خلال الحرب الباردة، فقدت الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من ثمانية أسلحة نووية، ورويت قصص حول فقدان تلك الأسلحة، وهي القصص التي أطلقت عليها وزارة الدفاع اسم «السهام المكسورة»، وتعادل الأسلحة المفقودة ما مجموعه 2,200 ضعف قوة قنبلة هيروشيما التفجيرية.

المفقود الأول: إلى المحيط الهادي: في الثالث عشر من فبراير عام 1950. اتجهت الطائرة قاذفة القنابل «B-36» من آلاسكا إلى تكساس خلال تمرين تدريبي، وفي تلك الأثناء، فشلت ثلاثة محركات وبدأت الطائرة بالهبوط. ولكي يخففوا من الاوزان؛ تخلى الطاقم عن حمولته التي شكلت قنبلة فات مان التي تحمل قوة تفجيرية تعادل 30 كيلوطن واسم القنبلة مارك 4، إلا أن القنبلة تفجرت حالًا بفعل الصدمة عندما ضربت المحيط، ما أنتج بريقًا وهزة أرضية. أما مكونات القنبلة من اليورانيوم، فقد فقدت ولم تجمع مرة أخرى، واستنادًا إلى القوات الجوية الأمريكية، فإنه لم يعثر حتى الآن على قلب البلوتونيوم.

المفقودين الثاني والثالث: إلى الهواء الطلق: في العاشر من مارس عام 1956. اتجهت الطائرة «B-47» حاملة معها سلاحين نووين من قاعدة ماكديل الجوية في فلوريدا إلى قاعدة جوية بحرية، وأثناء إعادة تعبئة وقود خلال الطيران، اختفت الطائرة في البحر الأبيض المتوسط. وبعد اختفاءها في سحابة كثيفة على ارتفاع 14,500 قدمًا، لم يسمع أي أخبار عنها أو عن حطامها، بما فيه حطام السلاحين النووين، وبرغم عدم الكشف عن نوع السلاحين، إلا أنه يقدر بأن الطائرة حملت قنبلتي مارك 14 النووي حرارية التي بلغت قوتها تفجيرية 3.4 ميجاطن.

المفقودين الرابع والخامس: في مكانٍ ما في مستنقعات كارولينا الشمالية: في الرابع والعشرين من يناير عام 1961. تحطمت الطائرة «B-52» وهي تحمل قنبلتين بقوة تفجيرية 24 ميجاطن لكل منهما أثناء إقلاعها من قاعدة جوية في غولدزبورو في كارولينا الشمالية، وغرق إحدى السلاحين في أرضٍ زراعية مستنقعية، ولم يعثر أبدًا على قلب اليورانيوم برغم جهود البحث المكثفة للبحث على أعماق وصلت إلى 50 قدمًا. ولكي تضمن عدم استعادة السلاح من قبل أي أحد، اشترت القوات الجوية حق الدخول الدائم من الحكومة لتمنع بذلك أي أحد من الحفر في تلك الأرض.

المفقود السادس: حادثة في اليابان: في الخامس من كانون الأول عام 1965. انزلقت طائرة سكاي هوك «A-4E» التي تحمل قنبلة هيدروجينية بقوة تفجيرية تعادل 1 ميجاطن من حاملة الطائرة الأمريكية «U.S.S Ticonderoga» ووقعت في المحيط الهادي. فسقطت الطائرة حاملة معها السلاح إلى عمق 16,000 قدم في الماء ولم يعثر عليها بعدها. وبعد مرور الحادثة بخمسة عشر عامًا، أقرت بحرية الولايات المتحدة الأمريكية بحدوثها على بعد 500 ميل من اليابسة ما يعني أنها لا تشكل خطرًا، ليتبين فيما بعد خطأ هذا الادعاء، إذ حصلت الحادثة فعليًا على بعد 80 ميلٍ من سلسلة جزر ريوكو اليابانية، لأن حاملة الطائرات كانت مبحرة نحو مدينة يوكوسوكا اليابانية، بعد انتهاءها من مهمة تفجيرية في فييتنام. وشكل هذا الاكتشاف اضطرابات سياسيًا لدى الأوساط اليابانية، هذا لأن اليابان منعت الولايات المتحدة الأمريكية من إحضار أية أسلحة نووية إلى أراضيها.

المفقودين السابع والثامن: 250 كيلوطن من القوة التفجيرية: في ربيع عام 1968. بينما كانت الغواصة النووية «سكوربيون» عائدة إلى قاعدتها الأم في نورفولك في فيرجينيا، غرقت وهي مبتعدة عن جنوب غرب جزر أوزورس ب400 ميل، وفضلًا عن خسارتها المأساوية لتسعة وتسعين من طاقمها، فإنها كانت محملة بسلاحين نووين مجهولين، ويعتقد أنهما كانا إما صواريخ مضادة للغواصات أو طربيدات برؤوس نووية. ما يعني أنها قد تسبب قوة تفجيرية تعاد 250 كيلوطن.
ولكن، ماذا عن جزيرة تيبي؟ خسرت الولايات المتحدة الأمريكية رأسا حربيًا في جزيرة تيبي في جورجيا في عام 1958، ووفقًا للقوات الجوية الأمريكية، فإن الرأس الحربي لم يمتلك قلب بلوتونيوم لذلك لم يعتبر عندها سلاحًا نوويًا، وعقدت جدالات عديدة ونوقشت مصداقية القوات الجوية الأمريكية حول ذاك الحدث.


المصدر

قصي أبوشامة

قصي أبوشامة

قصي أبوشامة
مهندس مدني من الأردن، أسعى إلى زيادة الوعي في التقدم المعرفي والمنهج العلمي وتعزيز بنية الفرد العربي ثقافياً وإنسانياً

الاطلاع على جميع المقالات

اضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة مؤخرا

error: Content is protected !!