القرية الأغنى في الصين : القرية الغامضة التي يمتلك كل من يقطنها 100 ألف يورو في البنك ولكن عندما تغادرها فإنك تخسر كل شيء
هوكساي، تقع في شرق الصين، فيها ناطحة سحاب من 72 طابقا، مروحيات للنقل بالأجرة، والعديد من صفوف الفيلات المترفة. فندق القرية يحتوي على أجنحة رئيسية تكلف 11ألف/13ألف يورو لليلة الواحدة، كما يحتوي على تمثال ثور مصنوع من الذهب. المجتمع يطلق عليها اسم “أغنى قرية في الصين”، قد احتفلت بالذكرى ال 55 الشهر الماضي. وسائل الإعلام الصينية الرئيسية استخدمت هذه القرية لإثبات نجاح قيادة الحزب الشيوعي. ومع ذلك، فإن بعض الأشخاص قد تحدوا هذا النظام، لإثبات أن ازدهاره مجرد خدعة.
ناطحة سحاب من 72 طابق، مروحيات للأجرة، منتزه رئيسي والعديد من صفوف الفيلات المترفة، هذه هي الحياة المترفة التي يمكن لقرية ان تعيشها. مرحبا في هوكساي، منطقة في شرق ولاية جيانغسو في الصين ويطلق عليها اسم “أغنى قرية” في البلاد. كل شخص من القاطنين ال 2000 يقال إنه يمتلك أكثر من مليون يوان (116000£/143000$) في البنك، وكل عائلة تمنح سيارة وفيلا من قبل السلطات بمجرد انتقالهم إلى المكان. ولكن المفاجئ في الموضوع هو انه بمجرد أن تغادر فإنك تخسر كل ممتلكاتك. هوكساي، والتي يدعى أنها تدار عن طريق نظام اجتماعي صارم، احتفلت الشهر الماضي بذكراها الخامسة والخمسين.
القرية تدار عن طريق مدينة جيانغين في ولاية جيانغسو، وهي منطقة ساحلية مشهورة بمحاصيلها الزراعية الوافرة والمتعددة ومناظرها الطبيعية الجميلة. وهي على مسافة ساعتين بالسيارة من مركز القوة الاقتصادي الصيني مدينة شنغهاي. وللعديد من السنوات، هوكساي استخدمت من قبل السلطات الصينية كدليل نجاح وكإثبات عن كيفية تحويل النظام الشيوعي الحاكم لقرية فقيرة إلى قرية غنية جدا خلال نصف قرن. فوق مدخل هوكساي يوجد لافتة عملاقة والتي تقول ” القرية رقم واحد تحت السماء ” وهذا لقب آخر أطلقته البلاد على هذه القرية.
ثروة هوكساي تعتبر هائلة. تصدرت القرية العناوين الرئيسية عبر البلاد عندما أعلن أن اقتصادها السنوي قد بلغ 100 مليار يوان (11.7مليار يورو/ 14.4مليار دولار)، حسب كتاب Economic Strategies and Practice of Modern China. في السنة التالية، هوكساي أعلنت أن متوسط المبيعات السنوية للقاطنين فيها 122.600يوان (14.319 يورو /17.717 دولار) اي أكثر ب 40مرة من متوسط الدخل للمزارع في الصين. لتري العالم قوة اقتصادها، هوكساي أنفقت 3مليار يوان (350مليون يورو/430مليون دولار) لبناء ناطحة السحاب خاصتها في 2011. إن بناء ال 72 طابق أطلق عليه اسم معلق قرية هوكساي.
بارتفاع 328 متر (1076قدم) في السماء، هذا البناء المذهل هو أطول ب 4 أمتار من برج إيفل (324متر) في باريس، وب 9أمتار من برج كريسلر (319متر) في نيويورك، وب 18 متر من برج شارد (309متر) في مركز لندن. ضمن بناء البرج يوجد فندق الخمسة نجوم الدولي لونغ ويش، والذي يحتوي 826 غرفة و16 جناح رئيسي بالإضافة لجناح ذهبي واحد والذي يكلف الضيف 100000 يوان (11600يورو) للإقامة لليلة واحدة. الأجنحة الرئيسية هي المثال التقليدي عن الفكر الصيني تجاه الثروة: ثريات كريستالية ضخمة، رفوف ذهبية، حمامات رخامية، وأثاث من خشب الماهوغاني. في الطابق ال 60 وهو نفس طابق الجناح الذهبي، لا يوجد فقط إطلالة لمنظر رائع بل يوجد تمثال ذهبي لثور مصنوع من طن من الذهب الصافي.
أيضا في عام 2011، هوكساي احتفلت بالذكرى ال 50 لتأسيسها، عن طريق إقامة مهرجان ترفيهي ضخم، ودعت قائمة من نجوم الصين للغناء والرقص.
القرية لديها شركة مواصلات مترفة خاصة بها، والذي يرسل ليس السيارات بل الحوامات لنقل القاطنين فيها، إدارة شركة تونغ يونغ لخطوط الطيران، قالت بأن جميع الرحلات إلى المدن المجاورة يمكن أن تضل بأقل من 10 دقائق.
وعلى ما يبدو فإن كل ما سبق لم يكن كافيا فإن القرية المذهلة قامت بإنشاء منتزه للمعروضات، والذي يحتوي على نسخ من النصب التذكارية المشهورة، كسور الصين العظيم والمدينة المحرمة. بالإضافة فإن متحف القرية يحتوي على 800 تحفة أثرية والذي بني على ما يبدو بشكل مشابه للمتحف الملكي الصيني.
أما كيف قفزت هوكساي من قرية ريفية إلى قرية جاذبة للثروات فإن هذا يبقى سرا غامضا.
وإن القاطنين فيها يعاملون كيفية وصولهم إلى الثروة كسر عظيم، وإن الوصول الإعلامي محظور ويخضع لنظم صارمة، حيث أن الصحفيون لا يمكنهم زيارة المجتمع دون أن يخضعوا للتدقيق من قبل المسؤولين المحليين. إن التيار الإعلامي المتحكم والرئيسي في الصين، كصحيفة الشعب اليومية People’s Daily، ووكالة كزينهاو الصحفية Xinhua News Agency. تستخدم هوكساي كإعلان واضح عن نجاح القيادة الشيوعية، معلنة أنها “نموذج القرية الاشتراكية”.
وو رينباو سكرتير القرية السابق في الحزب الشيوعي، يقال إنه السبب الرئيسي في تحول القرية. التصريحات الإعلامية قالت بأن قيادة وو الشريفة والمعاصرة هي التي قادت هوكساي إلى الازدهار، في معظم الصور الإعلامية فإن وو والذي توفي عام 2013 يظهر وهو يلقي خطابا على حشد مستمتع. كتاب Economic Strategies and Practice of Modern China الذي نشره دار النشر للاقتصاد والتمويل الصيني عام 2014. أعطى تفسيرات عن نظام المجتمع الغامض لهوكساي. طبقا للكتاب فإن هوكساي تخضع لنظام تعهدات اقتصادي مشترك صارم. في أواخر ال 1970، بعد الثورة الثقافية الصينية سيئة السمعة، فإن قيادة القرية اتخذت قرارا جريئا، حيث قررت تخصيص العمل الزراعي ل 30 قرية والباقي يخصص لقطاع انتاج المواد، على ما يبدو فإن هذا قد وضع هوكساي في الصدارة أمام بقية القرى، البلدات وحتى المدن حسب المخططات الاقتصادية. التقارير الإعلامية السابقة قد صرحت بأن كل شخص في هوكساي يمتلك على الأقل مليون يوان (116000يورو/143000دولار) من المدخرات، ويرسل إليه سيارة وفيلا من قبل السلطات بمجرد أن يصبح قاطنا رسميا في القرية. الكتاب شرح أيضا المبدأ الذي يقف خلف هذه الرفاهية، على ما يبدو فإن قاطني هوكساي، أغلبهم يعملون في شركات تمتلكها القرية، يمكنهم صرف 30% من أجورهم فقط، أما الباقي منها فهي تدار عن طريق شركات القرية كرؤوس أموال حرة. بالإضافة فإن المكافآت السنوية والتي تبلغ عادة ثلاثة أضعاف الرواتب، لا يمكن سحبها بل هي عوضا عن ذلك تعطى على شكل أسهم وأرصدة في الشركة.
باختصار، فإن ممتلكات القرية يتحكم بها ويديرها رؤساء القرية، ولا يمكن أن تؤخذ عن طريق القاطنين فيها إن أرادو الانتقال. أيضا إن النظام الاقتصادي المركزي العالي والنظام الاجتماعي في هوكساي قد أثارا جدلا، فبعض وسائل الإعلام تظن أن القرية تستخدم كأداة دعاية من قبل النظام الشيوعي وهي مجرد برنامج حي عن مبدأ ترومان. الأسبوعية الجنوبية Southern weekly، وهي مجلة تعرف بتعليقاتها الصريحة، كشفت الحقيقة عن هوكساي في تقرير في 2011. يدعي التقرير أن نجاح هوكساي قد غذي عن طريق التجمع السريع مع القرى القريبة، وذلك عن طريق سحب القرى الجديدة تحت القيادة المركزية لهوكساي، حيث أن المسؤولين قاموا بسحب أصول ممتلكاتهم مما يقارب 33000 ساكنا واستخدموهم في تطوير قرية هوكساي الأصلية والتي عدد سكانها 2000. التقرير يدعي أن قروي هوكساي الجدد قد تركوا ليعيشوا في ظروف رهيبة وغير عادلة.
جو زيجيان وهو ناشط إنساني من ولاية جيانغسو، قد أخبر القناة الصينية الإذاعية new tang dynasty television والتي مقرها الولايات المتحدة أن 90% من أملاك هوكساي هي في الحقيقة مملوكة من قبل عائلة وو رينباو. جو يقول: وو شخص مميز، لقد أخذ الأفضلية في رغبة الحكومة لمثال عن قرية ذات نظام اجتماعي مملوك من قبل الشعب لتقوم بعرضها. جو يقول إن وو قام بإدارة هوكساي كما يقوم النظام الشيوعي بإدارة الصين، حيث أن قاطني هوكساي قد حرموا من الحريات الاقتصادية والاجتماعية. مستخدم للنت قد نشر على منتدى مجلة يوميات الشعب People’s Daily يقول إن قاطني هوكساي لا يسمح لهم بصرف أموالهم كما يرغبون، وكنتيجة للاقتصاد المركزي فإنهم لا يستطيعون سحب أموالهم بدون أذون وحتى لو استطاعوا فإنه لا يمكنهم استخدامها إلا في شراء ممتلكات تابعة ومملوكة من قبل هوكساي، كأراضي وأسهم. أكثر من خمسة عقود مضت على تأسيس وو للقرية، هوكساي تبقى إحدى أكثر المجتمعات ثراءا وغموضا وإثارة للجدل في الصين.
اضافة تعليق