيط جديد، اما في الوقت الراهن سيتوجه العلماء للبحث عن أنواع الحياة الموجودة هناك.
اضافة تعليق