يشار لتايوان بتايبيه الصينية أثناء الأولمبياد وأحداث عالميةٍ أخرى، ما قد يولد إرباكًا خصيصًا للأشخاص الذين لا يفهموا تاريخ النزاع بين هذين البلدين، فإن كنت تتساءل عن مكان تايبيه الصينية على الخريطة، ربما تساعدك هذه المقالة.
تطور الصين: كانت السبعين سنة الماضية مثيرةً للاهتمام بالنسبة للصين، فتاريخها يعج بالإمبراطوريات والعصور والتحولات السياسية، ووقعت آخر ثورة في العام 1949، وحاز الكومينتانغ ( وهو الحزب الوطني الصيني) على السلطة لما يقارب 40 عامًا، ولكن الجيش الشيوعي بقائده ماو تسي تونغ أطاح بهذه الحكومة قبيل منتصف القرن خلال حربٍ أهلية وحشيةٍ ودموية.
إذًا كان الكومينتانغ قد ترأسوا جمهورية الصين، قبل أن يطيح بهم الشيوعيون الذي أنشأوا جمهورية الصين الشعبية في نهاية المطاف، إلا أنه وقبل أربع سنوات من ذلك في العام 1945، استولى حزب الكومينتانغ على تايوان من يد اليابانيين بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، أما عن تايوان فهي دولةٌ جزرية تبعد 100 ميلٍ عن الساحل الشرقي للصين، وتبلغ مساحتها 14 ألف ميلٍ مربع وعرفت سابقًا باسم فورموزا، وكانت هذه الجزيرة تحت سيطرة جمهورية الصين، ولكنهم تخلوا عنها بعد أن طرد الشيوعيين الحزب الوطني من البر الرئيسي للصين، وبذلك وبحسب قانون الأحكام العرفية الصارم لشيانغ كاي-شيك، أصبحت تايون كيانًا مستقلًا وآخر معقلٍ للجمهورية الصينية.
وعلى الرغم من رؤية كثيرٍ من الناس لتايوان على أنها نتيجةٌ حديثةٌ نسبيًا من الانتصار الشيوعي في العام 1949، إلا أنها أُهِلت بالسكان لعشرات آلاف السنين وكانت نقطةً حرجة على مر السنين، لكن رغبة جمهورية الصين في الوقت الحاضر في اعتراف بقية العالم بتايوان كدولةٍ مستقلة أكثر تعقيدًا مما تعتقد، ويتطلب شرح ذلك قليلًا من التاريخ.
ما القصة مع تايبيه الصينية؟ بالنظر لطبيعة العلاقة المعقدة بين الأرض الرئيسية للصين ( جمهورية الصين الشعبية) وتايوان ( الجمهورية الصينية)، فكان من الضروري وجود أرض محايدة أو اسم عند مشاركة الجهتين في نفس الأحداث العالمية كالأولمبياد والألعاب البارالمبية والألعاب الأسيوية وكأس العالم وغيرها، وعلى الرغم من مطالبة كلاهما بالسيادة على الدولة الجزرية، إلا أن تايوان ترفض أن تصنف تحت سيطرة جمهورية الصين الشعبية.
بدأت المشكلة الحقيقة باسم اللجنة الأولمبية، إذ أن لكل دولة اسم ولكن كلا من الصين وتايوان كانتا تطلقان على لجنتهما اسم «اللجنة الأولمبية الصينية» فكان مربكًا وغير مقبول ولم يتوقف الجدال هنا، فمن حيث كيفية تقديم الرياضيين والفرق كانت تايوان تقدم لاعبيها على أنهم “من الصين”، غير أن تايوان مُنعت من استخدام اسم الصين في العام 1976 لأن جمهورية الصين الشعبية أصبح معترفٌ بها دوليًا ولها الحق برفض استخدام كيانٍ آخر لاسمها، فقاطعت تايوان دورة الأولمبياد تلك ووافقت على مشاركتها في العام أولمبياد العام 1984 بمجرد تسوية مسألة الاسم تلك.
لذلك فإنه تم طلب اسم غامض، اسم لا يشير إلى سيادة تايوان على الصين، ولا يشير إلى سيطرة الصين على تايوان، إذ أن استخدام كلمة “تايوان” أو ” تايوان الصينية” أو ” تايوان الصين” يشير أن الدولة الجزرية ربما ما زالت تابعةً للبر الرئيسي للصين وتهمل الجزر الأخرى الواقعة تحت سيطرة جمهورية الصين، فاستقرت جمهورية الصين في النهاية على اسم تايبيه الصينية حيث وضع ذلك حدودًا غامضة لسيطرة جمهورية الصين، والسبب وراء موافقة بكين على هذه التسوية أن الأسم أشار إلى فصلٍ واضحٍ بين تايوان والبر الرئيسي للصين، وليس استقلالًا تامًا.
و يعرف حاليًا الاسم الرسمي لجمعية الأولمبياد التي تمثل رياضي تايوان ب ” لجنة تايبيه الصيبنية الأولمبية “، فالعلاقات الدولية ليست سهلةً إطلاقًا كما ترى، خصوصًا إن كان أعداؤك الأيديولوجيين يفصلهم عنك 100 ميل من الماء، ولكن على الأقل سيكون الأولمبياد أكثر هدوءًا، إذ لن تتعدى دولة صينية على اسم أخرى.
اضافة تعليق