عندما يموت أحد الناس بالتقدم العمر دون أن تحدث له طارئة كالأمراض أو غيرها من مسببات الوفاة الواضحة، يقول الناس أن هذا الرجل قد مات من الشيخوخة.
الشيخوخة تعني ببساطة التقدم في العمر وما يصاحبها من أحداث في العمليات الحيوية في الجسم والخلايا، وعمليًا، فإنه لا يموت أحد نتيجة التقدم في العمر أو الشيخوخة فقط، بل بسبب ما يصاحبها من عمليات.
ولما كانت نزعة البقاء هي الغريزة الأساسية في الحياة كما أخبرنا تشارليز داروين، فإن الحياة الأبدية هي حلم البشر القديم.
لأسباب مختلفة، يموت يوميًا نحو 150 ألف إنسان على هذا الكوكب.
ولكن ماذا عن الأنواع الحية الأخرى؟
تعيش بعض الأنواع الحية إلى العديد من السنوات التي تفوق البشر.
فبعض الحيوانات ذوات الدم البارد لا تفقد قدرتها على التكاثر بمرور الوقت وتحافظ على مستوى ثابت من اللياقة يؤهلها للحياة دون الموت.
بالفعل يمكن أن تموت هذه الحيوانات نتيجة أسباب أخرى كالمرض أو الافتراس.
من أمثلة تلك الحيوانات سلحفاة الغلاباغوس والتي تعيش لمدة 170 سنة.
لماذا نصاب بالشيخوخة إذا؟
لا يعلم العلماء تحديدًا سبب الإصابة بالشيخوخة، ولكن هذا لم يمنعهم من البحث وتطوير النظريات لوصف عملية الشيخوخة وأبرز النظريات تقول: أن عملية الوفاة مبرمجة بداخل خلايانا.
بدراسة خلايا الجنين البشري، وجد أن الخلايا الجسدية تنقسم يوميًا وتجدد من نفسها، وبعد فترة لا تتمكن الخلايا من فعل ذلك ثم تموت، ويحدث ذلك بعد نحو 50 انقسامًا، أي بعد نحو 9 أشهر.
وهذا الحد الأقصى الذي يمكن أن تنقسم له الخلايا يسمى حد هايفليك Hayflick limit، وهو يختلف باختلاف الكائن الحي. كما يتناقص هذا الحد عندما نكبر في العمر، لتموت الخلية فقط بعد 20 انقسامًا.
اتضح للعلماء أن الذي يسبب هذا الحد شيء موجود في الكروموسومات يسمى التيلومير، تلك النهايات الموجودة في الكروموسومات والتي لا تتمكن الخلية من إتمام عملية الانقسام بدونها، عن طريق إنزيم التيلوميريز، ووظيفتها حماية الجينات من الأخطاء أثناء النسخ.
وبمرور الوقت تقصر هذه التيلوميرات مما يضعف قدرة الخلية على إكمال الانقسامات لفترة أطول.
قد تتساءل لماذا لا نحقن أنفسنا بهذا الإنزيم مباشرة ونحافظ على التيلوميرات للأبد، وهذا يحدث في بعض الخلايا بالفعل؛ خلايا السرطان.
تلك الخلايا التي تنقسم بدون ضابط حتى تكون أورامًا خطرة على الحياة والصحة.
ركزت إحدى النظريات الأخرى التي طورها العلماء لمعرفة سبب الشيخوية على الجينات، تحديدًا جينات دودة تسمى سي إيليغانز، دورة حياتها 14 يومًا فقط.
وجد العلماء أن الجين المسئول عن موتها يسمى DAF-2، وعندما أجرى فيه العلماء تحويرًا بسيطًا استطاعت الدودة أن تعيش لضعف عمرها وذلك لوجود جين معاكس لوظيفة هذا الجين؛ يحافظ على صحة الدودة وشبابها.
وجد العلماء جينين متضادين في الثديات أيضًا، وعندما قاموا بنفس العملية السابقة في الفئران تمكنت من الحياة لأعمار أطول.
ولكن بالرغم من هذه الأخبار الجيدة، إلا أن التجارب على البشر أمر مختلف ولازالت في مهدها.
سبب آخر يؤثر على عملية الشخوخة، تناول الكثير من السعرات الحرارية.
نعم فالسعرات الحرارية تساعد على تحفيز عملية الشيخوخة، لذلك وجد العلماء بعام 1940 أنه كلما قل معدل تناولك للسعرات الحرارية كلما كان عمرك أطول.
هل سنتمكن من التغلب على الشيخوخة في السمتقبل؟
ربما، ولكن الشيؤ الأكيد هو أننا يجب أن نستمتع بأعمارنا التي نحياها أيا كانت، فالكثير من السنين دون متعة لا فائدة منها، وإحدى وسائل المتعة والإفادة أن تتابعنا في مجلة وسع صدرك للتناول جرعة معرفية لا بأس بها كل يوم.
المصدر
اضافة تعليق