اعتاد عالم أحياء يدعى بيترو توليو على حفر ثقوب في رؤوس الطيور في بداية القرن العشرين، وعلى الرغم من أن ذلك يبدو مروعًا، إلا أن ذلك كان بحثًا رائدًا وغير سادي، ونتج عن هذا البحث الغريب نتيجة أغرب، عُرفت فيما بعد باسم ظاهرة توليو.
اكتشف توليو أن الحمامات التي أجرى عليها بحثه أصبحت حساسة للأصوات، عند تعرضها لبعض درجات الصوت بعد إحداثه لثقب في القناة الهلالية للأذن الداخلية، مما تسبب لديهم بمشاكل حادة في التوازن، ومن سوء الحظ أنه ليست هذه الطيور التي أجريت عليها الدراسة المعرضة لنوبات الدوار فحسب.
بل تشير التقديرات إلى أن شخص من كل 100 شخص تقريبًا يملكون عظامًا رقيقة بصورة غير طبيعية تعلو القناة الهلالية العلوية، أو غير موجودة بالأصل، ناتج عن عيب خلقي يدعى متلازمة تفرز الفتحة العلوية للنفيق الطبلي، وهو المسبب الأكبر لظاهرة توليو بين البشر.
ما الذي يحدث؟
حدد ريتشارد رابيت مهندس الطب الحيوي من جامعة يوتا وفريقه في بحث جديد، ما الذي يحدث بالضبط داخل أدمغة الناس ليشعروا وكأنما الدنيا انقلبت رأسًا على عقب عند سماعهم لنوتات موسيقية، أو صوت محادثة بين الاشخاص، أو حتى تغييرات ببسيطة في الضغط الجوي.
ويوضح قائلًا: «تبحث ورقتنا العلمية في التفسير البيولوجي الفيزيائي وراء ذلك، وكيف تثير بعض الأصوات أعضاء التوازن في الأذن الداخلية، لتتسبب بإرسالها إشارات خاطئة للدماغ.»
وفي حين أن توليو هو أول من اكتشف هذه الظاهرة الغريبة، إلا أن العلماء قد لاحظوا أنها تتسبب بحركة سريعة غير إرادية للعين تعرف باسم الرَأْرَأَةٌ العَيْنِيَّة.
وفي العادة هي رد فعل تلقائي يهدف لاستعادة التوازن والاستقرار البصري أثناء تحرك الجسم، إلا أن الأصوات تحفز نفس حركات العين حتى عند ثبات الجسم، عند الأشخاص المصابين بتفرز الفتحة العلوية للنفيق الطبلي، مما يتسسب بإحساسهم بالدوار وعدم الاتزان.
وللبحث في السبب وراء ذلك، استخدم الباحثون نموذجًا حاسوبيًا يحاكي حركة السوئل في التيه الدهليزي للأذن الداخلية، كما درسوا الفيزياء الحيوية لنوع من أنواع المحار، الذي يملك أجزاء في الأذن الداخلية مسؤولة عن التوازن، مماثلة للتي يملكها الإنسان.
من الطبيعي أن يتحرك السائل الموجود داخل الأذن الداخلية بسلاسة عند تحريك الرأس، إلا أن بحث الفريق يشير إلى اختلاف ذلك عند المصابين بمتلازمة تفرز الفتحة العلوية للنفيق الطبلي، إذ تعيق موجات ميكانيكية في السائل تلك الحركة السلسلة، الأمر الذي يُحَفَز بدخول موجات صوتية للأذن.
وبحسب فريق البحث فإن تلك الموجات تخدع الأعصاب الموجودة في الأذن الداخلية، إذ يخدع سائل الأذن الداخلية الذس يتحرك بشكل غير منتظم حواسنا، لنعتقد بحدوث تسارع زاوي للرأس، وكل ذلك يحدث بسبب صوت نوتة صادرة من البيانو، أو ضحكة شخص على نكتة ما،و غيرها الكثير،
ولكن الخبر الجيد هو أن العديد من المرضى المصابين بتفرز الفتحة العلوية للنفيق الطبلي، يمكنهم أن يعالجوا من مشكلة تلك العظمة بالجراحة.
ومن المرضي لباحثين كرابيت أن يتم حل معضلة ظاهرة توليو، حتى ولو بعد قرن من اكتشافها أول مرة عن طريق تلك الحمامات المسكينة.
المصدر
اضافة تعليق