معاداة السامية هي أحد أشكال العنصرية ضد اليهود، فعلى الرغم من انتماء العرب والمسلمين وغيرهم إلى الساميين إلا أن معاداتهم لا تصنف من أشكال اللاسامية، وتعود أصولها في التاريخ المسيحي إلى اتهام اليهود بصلب يسوع واضطهاد تلاميذه وتسميم الآبار والتضحية بالأطفال كقرابين بشرية وغيرها من التهم التي أودت في نهاية المطاف إلى طرد اليهود من دول أوروبا الغربية إلى شرق ووسط أوروبا وبلاد المغرب العربي.
مع صعود الحزب النازي إلى الحكم الذي أسسه أدولف هتلر عام1919 زادت وتيرة الدعايات المعادية لليهود مثل أن “اليهود غير ألمان” وأن الروح اليهودية تتعارض مع الكينونة الألمانية متمسكين بنظريات عنصرية تعتبر اليهود عرقاً أقل شأناً من الأمان.
كانت الأفكار النازية بمجملها مبنية على العنصرية القومية والتشدد ضد الأعراق وعلوّ أجناس بشرية معينة على أجناس أخرى ووصل الأمر إلى إبادة الأعراق الدنيا للمحافظة على صفاء الأعراق العليا وبمجرد وصول الحكم النازي إلى الحكم في ألمانيا عام 1933 بدأت الحكومة بتنفيذ خطط الاحتلال والإبادة وبناء المستعمرات بشكل تدريجي وهنا بدأ ما يعرف ب “الهولوكوست” أو المحرقة اليهودية.
معاداة اليهود لم تكن الفكرة العنصرية الوحيدة التي انتشرت خلال تلك الفترة، ففي عام 1920 قام الكاتب والقانوني كارل بايندنك بالاشتراك مع الطبيب النفسي ألفريد هوج بنشر كتاب تحت عنوان “الرخصة للقضاء على الأحياء الذين لا يستحقون الحياة” مع الإشادة أن الكتاب لم يذكر نوعاً من المعاداة تجاه أي عرق أو جنس أو دين معين وإنما التعجيل في القضاء على أولئك المصابين بأمراض مستعصية أو وراثية، أو المقعدين بشكل مزمن في المشافي، وحتى المثليين جنسياً.
استخدم النازيون جميع الأفكار والشعارات المذكورة سابقاً لاستكمال خطتهم في الإبادة الشاملة والتي تم إصدارها على شكل وثيقة عُرفت ب”الحل الخير” ومن بعد وصول النازية إلى الحكم حتى بدأت تظهر العنصرية ضد اليهود تحديداً بأشكال مختلفة كطردهم من الدوائر الحكومية والمؤسسات السياسية ومنع اليهودي من الزواج من غير اليهودية وبالعكس، وحرمانهم من حق التصويت في الانتخابات، ومنع التلاميذ اليهود من دخول المدارس الألمانية العامة.
كانت البداية الفعلية للهولوكوست تتمثل في إجبار أعداد ضخمة من اليهود للعيش ضمن مناطق سكنية ضيقة سّميت بالكيتو، يقطن فيها كل 9 أشخاص في غرفة واحدة ويتحكم النازيون بحركة الدخول والخروج، ومات ضمنها الآلاف نتيجة المجاعة والمرض والتيفوئيد إلى أن تم اصدار الأوامر بنقل اليهود من هذه المناطق إلى معتقلات الإبادة التي أدت إلى مقتل ما يزيد عن 6 ملايين يهودي بالغاز السام أو بالمحارق الجماعية أو شتى وسائل القتل الجماعي الأخرى بالإضافة إلى إبادة 100 ألف شيوعي، 20 ألف ممن اعتبروا مثليين جنسياً، تعقيم أكثر من 400 ألف مريض عقلي أو نفسي، وإنهاء حياة ما بين 200 إلى 300 ألف من المصابين بأمراض نفسية أو بدنية لا أمل في الشفاء منها.
تبقى العنصرية هي السلاح الوحيد الذي يتمسك به من يعترف بضعفه ضمن قرارة نفسه، موت أو نبذ أو حتى تجاهل أي عرق آخر لن يجعلك أكثر تميزاً، وحدها الإنسانية التي تبقى في النهاية بلا أديان وبلا أعراق.
اضافة تعليق