ماذا يخبئ الأرشيف السري للفاتيكان: يظن البعض أن الأرشيف السري للفاتيكان يخبئ دلائل على وجود حياة خارج الأرض، بينما يقول البعض الآخر أنه يحتوي نصوصًا قديمًة تنقض وجود المسيح و تنفيه، أو حقائق مظلمة تدمر الكنيسة، ولكن كلمة لاتينية واحدة أسئ فهمها ” Secretum” كانت مسؤولة عن هذا اللغط كله وعن نظريات المؤامرة التي تدور حول الأرشيف السري للفاتيكان.
الأرشيف، أو باللاتينية Archivum Secretum Apostolicum Vaticanum يحتوي على سجلات تاريخية تسجل أحداثًا مهمة و مثيرة للاهتمام، كما أن محتوياته نهبت سابقًا من قبل نابليون و نقلت إلى باريس و بقيت هناك لمدة 12 قرنًا، و كمثال عنها:
– الوثيقة التي بدأت الإصلاحات البروتستانتية: مرسوم الحرمان الصادر من البابا ليو العاشر ضد مارتن لوثر.
– 1530 التماس من قبل 85 رجل دين انكليزي و لورد يطلبون من البابا كليمينت السابع أن يلغي زواج الملك هنري الثامن من الملكة كاثرين، وقد أرفق العديد منها بالتواقيع من المعترضين وكل منها رمز إلى مكانه بشريطة حمراء، و لكن البابا كليمنت طبعًا قد رفض مما أدى إلى تأسيس الكنيسة الإنجيلية.
– رسالة أرسلها مايكل أنجلو إلى البابا ينبهه فيها إلى أن حرس الفاتيكان لم يستلم رواتبه منذ ثلاثة أشهر و أنهم يهددون بالرحيل في حال عدم تسلمها.
– بعد مضي سنة من وصول كولومبوس إلى الأرض التي أصبحت فيما بعد تعرف بأمريكا الشمالية، أصدر البابا ألكسندر السادس عام 1493 ما عرف باسم إنتر سيتيرا، وهو الثور البابوي الذي قسم العالم الجديد بين إسبانيا و البرتغال.
– رسائل أرسلها ابراهام لينكولن و جيفرسون ديفيس إلى البابا بيوس التاسع، تقول بأن الجنوب كان ضحية بريئة للعدوان الشمالي، بالرغم من أن كلا الرجلين غير كاثوليكيين.
– مذهب الحبل بلا دنس أو الحمل الطاهر، الذي يقول أن مريم قد ولدت بدون الخطيئة الأصلية، تم التعبير عن الفكرة في عام 1854 على قطعة من الرق و تم حفظها في الفاتيكان.
– محاكمات شهيرة للفاتيكان مكتوبة بخط اليد، تتضمن قضايا ضد فرسان الهيكل في أوائل القرن الرابع عشر، و عالم الفلك الشهير غاليليو في القرن السابع عشر، الذي حوكم من قبل الفاتيكان بتهمة الهرطقة، و أمضى بقية حياته قيد الإقامة الجبرية.
– عندما تنازلت ملكة السويد عن العرش في عام 1654، تحولت من اللوثرية إلى الكاثوليكية و انتقلت إلى روما، و هي اليوم إحدى النساء القلائل التي تم دفنهن في بازيليك القديس بطرس، و يحتوي الفاتيكان على رسالة تعلن تحولها.
يقول الفاتيكان أن الكلمة اليونانية Secretum، تتم ترجمتها خطًأ إلى “السري” و لكنها تعني بشكل أدق “الشخصي” وتشير إلى الرسائل الشخصية و السجلات التاريخية للبابوات السابقين، و في الواقع، فإن الأرشيف لم يعد سريًا منذ عام 1881، عندما فتحه البابا ليو الثالث عشر أمام الباحثين، و قد أنشأ البابا بولس الخامس الأرشيف في عام 1612، واحتفل الفاتيكان بعد 400 عام على إنشائه بعرض 100 وثيقة منه على العامة لأول مرة في معرض سمي بمعرض لوكس، وسلط هذا المعرض الضوء على الماضي البابوي و لون بعض الأحداث المهمة التي شكلت التاريخ.
أمضى عالم الأنثروبولوجيا ديفيد كيرتزر سنوات في البحث و الاطلاع على أرشيف الفاتيكان ليصدر كتابه “The Pope and Mussolini”، ويقول في هذا الكتاب أن البابا بيوس الحادي عشر و سكرتيره الذي أصبح فيما بعد البابا بيوس الثاني عشر، عقدا صفقة مع موسوليني لحماية مصالح الكنيسة مقابل صمتها على معاداة السامية التي ترعاها الدولة، و يقول كيرتزر:” يتحدث الناس، ويتحدث العلماء، هل هنالك أشياء لا تتم إتاحتها للجميع لأنها تعتبر غير مهمة من وجهة نظر الكنيسة؟” ولكنه صرح أيضًا أن الأرشيف السري يتم رعايته من قبل مجموعة محترفة من الموظفين.
ولكن هذا لا يعني أن الأرشيف السري سهل الدخول، فالباحثون يعبرون بوابة سانت آنا المحمية من قبل الحرس السويسري، ثم يمشون عبر Cortile del Belvedere و يظهرون بطاقات خاصة يجب أن تجدد كل ستة أشهر، علمًا بأن الصحفيين و الطلاب و الباحثين الهواة غير مرحب بهم، وبعد دخول الشخص يمنع عليه التصفح، بل يطلب وثائق محددة مستخدمًا كتالوجات ضخمة بعضها مكتوب بخط اليد باللاتينية أو الإيطالية، و يسمح لهم بطلب ثلاثة مجلدات في اليوم ليس أكثر، وإذا أدركوا أن ما يبحثون عنه غير متواجد في الملفات التي طلبوها و لو بعد دقائق، فلا يستطيعون فعل أي شيء و يضطرون للعودة في اليوم التالي، مما يشكل تحديًا للباحثين الذين يلتزمون بمواعيد محددة أو لذين يسارون لمسافات طويلة، كما يمنع إدخال الهواتف المحمولة، ويسمح فقط بإدخال الحواسيب.
يدرس الآن البابا فرنسيس توقيت فتح الأرشيف الكامل للبابا بيوس الثاني عشر، الذي يطلق عليه البعض اسم “البابا هتلر”، إلا أن أتباع الكنيسة التقليديين يقولون أنه خبأ الكثير من اليهود في أيام النازية. بالنسبة للفاتيكان، فإن الدسيسة و الغموض و المؤامرات مترافقة مع حدود أراضيه، أما بالنسبة لقسم الأرشيف “السري”، هنالك شفافية حول الكثير من العناصر الموجودة فيه بعكس الفكرة المعروفة عنه.
اضافة تعليق