استخدم سور الصين العظيم إبان الحرب العالمية الثانية كأفضلية تكتيكية في وجه الجيش الياباني، وتوجد بعض الإشاعات التي تقول أن بعض أجزاء السور العظيم ما زالت تستخدم في تدريب الجيش الصيني الحديث. من الواضح أن أجيالًا تعاقبت على بناء هذا الصرح العظيم الممتد على طول 20 ألف كيلومتراً، ولكن لماذا اختارت تلك الحضارة إنشاء مشروع عملاق كهذا؟ ولماذا يرغب أي أحد ببناء سور ضخم مثل سور الصين العظيم؟
لم يسبق أن سعت أي حضارة لمسعى بهذا الحجم، فما الذي دفع الصين إليه؟ من الجدير بالذكر أن السور الصين العظيم لم يبنى من قبل امبراطور واحد، إذ تم بناء أجزاء مختلفة منه في دول مختلفة آنذاك، وفي الأساس، كان السور العظيم مشروعًا قائمًا رفضت الصين القديمة التخلي عنه. في الواقع جواب سؤال “من بنى سور الصين العظيم” يمتلك جواباً واسعاً جداً: عدة سلالات حاكمة على مدى قرون طويلة ومدىً زمني يتجاوز 2000 عام.
مراحل بناء سور الصين العظيم
ولايات متفرقة – بداية سور الصين العظيم
ورد أول ذكر للسور العظيم خلال القرن السابع قبل الميلاد في القصائد الصينية، وقبل أن تتوحد الصين تحت ظل سلالة كين أو تشين، كان هناك مشاحنات كثيرة، إذ تنافست دويلات على السلطة، وحكمت تلك الدويلات من قبل حكام مختلفين.
قرر إحدى هؤلاء الحكام؛ دوق مملكة تشي، بناء سور ليحمي نفسه من مملكة تشو المجاورة، فقام الحكام الآخرين باتباع خطواته وبناء أسوارهم الخاصة بهم، ومثلت تلك الأسوار المراحل البدائية مما يعرف اليوم بسور الصين العظيم.
سلالة كين – توحيد الصين
في عام 221 قبل الميلاد، طرأ شيء استثنائي، إذ وحد الامبراطور كين شي هوانج الصين كلها تحت حكمه، وكما نعرف، فإن القوة الهائلة تتطلب مسؤولية هائلة، لذلك كان على الإمبراطور أن يجد وسيلة جديدة لحماية امبراطوريته، وليتمكن من ذلك، اختار أن يصنع الأفضل مما لديه. فبدأ بوصل جميع الأسوار التي بنيت من قبل وتحصينها بأحدث تقنيات ذلك العصر، فامتد سوره 5000 كيلومتر من ليناتو في الغرب حتى لياودونج في الشرق.
سلاسة هان – توسع الامبراطورية والسور العظيم
في ظل الامبراطورية الجديدة، عمل هان جازو على توسيع السور حتى وصل إلى 6000 كم قبل موته، بدءًا من دانهوانج إلى الشرق وانتهاءًا بالمحيط الهادي إلى الغرب.
سلالة مينغ – النهضة من جديد
أطاحت سلالة مينغ بسلالة يوان الأجنبية في أواخر القرن الثالث عشر بعد الميلاد، وبعودة الصينيين إلى الحكم، قرروا إدخال تحديثات جادة على السور العظيم، الذي مثل الخط الدفاعي الأوحد في وجه الغزاة المستقبليين.
سلالة كينج – النهاية
بغض النظر عن يقظة سلالة مينج وحذرها الدائم، أثبت السور العظيم في عام 1644 م عدم كفاءته في وجه الغزوات الأجنبية، إذ قدم الغزاة من ولاية مانشو الشمالية، فإطاح المانشوريون بسلاسة مينج الحاكمة وأسسوا سلالة كينج الخاصة بهم. ومن المفارقة أن السور العظيم الذي لطالما كان درعًا في وجه الغزاة الأجانب، حكم عليه بأن يحمل سياح أجانب في كل عام وإلى الأبد.
لماذا بني سور الصين العظيم أصلاً
كما هو توقع، يرتبط سؤال لماذا بني سور الصين العظيم بسؤال من بنى سور الصين العظيم. حيث أن المراحل المختلفة من السور كانت موجودة لغايات مختلفة نوعاً ما. كل واحدة من السلالات الحاكمة الصينية كانت تبني أجزاءً من السور لتحمي حدودها مع جيران خطرين سواء كانوا المنشوريين أو السلالات الحاكمة المنافسة، لاكن السبب الاكثر اتفاقاً عليه هو الحماية من غزوات القبائل البدوية من منغوليا، ولهذه الغاية بالتحديد كان السور فعالاً للغاية.
بمواجهة الجيوش التقليدية لا يمتلك السور أية فائدة في الواقع، فهو يستطيع تاخير تقدم الجيش لبعض الوقت، لكن خلال أيام على الأكثر أو حتى ساعات فقط من الممكن لجيش مجهز أن يفكك او يحطم جزءاً من السور الشاسع ويتجاوزه بسهولة بالأخص كون طول السور يعني أن وضع قوات حماية على طوله مستحيل. بالمقابل كانت الفعالية عالية أما الغزاة البدو لأن أعدادهم قليلة وغزواتهم سريعة، وبينما من السهل تجاوز السور لجيش جرار، فحفنة من السارقين الذين يمتطون الخيول سينهون مؤونتهم قبل أن يتمكنوا من إحداث أي ضرر حقيقي بالسور.
اضافة تعليق