تذهب لزيارة وتهنئة أحد أقاربك الذي أنجب طفلًا جديدًا، ثم تقضي معه بعض الوقت، فيعطيك هذا الطفل لتداعبه. وبعد قليل ترى أن هذا الطفل لا يبعد نظره عنك، فينتابك شعور غريب، هل هناك شيء غير طبيعي بي؟ هل أنا برأسين بدلًا من رأس واحد؟ بالطبع لا. فلماذا إذا تطيل الأطفال النظر إلى الغرباء كثيرًا؟
الأطفال حديثو الولادة عاجزون تمامًا عن فعل أي شيء، فهم يعتمدون بشكل كامل على من يعطونهم المساعدة سواء الرضاعة أو تغير الملابس أو الاستحمام أو أي شيء آخر، فالطفل لا يسطيع فعل أي شيء لنفسه على الإطلاق. لذلك كان من المفهوم أن يعطي الطفل اهتمامًا خاصًا لأولئك الذين يعتنون به، فينظر إلى وجههم ليتعرف على ملامحهم ويطلب منهم المساعدة عندما يريد.
ولكن الأمر مختلف قليلًا عندما نتحدث عن الغرباء، فالطفل لا يطيل النظر إليك لأنه يطلب منك المساعدة. في سنوات الطفل الأولى يستقبل دماغه كمية كبيرة من المعلومات والوجه البشري يعتبر مصدرًا مثاليًا لهذه المعلومات حيث يستطيع الطفل من خلال الوجه التعرف على كيفية حركة الفم لإخراج الكلمات، وكيفية تحرك بعض العضلات في الوجه لتشكيل مشاعرنا المختلفة، فيتعلم بالتبعية كيف يعبر عن هذه المشاعر.
وكأي شيء في الطبيعة البشرية، يحدث هذا الأمر في الطفل من خلال خليط من التركيبات الجينية والتأثيرات البيئية، حيث تشير بعض الدراسات أن الأطفال تبدأ في عملية تصنيف الأوجه والتعبيرات العاطفية على الغرباء منذ سن 3 أشهر، ولكن بعض الدراسات الأخرى تعارض هذه النظريات. كما أن الدراسات تظهر تحسنًا كبيرًا في قابلية الطفل للتعلم من خلال هذه المشاعر التي تظهر على الوجه بمرور الوقت.
وفي تجربة لإثبات ذلك، عرض العلماء مجموعة من الأطفال في أعمار متقدمة لصور بشرية وأخرى لصور مجموعة من القرود، بينما عرضوا مجموعة من الأطفال الصغار بين عمر 6 إلى 9 شهور لمجموعة مكثفة من صور القرود. وجد العلماء في التجربة الأولى أن قدرة الأطفال على تمييز ملامح القرود تكون عالية في بداية الأمر ولكنها تقل تدريجيًا مع الوقت، باعتبار أن الوجوه البشرية أكثر أهمية للطفل من وجوه القرود.
أما في التجربة الثانية، كان تكثيف الصور إشارة لدماغ الأطفال أن وجوه القرود مهمة أيضًا، مما ساعدهم في الاحتفاظ بخاصية التعرف على وجوه القرود لمدة أطول. لذلك لا تستغرب في المرة القادمة عندما ينظر إليك الطفل كثيرًا، فهو يرى فيك شيئًا مثيرًا للتعلم والنمو، ويرغب بتقليدك.
اضافة تعليق