ربما قد تكون مررت بهذا المصطلح من قبل ومن المحتمل أنك حصلت على أفكار مشوشة أو مضطربة عنه إذ لطالما تدور المغالطات والأفكار الخاطئة حول الجنس والرغبات الجنسية في مجتمعاتنا باعتبارها أحد التابوهات لتبقى في السر دون معرفة حقيقية وعلمية واضحة، فما هي الفيتشية الجنسية؟ وهل تعتبر مرضًا أو اضطرابًا أو نوعًا من الانحرافات الجنسية؟
تُعرَّف الفيتشية على أنها الولع أو الانجذاب الشديد لشيء غير حي أو عضو أو جزء غير تناسلي والحاجة المُلِّحة لاستخدامه في سبيل الحصول أو الوصول للرضا الجنسي، وتصنَّف على أنها اضطرابًا في حال سببت ضغط نفسي أو أذى ملحوظ ومؤثر على حياة الشخص كالاعتماد المستمر والمتكرر على وجود هذا الشيء أو التركيز الكبير على هذا الجزء واعتباره شرطًا أساسيًا للمتعة الجنسية مع وجود آثار سريرية أو نفسية لهذا الأذى، أمّا دون ذلك فإنها تعتبر وسيلة غير مرضية لزيادة المتعة والإثارة الجنسية، وفيما يخص الإثارة الجنسية الشديدة المرتبطة بجزء معين من الجسم فقد كانت تصنف كاضطراب منفصل يدعى الشبق الاجتزائي(Partialism) إلا أنها تصنف الآن ضمن الفيتشية ضمن اضطرابات الانحرافات الجنسية أو البارافيليا (Paraphilic Disorders).
الفيتيشات الجنسية تحدث عند الذكور تقريبًا بشكل حصري، وتشمل طيف واسع وغير محدود فأي شيء يمكن أن يكون فيتيش، أشيع الأشياء هي المتعلقة بملابس النساء الداخلية، الأحذية النسائية والرجالية، المواد المطاطية والملابس الجلدية والحريرية والفرو وغيرها الكثير، أمّا أشيع الأجزاء الجسدية المرتبطة بذلك فتشمل الأقدام التي تتصدر القائمة ثم الأصابع والشعر، ولا يعتبر من غير الشائع أن تتضمن الفيتيشات الجنسية أمرين مترافقين أي الولع بشيء غير حي وجزء جسدي معًا على سبيل المثال؛ جوارب متسخة وأقدام، ولهذا السبب تم شمل الشبق الاجتزائي ضمن الاضطراب الفيتيشي.
السلوك يتضمن وجود الفيتش في يد الشخص أو في مخيلته مع أو بدون وجود الشريك في سبيل الإثارة الجنسية والحصول على انتصاب والوصول للنشوة، قد يقوم الشخص بالاستمناء عند مسك أو شم أو تدليك أو تذوك الشيء أو قد يطلب من شريكه ارتداؤه أو استخدامه أثناء ممارسة الجنس.
العديد من الأفراد الذين يوصفون بامتلاكهم فيتيشات معينة لا يبدون أي أعراض مرضية مرتبطة بسلوكهم، مثل هؤلاء الأشخاص لا يشخصون بالاضطراب الفيتيشي وتشخيصه يتطلب الشروط التي ذكرناها سابقًا.
أسباب الفيتشية غير واضحة أو مفهومة تمامًا لغاية الآن وبحسب الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية فالأسباب قد تعود للطفولة المتأخرة واليفع أي فترة البلوغ الجنسي وما حولها، وشدة الاضطراب قد تزداد وتنخفض خلال مراحل حياة الشخص.
قد يحدث الاضطراب الفيتيشي بالتزامن مع اضطرابات بارافيلية أخرى كفرط الرغبة الجنسية (Hypersexuality)، وبشكل نادر قد يرتبط هذا الاضطراب بظروف أو حالات عصبية.
الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية لم يحدد نظمًا علاجية، والسلوك المكتسب من المحتمل أن يعالج علاجًا معرفيًا سلوكيًا عن طريق التعرض التدريجي وإزالة التحسس المنهجية المتزامن مع استجابة معتدلة وليست جنسية، هذا قد يقلل أو يحدد من الإثارة الجنسية المرتبطة بشيء ما.
لغاية الآن يبقى هذا التساؤل قائمًا؛ هل الفيتش أمر عادي؟ الفيتشية الجنسية ليست اضطرابًا بالتعريف ولكن يمكن أن تصبح كذلك إذا وصلت لمستوى تسببت فيه بأذى مستمر وشديد، وفي هذا الشأن يقول ريتشارد كروغر وهو بروفيسور في الطب النفسي من جامعة كولومبيا: “فيما إذا كان شخص يقوم بذلك لوحده أو مع شريكه، إذا كانوا سعيدين بذلك فالأمر ليس بمشكلة، طالما أنه يسبب المتعة ولا أحد يجبر على أن يكون جزء منه.”.
عندما يسبب الفيتش اضطرابًا فالأمر يصبح خارج عن السيطرة، فالبعض قد يتغيب عن عمله أو منزله للممارسة نشاطه هذا في السر، أما عن العواقب الوظيفية للاضطراب فتتضمن العجز الجنسي خلال علاقة رومانسية متبادلة عند عدم توفر الغرض أو الجزء المفضل أثناء المداعبة أو الجماع، بعض الأفراد يفضلون ممارسة الجنس الانفرادي مع تفضيلاتهم الفيتشية حتى وإن كانوا ضمن علاقة حميمية متبادلة، وعلى الرغم من عدم شيوع الاضطراب الفيتيشي بين مرتكبي الجرائم الجنسية المقبوض عليهم ذوي الاضطرابات الانحرافية الأخرى إلا أنّ الذكر المصاب بهذا الاضطراب قد يسرق ويجمع الأغراض المتعلقة بالفيتش الخاص به، ومثل هؤلاء الأشخاص قد يلقى القبض عليهم باتهامات مرتبطة بسلوكيات غير اجتماعية وغير جنسية كالاقتحام والدخول والسرقة والسطو.
المصدر:
American Psychiatric Association, ed. (2013). “Fetishistic Disorder, 302.81 (F65.0)”. Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders, Fifth Edition. American Psychiatric Publishing. p. 700
اضافة تعليق