ما هي نظرية اللعبة؟ ما يسميه علماء الاقتصاد بنظرية اللعبة، يشير إليه علماء النفس باسم «نظرية الأوضاع الاجتماعية»، وهو وصف أكثر دقة لفحوى نظرية اللعبة، ويمكن تعريفها بصورة أساسية على أنها عملية إيجاد نتائج التفاعل بين لاعبين أو أكثر، ويمكننا القول بأن الاسم «نظرية اللعبة» قد يكون مضللًا بعض الشيء، فالتفاعل يمتد ليشمل أشياء كثيرة، كالتفاعل بين لاعبي شطرنج، أو التفاعل في سوق الأسهم، أو حتى التفاعل في الحرب، وما يعد مشتركًا بين جميع تلك التفاعلات هو وجود قواعد محددة ومخرجات محتملة.
وبأية حال، يوجد افتراض تسمح به نظرية اللعبة؛ وهو افتراض أن اللاعبين المشاركين هم صناع قرار عقلانيون، وسيبذلون قصارى جهدهم للحصول على أفضل النتائج، ومن الممكن نظريًا أن يصل عدد اللاعبين إلى مالانهاية، غير أن معظم الألعاب تندرج في سياق لاعبين. طورت النظرية بصورة مكثفة في خمسينات القرن الماضي من قبل العلماء، ثم طبقت رسميًا فيما بعد على البيولوجيا في سبعينات القرن الماضي، كما أحدثت بعض التطويرات المشابهة عليها في ثلاثينات القرن الماضي، ومن ذلك الوقت حتى الآن، حصدت النظرية انتباهًا واسعًا عبر أفلام كفلم «أ بيوتيفول مايند» استنادًا إلى إحدى رواد النظرية جون ناش، إضافة إلى فلم «ذا إيميتيشن جيم» استنادًا إلى الرياضي الشهير آلان تورينج.
ليتسنى لنا فهم النظرية بصورة أكبر، يجب إلقاء نظرة على إحدى التطبيقات الشهيرة لها.
معضلة السجينين
تدرس هذه اللعبة في مناهج نظرية اللعبة لتفسير كيفية تجسد المنهج العلمي في النظرية، ويمكن تلخيصها كالتالي:
1. اثنان مشتبه بهما، الأول «أ»، والثاني «ب»، يزج بهما في غرفتي استجواب منعزلتين بعد القبض عليهما لارتكابهما جريمة ثانوية.
2. ترغب الشرطة بإجبارهما على الاعتراف بجريمة كبيرة.
3. يعطى كل مشتبه به فرصة للاعتراف بهذه الجريمة الكبيرة.
4. إذا بقي المشبته به «أ» صامتًا ورافضًا الاعتراف، يذهب عندها إلى السجن لمدة سنة، ونفس الشيء صحيح بالنسبة للمشتبه به «ب»، فإذا بقي كلاهما صامتين، سيذهب كل منهما للسجن لمدة سنة لكل منهما.
5. إذا رضخ المشبته به «أ» أو عقد صفقة مع الشرطة مجرمًا بها المشتبه به «ب»، فإنه عندها سيتمكن من إنقاذ نفسه وعدم الذهاب إلى السجن والعكس صحيح بالنسبة للمشتبه الآخر.
6. إذا رفض المشتبه به «أ» الاعتراف، ووافق المشتبه به «ب» عقد الصفقة مع الشرطة مجرمًا بها «أ»، فإن «أ» سيحظى بثلاثة سنوات في السجن.
7. إذا عقد كل منهما صفقة مع الشرطة، فإن كل منهما يذهب عندها إلى السجن لسنتين.
السؤال: كيف يجب لهما أن يتصرفا في هذه الحالة؟
الحل: إذا تصرف المشتبهان بهما طبقًا لمصلحتهما الشخصية، عندها سيحظى كل منهما بالسجن لسنتين، فمن الذكاء إذن أن يبقى كل منهما صامتًا، غير أن هذا السيناريو نادر الحدوث على الأرض الواقع.
بداية، نستطيع ملاحظة ان الخيار الأفضل لهما كفريق أن يبقيا صامتين، بما أن التجريم والاعتراق يفرض عليهما سنتين في السجن، إلا أنهما إن جرم كل منهما الآخر، سيتمكن الآخر من الهرب من السجن، إضافة إلى إنه بما أن المشتبه به لا يمتلك أدنى فكرة عن خيار المشتبه به الآخر، فيجدر بهما أن يبقيا صامتين معًا، لأن هذا الخيار إن اتخذاه سيحصلان على أدنى فترة في السجن؛ أي عام واحد.
إن هذه المعضلة شبيهة تمامًا بما تفعله الأمم العظمى بتخزينها الأسلحة النووية، فهذا يضمن الدمار الشامل لكلا الأمتين حتى لو رضخت إحداها، برغم أن الخيار الأفضل يبقى بالتخلص من الترسانة النووية تمامًا.
اضافة تعليق