وجدت دراسة عالمية أن تناول مشتقات الحليب مرتبط بتقليل خطر أمراض القلب والشرايين. عندما أصبحتَ مُعتادًا على أكل الجبن، الحليب، واللبن قليلي الدسم أو منزوع الدسم، ها هي تأتي دراسة لتقول: ’’مهلًا، مشتقات الحليب ليست بذاك السوء لقلبك في نهاية المطاف‘‘.
في الحقيقة، تُشير دراسة جديدة أنّه بالاعتدال، يمكن لمنتجات الحليب أن تُخفض مخاطر أمراض القلب والجلطات.
ولكن قبل أن تطلب غالونات من الحليب القشدي كامل الدسم وأقراص جبنة الشيدر الضخمة، يُحذّر بعض الخبراء أنه حتى مع هذه الدراسة الجديدة، يبقى بحث مشتقات الحليب مُشتبهًا به.
ماذا وجدت الدراسة؟
نُشرت دراسة الأوبئة الحضرية والريفية The Prospective Urban Rural Epidemiology (PURE) في الحادي عشر من شهر أيلول في مجلة لانسيت الطبية (The Lancet)، شَملت 21 بلد وضمّت أكثر من 135000 شخص.
تَبِعَ الباحثون الناس لنحو تسعِ سنواتٍ. وجدوا أن الأشخاص الذين تناولوا أكثر من وجبتين في اليوم من الحليب، الجبن، أو اللبن كانت لديهم نسب منخفضة من أمراض القلب الوعائية والوفيات، مقارنةً بهؤلاء الذين أكلوا أقل.
ينطبق هذا الكلام حتى على الأشخاص اللذين تناولوا مشتقات الحليب كاملة الدسم فقط.
يقول الباحثون: ’’يجب ألّا يتم ثني الأشخاص عن تناول مشتقات الحليب أو ربما يجب تشجيعهم في البلاد متوسطة الدخل والقليلة الدخل حيث استهلاك مشتقات الحليب قليل.‘‘
مؤلف الدراسة ماهشيد ديغان Mahshid Dehghan، حاصل على دكتوراه، باحث في معهد الصحة السكانية في كندا Population Health Research Institute، أفاد لصحيفة الغارديان The Guardian أن الأشخاص الذين يعيشون في بلدان أكثر ثراءً ولا يأكلون الكثير من مُشتقات الحليب يمكنهم أيضًا أن يستفيدوا من إضافة المزيد من الحليب، الجبن، أو اللبن الى حميتهم الغذائية.
اكتسبت منتجات الحليب كاملة الدسم سمعتها السيئة لأنها تحتوي على كميات كبيرة من الدهون المُشبعة، والتي ترفع مستويات الكوليسترول منخفضة الكثافة (“الضارّة”)، وهي عامل خطر لمرض القلب. الدهون الزائدة تُضيف أيضًا السعرات الحرارية الى حميتك، وذلك يمكن أن يؤدي الى اكتساب الوزن.
ومع ذلك، يُشير الباحثون الى أن مشتقات الحليب تحتوي على العديد من العناصر المغذية الجيدة لنا، من ضمنها:
- الأحماض الأمينية.
- الدهون غير المُشبعة.
- الفيتامين K-1 وK-2.
- البروبيوتيك.
لذا التركيز على الدهون المُشبعة فقط يُغفل هذه الفوائد. على أية حال، قال ديغان: ’’أن الاعتدال هو الحل لذا الأشخاص الذين بالأساس يأكلون من ست الى سبع حصص من مشتقات الحليب في اليوم لا يجب أن يأكلوا أكثر‘‘.
هل ستغيّر هذه الدراسة من توجهاتنا؟
قال الدكتور ندرو فريمان Andrew Freeman، طبيب قلبيّة، أنه قد تمّت المبالغة بنتائج هذه الدراسة من قِبَل وسائل الإعلام.
يقول فريمان: ’’هذه الدراسة شيّقة ومثيرة للاهتمام، لكن لا أظن أنّها ستغيّر من الطريقة التي أتّبعها – أو التي يتّبعها من هو مطّلع على مجال التغذية‘‘.
وفي دراسة نُشرت سابقًا هذه السنة في المجلة الأمريكية الطبية، وضّح فريمان وزملاؤه بعض أوجه قصور دراسة PURE.
واحدة من هذه الأوجه هي الاستبيانات المتعلقة بوتيرة تناول الطعام والتي تطلب من الناس أن يذكروا متى غالبًا، وما كمية مشتقات الحليب التي يأكلونها. يقول النقاد أن هذا ليس وصف دقيق لما يأكله الأشخاص.
بعض خبراء الصحة سعيدون برؤية الدهون التي كانت سمعتها سيئة سابقًا تعود الى رحاب التغذية.
قال أنجل بلانيلز Angel Planells، حاصل على ماجستير في العلوم، أخصّائي تغذية ومُتحدث باسم أكاديمية التغذية.’’يُظهر البحث أن الحصول على الدهون في الحمية يسمح للأشخاص بالشعور بالشبع بعض الشيء – يقل احتمال تناول المزيد من الطعام‘‘.
ينبه فريمان مع ذلك، أننا يجب أن ننظر الى البحث المُجمل وليس فقط على دراسة واحدة.
قال فريمان: ’’تُشير الدراسة الى أنه ربما هناك مَنفعة من تناول مشتقات الحليب، لكن هناك عدد كبير نسبيًّا من دراسات أخرى تبيّن أنّه يمكن أن يكون هناك ضرَر من مشتقات الحليب‘‘
إحدى هذه الدراسات كانت عام 2014 من السويد والتي وجدت أن النساء اللواتي شربن ثلاثة أكواب أو أكثر من الحليب في اليوم كانوا أكثر عرضة للوفاة بنسبة 93% مقارنًة مع النساء اللواتي شربن اقل من كوب واحد في اليوم. تضمّن هذا زيادة معدلات الوفيات بسبب الأمراض القلبية.
وجدت دراسات أخرى روابط بين تناول المزيد من مشتقات الحليب وزيادة خطر الاصابة بهشاشة العظام، سرطان الثدي، سرطان المبيض، وسرطان البروستات.
قال فريمان: ’’عندما تنظر الى بحثٍ آخر بجانب هذه الدراسة، ماذا تستطيع أن تستنتج؟، الجواب هو: لا أظن أننا نستطيع أن نتخذ نتيجة حاسمة.‘‘
نعم لمشتقات الحليب أم لا؟
لذا عندما تدخل الى سوبر ماركت الحيّ، هل عليك أن تشمل أم تتخطى قسم مشتقات الحليب؟ ’’لقد نشأت العديد من المخاوف المتعلقة بمشتقات الحليب على مر السنوات‘‘، قال فريمان. ’’يمكنني القول أن تناول مُشتقات الحليب يجب أن يكون محدودًا جدًا.‘‘
وإن كان لا بُدَّ من تناولها، يجب أن تؤكل بكميات قليلة ويُفضّل أن تكون قليلة الدسم”. يوافق بلانيلز على أن الاعتدال هو الحل، ولكنه يبقى من مُشجعي تناول مُشتقات الحليب.
’’الشيء الجيد حول استهلاك الحليب أو اللبن هو أنك تحصل على مجموعة شاملة من العناصر المغذية في كل وجبة‘‘. ماذا عن محتوى الدهون؟ يوصي بلانيلز بالحليب قليل الدسم، لكنه يوصي باللبنة كاملة الدسم، والتي تُساعدك على الشعور بالشبع وتعطيك تدعيم إضافي من البروتينات.
يدرك أيضًا أن مشتقات الحليب ليست للجميع. قال بلانيلز: ’’يُحب بعض الأشخاص مُشتقات الحليب، البعض الآخر لا، وبالنسبة للبعض، عدم أكل مشتقات الحليب هو أمر معنوي — إذا كنت نباتيّ – أو ربما لديك حساسية‘‘.
بالنسبة لهؤلاء الأشخاص، هناك طرق أخرى للحصول على التغذية الموجودة في الحليب، ما داموا حريصين على أخذ كل العناصر الغذائية الضرورية. فريمان، مع ذلك، لا يرَ مشتقات الحليب شيء أساسي.
’’نحن الكائنات الوحيدة على الكوكب التي تبحث عن، وتشرب حليب أمهات الحيوانات الأخرى‘‘.
يُشير أيضًا الى أن البحث الذي قام به الدكتور دين أورنيش Dean Ornish حول منافع الأطعمة الكاملة ذات الدهون القليلة النباتية لانحسار أمراض القلب: ’’لا يزال حقيقة قائمة حتى هذا اليوم وهذه مُعطيات قويّة جدًا‘‘.
ولكن حتى ذلك البحث المتعلق بالتغذية له نُقّادُه. هناك، بالطبع، طرق أخرى لمعرفة فيما إذا كانت حميتك الغذائية فعّالة بالنسبة لك أم لا.
الفحوصات الدورية مع طبيبك لقياس مستوى الكوليسترول والشحوم ومؤشر كتلة الجسم يمكن أن تكشف عن مشاكل الجسم باكرًا. والأهم من كل ذلك – كيف تشعر خلال يومك؟.
اضافة تعليق