لقد ظهرت في العالم العديد من القوى الدولية العظمى التي كانت لا تقهر. ولما كان حلم الإنسان منذ القدم، متمثلًا في ظهور الإمبراطور، في أن يهيمن ويسيطر بقوته ونفوذه على العالم، فدعونا نستعرض في هذا المقال عددًا من الإمبراطوريات التاريخية والتي كانت على وشك السيطرة على العالم. وبهذا المصطلح نقصد أنها تمكنت من التحكم بأغلب سكان العالم وليس شرطًا أن تكون محتلة لمعظم أراضي العالم بشكل مباشر.
10- الإمبراطورية البرتغالية: عندما يحين الحديث عن الإمبراطوريات الكبيرة في التاريخ، فإن البرتغال غالبًا غائبة عن الصورة. لكن المعلومة التي ربما أن تلفت انتباهك هي أن الإمبراطورية البرتغالية كانت قوة عظمى في وقت ما من التاريخ، بل والأكثر إدهاشًا من ذلك أنها تعتبر الدول الأوروبية الأولى التي تقوم بجولات استكشافية واستعمارية خارج نطاق أوروبا. فقد كانت القوة الأوروبية الأولى لاكتشاف الهند والبرازيل، كما أنها احتلت أجزاء من شرق أفريقيا مثل موزمبيق.
في أوج قوة هذه الإمبراطورية تمكنت من إجراء معاملات تجارية تمتد بينها وبين الهند والعرب، الصين وماليزيا وحتى اليابان. ربما لو لم تضمحل الإمبراطورية البرتغالية لتمكنت من السيطرة على خطوط تجارية عديدة أخرى، والتي كان من الممكن أن تمول الإمبراطورية ممكنة إياها من احتلال الهند والصين وأفريقيا وجنوب أمريكا بالكامل، مما يجعلها الإمبراطورية الأغنى في التاريخ، والأكثر هيمنة على العالم لتكون ندًا للإمبراطورية البريطانية إذا تحدثنا بلغة الأرقام.
9- الإمبراطورية التيمورية: ظهرت إلى التاريخ تلك الإمبراطورية بعد سقوط الإمبراطورية المغولية، مسيطرة على جزء كبير من الأراضي يشمل إيران والأناضول في تركيا، والهند، والقفقاس، وكذلك وسط آسيا. لقد كانت صعوبة التواصل عبر الإمبراطورية المغولية الضخمة عقبة أصيلة تحول دون استمرارها، إلا أن الدولة التيمورية تفادت هذه العقبة بفضل التقدم التقني في عصرها عندما ازدهرت في أوائل القرن الرابع عشر. ولكن هذا التقدم لم يمكن القوات المواجهة لها من الصمود أمام الغزوات. كان يتصور قائد هذه الإمبراطورية تيمورلنك أنه سيستعيد أمجاد المغول وجنكيز خان، وقد عزز من صعوده السريع للقوة حقيقة أن جيشه لا يقهر، بما يمتلكه من الرماة الممتطين للخيول.
استطاع تيمورلنك أن يهزم كلًا من العرب والهنود بسهولة. إلا أن ما منعه أن يسيطر على العالم رغبته أن يسطر على أسرة مينغ في الصين، فبالسيطرة عليها سيكون تحت هيمنته معظم مصادر العالم في ذلك الوقت وسيكون حتمًا قوة لا تقهر نظرًا لأن معظم سكان العالم سيكونون تحت حكمه، ولكن ما حدث هو أنه قد توفى قبل أن يصل إلى وجهته.
8- ألمانيا النازية: يخبرنا بعض المؤرخين أن هتلر قد اتخذ بعض القرارات الحمقاء كقراره المتسرع في الهجوم على الاتحاد السوفيتي قبل سقوطه، ولو أنه انتصر في العملية العسكرية «أسد البحر» ودمر قوات المملكة المتحدة، ولو كانت قراراته اتخذت جانبًا مغايرًا قليلًا لكانت الأمور مختلفة تمامًا. فقد تمكن هتلر من خلق اتحادًا غير مسبوق بين الدول الأوروبية تحت هدف مشترك، ونتيجة لذلك حاربت الأمم الأوروبية بعضها مع بعض تحت قيادة هتلر، حاربت إيطاليا مع ألمانيا، وبلغاريا مع المجر مع سولفيكيا. ولو استمرت تلك الوحوش في الحرب بجانب بعضها البعض لمهدت الطريق نحو هيمنة أوروبية ألمانية على العالم كله، واقعًا تحت سيطرتها كل من الشرق الأوسط والهند وأفريقيا كاملة.
7- الإمبراطورية الإسبانية: في أقصى مجدها، حققت الإمبراطورية الإسبانية قدرًا من السيطرة على ما تبقى من الإمبراطورية البرتغالية، تحت حكم تشارليز الخامس، وفيليب الثاني من أسرة هابسبرغ. في لحظة من التاريخ تحرك كل من الألمان والإيطاليين والإسبان والبرتغاليين والهولنديين بإتجاه هدف واحد، وهو فرض الهيمنة الأوروبية على العالم. لقد كان هذا التحالف مميزًا في هذه الحقبة من التاريخ، ولو لم تخسر إسبانيا بعض المعارك لوصلت إلى درجات أعلى من القوة والسيطرة. حيث كانت تمتلك الإمبراطورية الإسبانية الذهب الكثير، وأقوى الأساطيل البحرية، وأقوى الجيوش البرية، كما أنها سيطرت على نحو 13% من كامل الكرة الأرضية. مما ميز الإمبراطورية الإسبانية قدرتها على الحفاظ على التواصل بين أرجاء الأراضي التي سيطروا عليها لعشرات السنوات، نظرًا للتقنيات المتقدمة في التواصل التي اعتمدوا عليها، على عكس الإمبراطورية المغولية. انحدرت هيمنة الإمبراطورية الإسبانية مع الوقت نظرًا لخسارتهم بعض الحروب، وتعرضهم للتضخم الاقتصادي بعد سحب كميات كبيرة من الذهب من قبل الأراضي التي احتلوها.
6- الإمبراطورية المغولية: لا يمكن إنكار أن الإمبراطورية المغولية كانت من الإمبراطوريات الأقرب لأن تسيطر على العالم، نظرًا لمهاراتهم الحربية والقتالية التي لا يمكن قهرها من أي قوة كانت موجودة آنذاك على الكوكب. فلو أرادت تلك الإمبراطورية أن تزحف بإتجاه أوروبا وتقطع رأس البابا وتحكمها بالكامل لتمكنت من فعل ذلك. ولكن ذلك كان سلاحًا ذا حدين، فسرعان ما أصبحت تلك نقطة ضعف بجانب كونها نقطة قوة، فبزيادة الأراضي القابعة تحت سطيرة المغول، فقدوا القدرة على إتمام وسيلة تواصل فعالة خلال الأراضي التي احتلوها، والتي تحتوي على أعراق مختلفة ومتنوعة للغاية، فاختفت الإمبراطورية عام م1279. لكن بالرغم من ذلك، فقد تمكنت تلك الإمبراطورية العملاقة من السيطرة على 22% من أراضي العالم، ممتدين من الصين إلى حافة بولندا. كما يقال أن شخصًا من كل 4 أِخاص كان يقع تحت الحكم المغولي في وقت زهوها.
5- الإمبراطورية العثمانية: كانت الإمبراطورية العثمانية القابعة في تركيا، والمتحكمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من أقوى الإمبراطوريات التي عرفها التاريخ. ولعل أكبر عوامل القوة لتلك الإمبراطورية قدرتها الفائقة على التحكم بتلك المنطقة التي تحتوي طيفًا كبيرًا من الأعراق والطوائف المختلفة. استطاعت تلك الإمبراطورية الجديدة أن تضع حدًا للإمبراطورية الرومانية العظمى والتي هيمنت على العالم لقرون من خلال عاصمتها القسطنطينية عام 1453م. كما أظهرت تلك الإمبراطورية قوتها في تمكنها من التوغل داخل قلب أوروبا من خلال حصارها لأكثر المدن عمقًا في أوروبا مثل مدينة فيينا، وكادت أن تستسلم لولا القوات البولندية المعاونة. لو تمكنت الإمبراطورية العثمانية من اسقاط تلك المدينة تحت سيطرتهم، لأمكنهم ذلك من التحكم في معظم القارة الأوروبية بجانب الأراضي التي كانت تحت سيطرتهم قبل ذلك، مما يجعلهم قوة عظمى في العالم دون شك. وكما ذكرنا من قبل، فقد كان العثمانيون موهوبين في السيطرة على الأعراق والطوائف المختلفة وإخضاعهم جميعًا تحت حكمهم، مما سيمد في عمرهم في السلطة إذا وقعت أوروبا تحت حكمهم. انتهت تلك الإمبراطورية عام م1923.
4- الولايات المتحدة: ربما يعترض البعض على اختيار الولايات المتحدة كإمبراطورية، فهي دولة لم يحكمها أبدًا إمبراطور. لكن الأمر غير القابل للشك، هو أن الولايات المتحدة كما نراها الآن تعتبر قوة عظمى. استطاعت الولايات المتحدة ضم الكثير من المناطق خارج نطاق حدودها، مثل دولة بورتوريكو وجزر الفلبين، وكوبا، حيث كانت تلك الدول تحت الحكم الإسباني. كما تمكنت من السيطرة على مملكة هاواي.
ربما وصلت الولايات المتحدة لأقصى نفوذها على العالم بعد الحرب العالمية الثانية. حيث تركت تلك الحرب الولايات المتحدة مسيطرة على ما يقرب من أغلب أفريقيا والجزر اليابانية، وغرب أوروبا بالكامل، واقعًا تحت الحكم الأمريكي الملايين من البشر، لتصبح الولايات المتحدة إمبراطورية عالمية ضخمة بلا شك. ولكن بدلًا من ذلك، قررت الولايات المتحدة أن تنخلى عن حكم هذه الدول لأنفسها، وفضلت أن تصبح قوة دولية عظمى كما نراها اليوم، تمتلك قاعدة عسكرية في كل قارة من قارات العالم.
3- الإمبراطورية البريطانية: ربما هذا المثال الأشهر، فلابد أنك سمعت عن الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، نعم إنها بريطانيا. إن الإمبراطورية البريطانية هي الأكبر في التاريخ، ففي عام م1922 كانت بريطانيا متحكمة في 22.6% من مساحة الكرة الأرضية، و20% من سكان العالم كان واقعًا تحت سيطرتها. ما ميز تلك الإمبراطورية سيطرتها على أغلب خطوط التجارة العالمية، وامتلاكها قوة عسكرية لا تقهر، وأسطول بحري عملاق. كان بإمكان تلك الإمبراطورية أن تسيطر على الكثير من مناطق الكوكب أبعد من ذلك، إلا أنها أفلست بعد الحرب العالمية الأولى.
2- الإمبراطورية الرومانية: ربما استطاعت الإمبراطورية الرومانية أن تصل إلى الهيمنة العالمية أكثر مما تتوقع. فقد وصلت إلى أوج قوتها عام 117 A.D مسيطرة بذلك على نحو 21% من كامل سكان العالم في ذلك الوقت. محتلين الكثير من الأراضي في أوروبا وتركيا وشمال أفريقيا. كان الإعداد الروماني الحربي والبحري غاية في البراعة والقوة، مما مكنهم من الانتصار في معظم الحروب التي خاضوها. اقتربت تلك الإمبراطورية من السيطرة على العالم حينما كانت تحارب الإمبراطورية البارثية التي كانت واقعة تحت الحكم الفارسي. ولكن لسوء حظهم، فإن الرومان لم يتمكنوا أبدًا من الانتصار على منافسيهم الفرس في أي معركة من المعارك، لذلك لم تتاح لهم فرصة السيطرة على العالم.
1- الإمبراطورية الفارسية: لقد أفلتت هذه الإمبراطورية فرصة السيطرة على العالم والتحكم بمعظم التعداد السكاني العالمي بنسبة 6% فقط. حيث أنهم في أقصى فترات حكمهم قوة، سيطروا على ما يقرب من 44.4% من سكان الكرة الأرضية، مما يعني أنه في عام 480 ق.م كان هناك فرد من كل اثنين على الأرض يقع تحت الحكم الفارسي. على خلاف غيرها من الإمبراطوريات، فإن الفرس تمكنوا قديمًا من الوصول إلى قوة لا مثيل لها، ولولا حروبهم الخاسرة مع عدد من المدن الإغريقية لتمكنوا من بسط هيمنتهم لأعوام طويلة. انتهى حكم هذا الوحش على يد الإسكندر العظيم، واضعًا بذلك حدًا لهذه الإمبراطورية التي لم يجد العالم لها مثيلًا بعد ذلك في التاريخ.
اضافة تعليق