تستحق القصص الجيدة بعضًا من الزخرفة والتزيين، وعلى الرغم من أن ذلك مفيدٌ لحياكة قصص الخيال، إلا أن التاريخ لا يغفر هذه الأشياء أبدًا، إذ أن التفسيرات الخاطئة للأحداث، والافتراضات العديدة تتحول مع مرور الوقت لتصبح حقائق في الكتب المدرسية.

أولًا: لم يكتب شكسبير أي شيءٍ قط، فالكاتب كان أحدًا آخر: ولد شكسبير ونشأ في مركز تجارة أغنام، حيث لم يكن يستطيع الحصول على المعرفة الكافية لكتابة تلك التفاصيل الدقيقة للسياسة، أو أيه خدع أو مؤامرات المحكمة، وثقافات البلاد الاخرى، بالإضافة إلى أنه لا يوجد توقيع فريد أو خاصٌ للكاتب، إذ وُقعت جميع أعماله بتواقيع مختلفة، وحتى أن اسمه الأخير كُتب بثلاث طرق مختلفة ورُفضت هذه الفرضية، إلا أنها لاقت دعمًا من قبل شخصيات هامة كتشارلي شابلن، ومارك توين، وسيغموند فرويد.

ثانيًا: لم تطلب ماري أنطونيت من الفلاحيين أكل الكيك: يُزعم أن الملكة الفرنسية ماري أنطونيت قالت للفقراء في أحدى المرات «إن لم يكونوا يملكون الخبز، فليأكلو الكعك!» ولكن كان أول من كتب هذه العبارة والتي يفترض أن بعضًا من الملوك قالوها هو جان جاك روسو، ولكن لم تقلها ماري أنطونيت، لأنها كانت عندها تبلغ من العمر 9 أعوام، وكانت ما زالت تعيش في النمسا، وفي رواية أخرى فإن الملكة قالت هذه الكلمات بالفعل، ولكن ليس بنيةٍ سيئة، إذ أن القانون في ذلك الوقت ألزم الخبازين خفض أسعار الخبز باهظ الثمن خلال الأزمات، وربما هذا ما كانت تعنيه الملكة.

ثالثًا: لم يبن العبيد الأهرامات: كان هيرودوتس أول من كتب حول عمل العبيد في بناء الأهرامات، إلا أن المؤرخ القديم عاش في وقتٍ لاحقٍ بكثيرٍ من الوقت الذي بنيت فيه الأهرامات، كما وجد علماء الآثار في أوائل التسعينات قبور أشخاص عملوا في بناء الأهرامات، ودفنوا بطريقة لا توحي بأنهم عبيد، وبقرب الفراعنة أنفسهم، ووجد فحص هياكلهم أن هؤلاء الأشخاص تغذوا بشكلٍ جيدٍ، وعملوا بنظام المناوبة، لذلك من الواضح أنهم كانوا عمالًا، وليس عبيدًا.

رابعًا: حزام العفة كذبة: تروي القصص بأن الرجل الذي كان يغيب للمحاربة في الحملات الصليبية، كان يضع حزامًا معدنيًا على زوجته، ويأخذ المفتاح معه، كي لا تخونه أثناء غيابه، إلا أنه لا يوجد امرأة تستطيع تحمل شيءٍ كهذا لأكثر من بضعة أيام، وستموت في النهاية إثر الإصابة بالتسمم، أو تعفن الدم، ولا يوجد مصدرٌ موثوق من العصور الوسطى يخبر أي شيءٍ عن جهازٍ كهذا، كما تبين أن الأحزمة التي وجدت في الحاضر مزيفة.

خامسًا: فقد تمثال أبوالهول أنفه قبل وقتٍ طويلٍ من وصول نابليون إلى مصر: يشيع سوء فهم بأن نابليون خلال حملته على مصر خلال (1798-1801)، أمر جنوده بالتدرب على إطلاق النار على أبو الهول كهدف، وخسر التمثال أنفه بهذه الطريقة، ولكن في الحقيقة كان التمثال بلا أنفٍ عندما أتى نابليون إلى مصر، ويثبت ذلك نقوشًا أو رسومًا رسمها بعض المسافرين، قبل عقودٍ من الحملة الفرنسية، كما يوجد مصدرٌ يفيد بأن متعصبً عربي كسر الأنف في القرن الرابع العاشر.
سادسًا: دمرت مكتبة الإسكندرية قبل الحريق المشهور بفترةٍ طويلة: من المفترض أن آلاف المخطوطات والمعرفة التي لا تقدر بثمنٍ، احترقت خلال هجمة يوليوس قيصر على الاسكندرية في مصر، ولكن الحقيقة أن القيصر لم يجد أي شيءٍ لتدميره، إذ كانت المكتبة في ضررٍ بالغٍ قبل وصوله بكثير من قبل أعداء آخرين، وحتى من قبل متعصبيين دينيين قبل ذلك، ولكن ذلك ليس السبب أو النقطة الرئيسية، إذ أن سبب سقوط مكتبة الاسكندرية الرئيسي هو تخفيض الدولة نفقاتها تدريجيًا على احتياجات المكتبة، وألغاء المنح الدراسية، كما مُنع العلماء من زيارة المكتبة، فهُجرت المكتبة في نهاية الأمر.

سابعًا: لم يكن حصان طروادة موجودًا: لسوء الحظ لا يوجد مصادر غير الإلياذة لهوميروس تخبرنا أي شيءٍ عن حرب طروادة، مما أدى إلى ارتباط العديد من الأساطير والخرافات بالقصة، ويعتقد بعض الباحثون بعدم وجود حصانٍ خشبي، بل مجرد خروف أو كبشٍ يشبه الحصان، أو سلاح للحصار من التي عادةً ما سميت باسم حيوان، بينما يقترح آخرون بأن حصان طروادة كان زلزالًا دمر جدرانها، وعلى أي حال، يبدو أن قصة الحصان هي مجرد قصةٍ فحسب.


 

قصي أبوشامة

قصي أبوشامة

قصي أبوشامة
مهندس مدني من الأردن، أسعى إلى زيادة الوعي في التقدم المعرفي والمنهج العلمي وتعزيز بنية الفرد العربي ثقافياً وإنسانياً

الاطلاع على جميع المقالات

تعليق واحد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة مؤخرا

error: Content is protected !!