ماذا عنى اينشتاين بعبارة : « الله لا يلعب بالنرد »
«الله لا يلعب بالنرد» عبارة اينشتاين التي غالبًا ما تفهم خطأ
إحدى أشهر عبارات ألبرت اينشتاين: «الله لا يلعب بالنَّرد مع الكون»
ارتكب الناس على مدى أعوام خطأين جسيمين في الطريقة التي يفهمون بها هذه العبارة، إذ يفترضون أنَّ آينشتاين كان متدينًا ويؤمن بالقدر أو أنَّه يرفض كليًا نظريَّة جوهريَّة في الفيزياء.
أولًا: لم يشر آينشتاين لشخص الإله في عبارته فقد استخدم كلمة الله مجازيًا.
كما كتب الفيزيائيُّ فاسانت ناتاراجان (Vasant Natarajan) في إحدى مقالاته: «صدَّق آينشتاين بالتأكيد قوانين الرِّياضيات التي تحكم الطبيعة ولذلك فالفكرة من كلمة الله كانت بأفضل حالاتها رمزًا إلى شخصٍ صاغ القوانين وترك الكون ليتطور وينمو حسب تلك القوانين». وضَّح آينشتاين بنفسه الأمر في رسالةٍ كتبها في عام 1954: «أنا لا أؤمن بشخص الإله ولم أنكر ذلك أبدًا ولكنني عبرت عنه بوضوح، فإذا كان هناك شيء ما فيَّ يدعى دينًا فهو إعجاب لا حدود له ببنية هذا العالم البعيد عما يستطيع العلم كشفه»..
أما الجزء الآخر من العبارة «لا يلعب النرد» فغالبًا ما يساء فهمها إذ أنَّها لا تعبّر عن القدر!
وتشير العبارة إلى واحدة من أهم النَّظريات في الفيزياء الحديثة: فيزياء الكم. التي تصف السُّلوك الغريب للجزيئات دون الذَّرية وتقود لنظريَّة توصلنا بدورها إلى تقنياتٍ هامةٍ مثل الطاقة النَّووية وأجهزة (MRI) والترانزستورات في الحواسب والهواتف النقالة. وعلى الرُّغم من حقيقة أنَّ آينشتاين رفض ميكانيكا الكم، إلا أن السَّبب يعزا إلى اعتبارات معينة أكثر من كونه رفضًا سطحيًا لتلك النظرية وبعد كل شيء حصل اينشتاين على جائزة نوبل عام 1921 لوصفه التَّأثير الكهرضوئي وهي ظاهرة قادت إلى تطوير فيزياء الكم. وسبب العبارة تلك كان التَّعبير عن غرابة ميكانيكا الكم كنظريَّة. فبينما يكون معظم الكون حتمي وقابل للقياس تفترض ميكانيكا الكم أن هناك جزئياتٍ بسيطة وراء كل شيء محكومٍ بالفوضى.
على سبيل المثال، فالجزء الأساسي من النَّظريَّة يدعى مبدأ عدم اليقين لهايزنبرغ والذي ينصُّ على أنَّه من المستحيل معرفة كلٍّ من سرعة وموقع جزيء معيَّن في نفس الوقت. لذا ففيزياء الكم تعتبر أنَّه ما من شيء مؤكَّد ومن الممكن لنا فقط وصف الأشياء بشكلٍ احتمالي. ولم يعجب ذلك اينشتاين ابدًا الذي اعتقد أنَّه لابد من وجود قانون للطبيعة بإمكانه تعريف الجزيئات وبالتالي إمكانية حساب كلٍّ من السُّرعة والمكان معًا. في حين أوضحت كل الأدلة التَّجريبيَّة أنَّ ميكانيكا الكم حقيقيَّة، فما من دليل على قانون اينشتاين الذي تمنّاه، وربما كان اينشتاين مخطئًا برفضه الفكرة! على أي حالٍ، لن تفلح محاولات الدَّمج بين ميكانيكا الكم وأي مجال نظريٍّ آخر في الفيزياء كنظرية اينشتاين النسبيَّة العامة، وقد تكون ميكانيكا الكم صحيحة لكن الغموض يكمن في كيفية تلائمها مع باقي أقسام الفيزياء.
اضافة تعليق