إذا سألت الناس: “ما هي السعادة ؟” وماذا تعني لهم، فإنَّك غالبا ستحصلُ على إجاباتٍ مختلفة جدا لسؤالك. بعضهم سيقول إن السعادة في الثراء، وبعضهم سيقول إن السعادة في التمتع بالصحّة بالنسبة لهم، ستجد كذلك من يقول إن السعادة تعني له وجود الحب في حياته، أو وجود أصدقاء كثيرين، أو عملٍ جيّد، أو تحقيقَ هدفٍ ما.
ومِنَ الناس من يعتقدُ أنّ تحقيقَ أمنيّة ما سيصنع له السعادة في حياته، ولكنّ هذا ليس دائما صحيحا، فعادةً عندما نحقّقُ أمنية، فإنّ كل ما نفعله هو الانتقال إلى الأمنية التالية، من غير حتى أن نستمتع أو نحتفل بإنجازنا.
ربما تستمتعُ بوجبة لذيذة، أو فلم، أو مسرحية، أو عطلة، وربما تجد المتعة في حفلة، ولكن هذا قد يكون لذّةً أو مرَحًا، لا سعادة بالضرورة.
ما هي التعريفات والمعاني المختلفة للسعادة؟
إنّ الناس باختلاف أعمارهم يطرحون هذا السؤال، ويتساءلون: ما هو هذا الشعور بالسعادة؟ من أين يأتي؟ وكيف يدوم؟
هل السعادة انفعال فيزيائيّ؟ أي تأثيرٌ لبعض الهرمونات في جسمنا؟ هل تقوم على ظروفٍ خارجية؟ أو هي حالةٌ داخلية ذهنية؟
كل هذه الأسئلة ستشوّقنا وتقودنا إلى تجربة هذا الشعور.
السعادةُ عادةً تأتي وتذهب: تأتي لحظات قليلة، ثم يحلّ محلها شعور سلبيّ يزيلها. هل يعني هذا أن لا سيطرة لنا على السعادة؟ ولا قدرة على التحكم في دَوامها؟
ويكيبيديا تعرّف السعادة على أنها:
«حالةٌ ذهنية أو شعورية من الرفاهية، يعرفها الآخرون على أنها مشاعر إيجابية أو ممتعة، تتراوح بين الطمأنينة والفرح الغامر»
تقول كذلك ويكيبيديا:
«يعرّف الفلاسفةُ والمفكّرون الدينيّون السعادة عادةً من ناحية أنها عَيش حياة صالحة، أو مزهرة، بدلًا من أن يعرفوها ببساطة على أنها شعور.»
في مقالة من موقع forbes.com كتب جورج برادت أن استطلاعا أُجري على دفعة عام 1980 في جامعة هارڤارد، توصّل إلى:
«إن السعادةَ تأتي من اختيار المرء أن يكون سعيدا في أي شيء يفعله، من تقوية علاقاتك الاجتماعية، والاعتناء بنفسك جسديًّا، وماليًّا، وعاطفيا.«»
وتحدّثت المقالة نفسها عن استطلاع آخر أجرته عام 2015 مؤسسة جرانت وغلوك للدراسات Grant and Glueck أنّه أظهر ما يلي:
- 67% من السعيدين جدًّا يقولون إن أسعد فترة في حياتهم هي الآن.
- 77% من السعيدين جدا يقولون إن حالة علاقتهم كانت “الأفضل” أو “جيدة جدا”.
- 93% من السعيدين جدا قالوا إنهم في صحة ممتازة أو جيدة جدا.
معجم ميريام ويبستر يعرف السعادة على أنها: ’’حالة من الرفاهية والطُّمأنينة‘‘.
موقع www.vocabulary.com يعرف السعادة: ’’الشعور الذي تشعر به عندما تعرف أن الحياة جميلة، حين لا تستطيع إلا أن تبتسم، وهي نقيض الحُزن‘‘.
أمّا أنا فسأقترح تعريفا آخر للسعادة، أسسته بناءً على تجربتي، إنه تعريف ومعنى مختلف، كتبت عنه في عدة مقالات لي وفي كتبي.
’’السعادة حالةٌ من الفرح الداخليّ، تأتي عندما يصبح العقل هادئا، خاليا من القلق والمخاوف‘‘.
إن الناس الذين يمارسون التأمُّل، والذين يعرفون كيف يهدئون عقولهم، سيعرفون مقصدي بتمامه.
قد يبدو هذا غريبا عنك، ولكنك إذا راقبت حالة عقلك عندما تكون سعيدا، ستعرف أنه صحيح.
كيف تشعرُ بعد إكمال مهمة صعبة، أو بعد إنجاز هدف؟
كيف تشعر بعد أن تحل مشكلة كانت قد أزعجتك مدة طويلة؟
كيف تشعر عندما تقع في الحب؟
كيف تشعر إذا حصلت على وظيفة تحبها، أو مبلغ ماليّ، أو ترقيةٍ في العمل؟
في جميع هذه الحالات، ستشعر بالانتعاش، وبالحرية، وبالفرح. فترةً ما، يتوقّف عقلك عن التخطيط، والتفكير، والتوقع، والقلق.
عندما يحدث هذا، تشعر بالسعادة، لا أفكار في عقلك تأخذ تفكيرك، ستستمتع بسعادتك.
ماذا يعني كل هذا؟
إنه يعني أن السعادة والسلام الداخلي أمران داخليان، عندما يهدأ العقل، نشعر بالسعادة، وعندما نشعر بالسعادة، يهدأ العقل.
عندما تختفي مُشكلة، عندما تحقق إنجازا، وعندما تقع في حُبّ، يهدأ عقلك قليلا، ويتخلص من تفكيره المرهق المتعب، عندئذٍ تزيد السعادة التي في داخلك، إلى أن يحدث شيءٌ فيوقفها.
ثمّ بعد فترة، عندما يعود العقلُ إلى تفكيره المُعتاد، وإلى قلقه، ستشعر أن السعادة اختفت.
عندما تشعر بالسعادة حين يكون عندك سلام داخلي، فذلك يعني أنك إذا دربت عقلك على الطمأنينة، ستكون حياتك أسعَد.
لن أذهبَ أبعد من هذا في الحديث عن السعادة، إذ قد كتبت عنها في مقالاتي عن السعادة والسلام الداخلي.
ما هي السعادة؟ وماذا تفعل بنا؟
- إنها الشعور بالفرح، والطمأنينة، وشعورٌ جيد بنفسك وحياتك.
- إنها شعور إيجابي يجعلك تحسّ بالرضا.
- إنها الفرح، والرضا، والرفاهية، والشعور بالنعيم.
- تنبع السعادة منك، وتشرق في وعيك عندما يكون عقلك هادئا.
- تقود السعادة إلى علاقات جيدة، فيها حب وانسجام.
- تقود السعادة إلى السلام، والفرح، والشعور بالحرية.
- تقوّي السعادة جهازك المناعي وتقلل قلقك.
- توسّع السعادة عقلك ورؤيتك، وتطوّر قدرتك على حل المشكلات.
- تحارب السعادة المشاعر السلبية.
- السعداء ناسٌ إيجابيون، متفائلون، متسامحون، وصابرون. هم ناسٌ يقدمون المساعدة، ومن السهل مصادقتهم.
لتكون سعيدا، كُفّ عن التفكير في الفَقْد، وفي الأشياء التي لا تملكها، الأفضلُ أن تشكر الله على ما تملك، وتركّز متفائلا على ما تريد إنجازه.
لتكون سعيدا، هدِّئ عقلك.
لتكون سعيدا، عش اللحظة الحاضرة، لا الماضي ولا المستقبل.
اسعَ لكي تكون إيجابيا وبعيدا عن السلبية.
اضافة تعليق