تنجح نظريات المؤامرة بالانتشار في مجتمعاتٍ ترفض الحقائق الموضوعية. وعندما تفشل الحقائق في الانحياز للمعتقدات والرغبات، يلجأ الناس للخيالات وتنسج أخيلتهم افتراضات لدعم أفكارهم. وبينما يخجل معظمنا من هذه الأوهام، يبني عدد مذهل (ومزعج إلى حد ما) تلك الفرضيات، وينشرها مؤيديها الأكثر حزمًا آملين جذب عدد كافٍ لهم ليصبحوا موضع نقاش وسائل الإعلام الرئيسية، وينجحون بذلك في كثيرٍ من الأحيان.
ومن تلك النظريات اغتيال جون ف. كيندي والصعود المزيف للقمر وتدبير الرئيس بوش لتفجير 9/11 وشهادة ميلاد أوباما المزورة وافتراض أن الاحترار العالمي محض خدعة، ويوجد بعض المؤامرات أكثر غرابة تبنتها شريحة كبيرة من الناس، إذ أجرت مؤسسة التصويت الأمريكية (استطلاع السياسة العامة)، مسحًا لنسبة الأمريكيين الذين يؤمنون بنظريات المؤامرة مع مراعاة انتماءاتهم السياسية.
ويقول السياسي دين ديبنام «تشكل أكثر نظريات المؤامرة جنونًا جذبًا للاستقطاب الحزبي، وخصوصًا عندما تكون الايحاءات السياسية مشاركةً في الأمر، إلا أن معظم الأمريكيين يرفضون الأفكار الحمقاء حول الصعود المزيف للقمر أو السحالي التي تغير شكلها» ونستكشف فيما يلي 10 من نظريات الموامرة الأكثر جنونًا والسائدة في ثقافتنا المتشككة.
أولًا: نظام عالمي جديد 28% (87,895,931 من المصدقين): يؤمن أكثر من ربع الأمريكين أن مجتمعًا سريًا من نخبة أقوياء دبروا وشرعوا بالتخطيط لاستحواذٍ عالمي كامل النطاق، ويخطط هؤلاء الأفراد المتآمرين على وضع حكومةٍ عالمية استبدادية باستخدام تأثيرهم الواسع ومواردهم الوافرة، ما سيسقط الحواجز الوطنية، فألهمت هذه الفرضية بعض المؤامرات الناتجة المثيرة للاهتمام، وباتحاد تصوراتٍ دائمةٍ أخرى كالحملات العالمية لاستيلاء الماسونية وجماعة المتنورين وبروتوكولات حكاء صهيون والرايخ الرابع.
وواحدة من أكثر النواتج لهذه الفرضية إثارةً للجدل تعرف ب”مشروع الشعاع الأزرق”، وهي فرضية نشرها أول مرة الصحفي سيرجي موناست، الذي مات ميتةً غامضةً بسبب نوبةٍ قلبية في غضون أسابيع من موت صحفي آخر كان يستكشف مشروع الشعاع الأرزق آنذاك، والأمر الغريب أنه قدم تقريرٌ بعدم وجود تاريخ أمراض قلبٍ لكليهما.
ويفترض المؤامراتيون أن مشروع الشعاع الأزرق هو جهد تعاوني بين ناسا وجماعة المتنورين لتطبيق دينٍ جديد مع المسيح الدجال عند ظهوره، وتقترح النظرية أن النظام العالمي الجديد لن ينجح ما لم يتم تأسيس اعتقاد عالمي بالدين الجديد، ولإجبار الناس على اتباع شخصية الدجال الجديدة ، إذ قام التآمرين مسبقًا بتدبير هزاتٍ أرضية وزيفوا اكتشافات علميةٍ مختلفة، وسيطلقون في النهاية عرض فضاءٍ عملاق باستخدام صورٍ ثلاثية الأبعاد تعرض في السماء بواسطة الليزر، ويصاحبها أصوات ثلاثية الأبعاد لإقناع الجماهير أن الرب يتكلم معهم.
وإن لم يكن صوت الرب كافيًا لإجبار الناس على العبودية والخنوع، فإن الحكومة ستستخدم اتصالاً باتجاهين مكبرًا التكرونيًا اعتمادًا على موجات ELF و VLF و LF والتي ستبث صوت الرب مباشرةً لعقول الجمهور المطمئن، فمن الأفضل أن تجلب قبعات رقائق الألمنيوم التي تحمي من المجال الكهرومنغناطيسي.
وفي حين إيمان 28% من الأشخاص بمؤامرة نظام العالم الجديد، توجد نسبة أخرى تعادل 22% لم تحسم أمرها بعد، ما يعني أن 50% كاملة من السكان يعتبرون أن الفكرة معقولة.
ثانيًا: الرئيس باراك أوباما هو المسيح الدجال 13% (40,808,825 من المصدقين): أعلن ما مجموعه 13% إيمانهم الذي الراسخ بكون الرئيس أوباما هو المسيح الدجال، في حين أن 13% من المستطلعين تكلموا بغموضٍ حول المسألة، ويوجد لهذه الفرضية هامشٌ سياسي ضئيل، ومن المثير للاهتمام ملاحظة الانقسام بين الجمهوريين والديموقراطيين حول المسألة، وعرف 38% من أولئك الئين يؤمنون بكون أوباما هو الدجال أنفسهم كمتحفظين، بينما 17% منهم اعتبروا أنفسهم متحررين، ومن الواضح أن الجمهوريين متخمين بالحجج التي تستخف بآداء أوباما الوظيفي، ويحتاجونه أن يكون من نسل الشيطان.
ثالثًا: السحالي البشرية (أنونانكي) يديرون حكومات عالمنا 4% (12,556,562 مصدق): نعم، ما قرأته صحيح، إذ يؤمن شريحة من مواطنينا أي أكبر من عدد سكان أوهايو بالكامل بسيطرة أشخاص يغيرون أشكالهم لزواحف، فيعتقدون أنهم يتشكلون على هيئة إنسان ويمتلكون القوة السياسية للتلاعب بمجتمعاتنا، ويعتقد ما نسبته 7% إضافية من السكان أن للفرضية بعض الصلاحية أو الجدارة ولكنهم لم يقرروا بعد بطريقة أو بأخرى.
سأعطيك لحظة لتستوعب هذه المعلومة، وبالنسبة لأولئك المتشككين، يوجد وفرة من البراهين على الانترنت، وفقط في هذا الأسبوع ظهرت أدلةٌ تلمح أن المغني جستن بيبر هو في الحقيقة سحلية بشرية يغير شكله، وفي الواقع سيفسر ذلك الكثير إن كان حقيقيًا.
رابعًا: السبب الشيطاني وراء وجود الفلورايد في مياه الحنفية لدينا – 9% (28,252,264 من المصدقين): أطلق مجموعة من المرتابين صرخة جماعية مفادها «على الحكومة البقاء بعيدًا عن مياهي» إذ يؤمن ما يقارب واحدٌ من كل عشرة أمريكين بإضافة الحكومة للفلورايد لإمدادات مياهنا، ولكن ذلك ليس لأسباب صحة الأسنان، وإنما لأسباب شريرة أخرى، ولا يسعني إلا تمني وجود سؤال للمشاركين لتوضيح هذه الأسباب الشريرة، هل تخطط الحكومة تحولينا إلى جيش قتلة شيوعيين من الأموات الأحياء لإخافة خصومنا عن طريق وميض مجموعة من الأسنان البيضاء اللؤلؤية؟ وهل الفلورايد هو مادةٌ مسببة للسرطان تنشر بين الجموع للسيطرة على نمو السكان؟ والعديد من الأسئلة غير المجاب عنها.
خامسًا: تستخدم الحكومة التلفاز للسيطرة على عقلك 15% (47,087,106 من المصدقين)
يؤمن ما نسبته 15% من الأمريكين بإضافة الحكومة أو الإعلام تكنولوجيا للتحكم بالعقل لإشارات البث التلفزيوني، ونسبة 15% أخرى غير متأكدين من ذلك.
وانحدرت الفرضية من سلسلة من التجارب أجراها هربرت كروجمان في العام 1969، كانت قد فحصت تأثير التلفاز على موجات الفرد الدماغية، وبحسب موقع “Truthstream Media” الإخباري:
“راقب كروجمان شخصُا عبر عدد من المحاولات، ووجد تغير موجات دماغ ذلك الشخص من موجات بيتا – وهي موجاتٌ دماغيةٌ مرتبطةٌ مع الأفكار المنطقية والنشطة – لموجات ألفا بشكلٍ رئيسي، وذلك في أقل من دقيقة من مشاهدته للتلفاز، وعند توقف مشاهدته للتفاز والبدء بقراءة مجلة، عادت الموجات الدماغية لموجات بيتا.”
لذلك تعتقد تلك النسبة بأن الحكومة تستخدم الإعلام لبث برامج خاصة لمساعدة الناس على تعديل بعض المواقف أو التصرفات، وأن بعض البرامج ترتبط بما يسمى بالإدراك اللاشعوري أو الإدراك خارج الحواس أو التنويم المغناطيسي، ربما قد حان الوقت الذي سأبدأ فيه بمسك كتابٍ عوضًا عن جهاز التحكم عن بعد.
سادسًا: تخترع الصناعات الطبية والصيدلانية أمراض جديدة لزيادة الأرباح 15% (47,087,106 من المصدقين): لا يمكننا التأكد من وجود أي علاقةٍ بين ال47 مليون شخص الذين يؤمنون بالتحكم بالعقل عبر التلفاز، وال47 مليون الآخرين الذين يؤمنون بتحالف الصناعة الدوائية مع الطبية لاختراع أمراض جديدة لزيادة الأرباح، ولكنها من المؤكد صدفةٌ غريبة.
حسب النظرية، فمن الواضح أن شركة الأدوية الامريكية “Pfizer” والمستشفى الأكاديمي المتعدد الاختصاص “Cleveland clinic” غير مهتمين بجعل العالم بصحةٍ أفضل، بل متورطون في مؤامرة ضخمة لإدامة دورات جديدة من الأمراض وربح النقود نتيجة لذلك، فمن سمع بمتلازمة تململ الساقين قبل بروز Big pharma على الساحة؟ فيجب أن تكون مختبرات التكنولوجيا الشيطانية تلك في جونسون&جونسون وراء هذا الوباء المتنامي.
سابعًا: وكالة الاستخبارات الأمريكية وزعت المخدرات على المدن الداخلية 14% (43,948,966): وبذكر أفضل تعبير للمغني كاني ويست «لا يكترث أي من الرئيس رونالد ريجان ووكالة الاستخبارات الأمريكية بأمر الأناس السود» فبحسب شريحة أصحاءٍ من الأمريكين فإنهم يعتقدون أن وكالة الاستخبارات الأمريكية كان لها دورٌ فعال في توزيع الكوكايين على الأمريكين في المدن الداخلية في العام 1980 – ما نسبته 15% يشكون في الموضوع، و30% آخرون يعتقدون أنه أمر ممكن.
ونما هذا الاعتقاد من سلسلة تتكون من ثلاث مقالاتٍ نشرت في العام 1996 بواسطة صحيفة ميركي نيوز الأمريكية التابعة لمدينة سان خوسيه، فيما يتعلق بوباء مخدر الكوكايين والجيش المقاوم لجمهورية نيكراجوا تحت عنوان، «تحالف الظلام: القصة وراء تفشي المخدرات»
فأشارت المقالة «أن وكالة الاستخبارات الأمريكية ومنظمات أخرى تابعةٌ لحكومة الولايات المتحدة الأمريكية هي المسؤولة عن تفشي المخدرات التي دمرت مجتمعات السود عبر البلاد، كما أنها حمت تجار المخدرات النيكراجوايين الذين يمدون بالأموال جيش الحرب المقاوم من الملاحقة القضائية ومن سمح لهم ببيع كمياتٍ هائلة من الكوكايين عن دراية لمواطني جنوب وسط لوس أنجلس السود وكل من غض الطرف عن نشاطاتٍ كهذه.
و بحسب استعراض الحادث الذي أجرته وزارة العدل نفت صحيفة ميركي نيوز وجود تلك الادعاءات في المقال، ولكن من يستطيع الوثوق بوزارة العدل للمحافظة على النزاهة في مواضيع كهذه، وهي ذراع آخر من أذرع الحكومة غير الموثوقة.
ثامنًا: نفثات عادم الطائرة في الواقع مواد كيميائية خطرة ترشها الحكومة في السماء 5% (15,695,702 مصدق): يؤمن ما نسبة 30% من الأمريكين أو ينوون أخذ الأمر بعين الاعتبار، باحتمالية كون بخار عادم الطائرة الذي يرى في السماء، يشكل مواد كيميائيةٍ ترشها الحكومة لأسباب خبيثة، فمن الأفضل أن تحضر قناع غازٍ ذو جودةٍ عالية، لأنه من الواضح أن الحكومة تحقن هواءنا ببعض المواد الخطيرة، إذ تستخدم الطائرات لتسريع الاحترار العالمي والدخول في عصرٍ مروع وإجبارنا على تبني نظامهم العالمي الجديد. يبدو أنه كلما خضت في هذه المؤامرات أكثر، تبدو الأمور عقلانيةً أكثر فربما يجدر بي إنهاء المقال بسرعة.
تاسعًا: ذو القدم الكبيرة أو” ساسكواتش” حقيقي – 14% (43,947,966 من المصدقين): أمرٌ كلاسيكي، فلم استطع كتابة مقال عن نظريات المؤامرة من دون ذكر شيءٍ عن ذو القدم الكبيرة، ويتجنب فكرة كونه حقيقًا ما نسبته 72%، بينما ما زال يملك 18% أملًا بأن العملاق المراوغ كثير الشعر هو رابطنا التطوري غير المؤكد بعد.
وللفكرة صدى كبير عند جماهير وسائل الإعلام الرئيسية، لدرجة بث محطة “Spike Tv” الأمريكية لبرنامج يدعى ب« 10 مليون دولار لمن يجد ذو القدم الكبيرة» حيث يتسابق المتنافسون للحصول على أدلة قطعية على وجود هذا المخلوق للحصول على جائزةٍ تقدر بملايين الدولارات.
عاشرًا: أسامة بن لادن ما زال حيًا يرزق – 6% (18,834,842 من المصدقين): من الواضح أنه وبحسب 6% من السكان فإنه لم ينجح فريق البحرية التابع لقيادة العمليات الخاصة المشتركة “Seal Team 6” في وضع رصاصةٍ في رأس أسوء الإراهبيين سمعة في العالم، بينما ينوي 11% آخرون أخذ فكرة تواجد العقل المدبر ل9/11 حيًا في أفغانستان أو باكستان أو حتى في حدث نادي الروتاري في كولورادو بعين الاعتبار، ولن يرضى أولئك الأمريكين الذين يبحثون عن الحقيقة حتى يروا الجثة، أين الدليل أوباما؟ ما الذي حدث لصور الجثة تلك؟
اضافة تعليق