تِبعاً لبحث جديد نُشِر في صحيفة سيل -Cell-، فإنّ السّبب ليس أنّنا نملك خلايا عصبيّة أكثر، بل كيفيّة عمل هذه الخلايا العصبيّة.

يقول البروفيسور المساعد في علوم الدّماغ والإدراك في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، مارك هارنيت -Mark Harnett-في حديث لأخبار المعهد ” في الخلايا العصبيّة البشريّة، هناك تقسيم كهربائيّ أكبر، وهذا ما يسمح لهذه الوحدات الصّغيرة أن تكون مُستقلّة نوعاً ما، ممّا يؤدّي فعليّاً إلى تزايد في القدرات الحسابيّة للخليّة الواحدة. “

إنّ هذه التّقسيمات الكهربائيّة تصل إلى ما يُسمّى بالشُّجيرات، وهي عبارة عن بُنى تتشعّب خارج جسم الخليّة، مسؤولة عن نقل المعلومات (بشكل إشارات كهربائيّة) من خليّة إلى أُخرى، إنّها نوعاً ما المُكافئ العضويّ للترانزستور في الحاسوب.

إنّ شبكة واسعة من الخلايا العصبيّة التي تتواصل مع بعضها البعض بشكل مُستمرّ، هي ما يتحكّم بأفكارنا وتصرّفاتنا.
لكن الإشارات الكهربائيّة تضعف عندما تتحرك عبر الشُّجيرات، خارجةً من جسم الخليّة.

لمعرفة كيف يُؤثّر طول الشُّجيرات بالضبط على ميّزاتها الكهربائيّة، قارن الباحثون النّشاط الكهربائيّ للشّجيرات عند الإنسان، بتلك عند الفئران، مستعملين شرائح بحجم ظفر الأصبع من الفصّ الصّدغيّ الأماميّ، مأخوذة من مرضى صرع توجّب عليهم إزالتها أثناء عمليّتهم.

الشجيرات البشريّة أطول من شجيرات الفئران، لأنّ القشرة الدّماغيّة للإنسان أسمك بكثير. فبينما تشمل القشرة الدماغيّة 30% من حجم الدّماغ عند الفئران، فإنّ القشرة الدّماغيّة عند الإنسان تُحيط ب75% من حجم الدّماغ. بعيداً عن هذا الفرق البنيويّ الواضح تماماً، فإنّ إجماليّ تركيب الدّماغ يُشبه ستّ طبقات من الخلايا العصبيّة، في الطّبقة الخامسة يوجد شجيرات تمتدّ حتّى تصل إلى الطبقة الأولى.

استعمل الباحثون عمليّة كهرفيزيولوجيّة تُسمّى الوصلة الخُلويّة -patch-clamp-، لكي يُراقِبوا كيف تتحرّك الإشارات الكهربائيّة على طول الشجيرات في العيّنة، (لقد تمّ تخزين الشّرائح في محلول ليبقى النّسيج حيّاً ليومين). ولأنّ الشّجيرات البشريّة تحتاج أن تكون أطول لتصل الطّبقة الأولى من الطّبقة الخامسة، قام الفريق بإرسال إشارة ضعيفة مقارنة بشجيرات الفئران.

وقد اكتشفوا أيضاً فرقاً في كثافة قنوات الشّوارد التي تتحكّم بالتدفّق الحاليّ بين عيّنة البشر وعيّنة الفأر. بينما عدد قنوات الشّوارد بقي نفسه، فإنّ الكثافة كانت أقلّ في العيّنات البشريّة، يقول هارنيت بأنّ هذا قد يُساعد في تفسير بعض الاختلافات في النّشاط الكهربائيّ.

الآن يجب أن يعمل العلماء على معرفة تأثير هذه الاختلافات في النّشاط الكهربائيّ على الذّكاء البشريّ، إلّا أنّ هارنيت يشكّ بأنّها تسمح للخليّة العصبيّة الواحدة أن تقوم بحسابات معقّدة أكثر، لأن مساحات أكبر من الشُّجيرات تؤثّر في قوّة الإشارات الواردة.

المصدر

اضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة مؤخرا

error: Content is protected !!