دائمًا ما يتعرض الشخص للتأنيب والتوبيخ عندما يقوم بالعطاس أو السعال دون تغطية الفم والأنف، فمن المعروف أنّ تغطية الفم تمنع الجراثيم والفيروسات والجزيئات الصغيرة من الانتشار، ذلك أنّ سبب السعال والعطاس عادةً ما يكون نتيجةً لتخريش أنسجة الحلق والجيوب الأنفية من قبل عوامل ممرضة أو أجسام أجنبية، لذا عندما نقوم بالعطاس أو السعال فإننا بذلك نقوم بإخراج جزيئات صغيرة إلى المحيط لنخلص جسدنا منها، ولكن هذه الجزيئات المطروحة ستتطاير لتستقر على الأشياء المحيطة بنا أو ليستنشقها شخص بالقرب منا، وبهذا فإننا سنكون مصدر عدوى محتملة للأشخاص الآخرين.

ما هو المدى الذي تسافر عبره الجزيئات؟ حسنًا، في السابق اعتقد العلماء أنها لا تتخطى بضعة أقدام مع احتمال خطورة أكبر للجزيئات المتطايرة الأكبر حجمًا نظرًا لكون حجمها يعطيها قوة دفع كبيرة بالإضافة لاحتمالية احتوائها على عوامل ممرضة أكثر، ولكن لسوء الحظ هذا الاعتقاد غير صحيح فقد أُثبِت مؤخرًا أنّ القطيرات الصغيرة يمكنها أن تعبر مسافة أكثر بخمس مرات مما اعتقد سابقًا بينما تستطيع القطرات الصغيرة جدًا أن تعبر مسافة أكثر بـ 200 مرة مما اعتقد سابقًا.

في دراسة أجراها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، قام فيها العلماء بدراسة تفاصيل حركة الجزيئات المطروحة أثناء العطاس وذلك باستخدام آليات تصوير فائقة السرعة، وقد وجدوا أنه إلى جانب تلك الجزيئات المطروحة والتي يمكن التقاطها باستخدام منديل أو حجب انتشارها عبر تغطية الفم والأنف بالوجه الأمامي للمرفق (هذه هي الطريقة الأكثر سلامة من وضع اليد أو القبضة على الفم) يوجد أيضًا سحابة غازية ضخمة تخرج مندفعة أثناء العطاس، وضمن هذه السحابة يوجد تيارات حقيقية يمكنها تحريك القطيرات الصغيرة ضمن السحابة أثناء انتقالها واندفاعها بالاتجاه المعطى لها، وبهذا فالجراثيم والميكروبات يمكنها تنتقل حتى عشرات الأمتار بل ويمكنها أن تنتقل حتى مئات الأمتار، وعلى ذلك فغازات السحابة والجزيئات التي تحملها تنتشر وتمتزج بهواء المحيط وتتأثر بالتيارات الهوائية فيه، وبهذا تنتشر الملوثات في معظم أرجاء المحيط وقد يشمل ذلك الغرفة بأكملها.

على الرغم من أنّ ما سبق لا يعتبر ذا أهمية كبيرة جدًا للكثيرين، إلا أنّ ذلك مهم بشكل كبير في بعض الأماكن كالمشافي والطائرات، فهذا المنشآت تستخدم أنظمة خاصة لتصفية الهواء وهذه المعلومات الجديدة ستغير كليًا فكرتنا حول تصفية وتنقية الهواء، فإذا كان باستطاعة الجراثيم والميكروبات الانتشار لتملئ غرفة بأكملها فهذا يعني أنها قد تُبتَلَع من قبل فتحات الهواء في المنشآت والأبنية لتصل إلى غرف وأجنحة أخرى، لذا فأهمية معرفتنا لحركة العوامل الممرضة وآليات انتشارها تكمن في إيجادنا وسائل يمكنها أن تجنبنا عواقب هذا الانتشار كتنظيف منافذ الهواء بشكل منتظم وتطوير أنظمة تنقية الهواء لتصبح قادرة على التقاط الجزيئات الصغيرة جدًا بحجم 10 ميكرومتر.


 

دانيا الدخيل

دانيا الدخيل

مهتمة بآخر مستجدات العلوم المختلفة واﻷخبار المتنوعة وأحاول المساعدة في نشرها.

الاطلاع على جميع المقالات

اضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة مؤخرا

error: Content is protected !!