على الرّغم من أنه لم يلقَ فيلم الدوار Vertigo نجاحًا ماليًا ضخمًا عقب انطلاقته الأولى، في الستين عامًا الذين مضوا، أصبح فيلم (آلفريد هيتشكوك) هذا من أكثر أفلامه شهرة. ففي عام 2012، تمكّن من سرقة لقب أفضل فيلم على الإطلاق من Citizen Kane، وهو الفيلم الذي حافظ على الشّرف هذا لأكثر من خمسين عامًا. إليكم بعض الحقائق التي تجعل من هذا الفيلم عمل كلاسيكيّ ضخم.
1- ألقى (آلفريد هيتشكوك) اللوم على الممثل (جيمي ستوارت) في فشل الفيلم
المُلطّخ بآراء متضاربة، لم ينجح Vertigo ماليًا كمثيله من أفلام (آلفريد هيتشكوك)، بعائدات متواضعة وصلت إلى 2.5 مليون دولار فقط، حيث لم يكلّل سوى بالفشل. ميؤوس من النتائج، ألقى (هيتشكوك) اللوم على ظهور (جيمي ستوارت) المتقدّم في السنّ في الفيلم. في وقت التصوير، (ستوارت) الذي كان قد ظهر في أفلام سابقة لـ(هيتشكوك)، كان في الخمسين من عمره، وهو بحسب (هيتشكوك) أكبر من أن يلعب دور عشيق (كيم نوفاك) صاحبة الـ25 عامًا.
2- استخدمت (إيديث هيد) الألوان للتعبير عن حالة الشخصيّات النفسيّة
عندما كانت المصمّمة (هيد) في خلاف مع الممثلة (كيم نوفاك) حيال بذلتها الرّماديّة الشّهيرة، شرحت لها أن (هيتشكوك) يرسم لوحة في أفلامه، وأن اللون مهم لديه مثل أيّ فنّان. فهمت (نوفاك) ذلك بعد حديثها مع المخرج، وبحسب تصريحها لصحيفة Telegraph: “ظننت أنه فهم وجهة نظري، فمن المرجّح أنه يرى لمَ الأمر ذي أهميّة لديه. فهو يحتاجني أن أشعر بانعدام الرّاحي كي أقوم بدور (ماديلين) بأحسن صورة.”
3- كانت (كيم نوفاك) بديلاً عن (فيرا مايلز) في اعتبار (هيتشكوك)، عندما اعتذرت (مايلز) عن الدّور، كأول خيار لدى المخرج، بسبب حملها
بحسب كتاب Vertigo: The Making of a Hitchcock Classic، بدأ (هيتشكوك) بالشكّ حيال قدرة (مايلز) في أن تتفوق في دورها وهي في حال لا يسمح لذلك، أي بسبب كونها حبلى. لذلك بحث (هيتشكوك) عن بديل، ووجد ذلك في (كيم نوفاك)، وهي من كانت تعمل مع ندّ (هيتشكوك)، (هاري كوهن).
4- اطّلع (هيتشكوك) على ظاهرة النيكروفيليا أثناء تصوير الفيلم
في سلسة لقاءات صحفيّة بين (هيتشكوك) و(تروفو) والتي جمعها المخرج (كينت جونز) لأجل فيلمه الوثائقيّ Hitchcock/Truffaut، أسهب (هيتشكوك) شرحًا حيال أكثر المشاهد جدلاً في الفيلم، وهو الجزء الذي تتنكّر فيه (جودي) كالمرأة الميّتة (ماديلين) التي يعشقها (سكوتي). قائلاً: “درست حالات النيكروفيليا”، فلن يقدر (سكوتي) على مطارحة (جودي) إلا إذا حملت جميع صفات عشيقته السابقة (ماديلين).
5- ابتكر مصوّر غير معترف به تقنية التصوير “Vertigo Effect” الشهيرة
بحسب المنتج (هربرت كولمان)، لم يكن (هيتشكوك) هو من ابتكر تقنية التصوير الشهيرة المعروفة باسم Vertigo Effect، حيث يتمّ تكبير إطار الصورة مع الرجوع بالكاميرا إلى الخلف، بل كان مصوّر غير معروف يُدعى (إروين روبرتس). بينما أعزوا الفضل في ذلك إلى (والاس كيلي) وهو أحد عاملين المونتاج في موقع التصوير.
6- قامت إدارة الإنتاج بضبط سلوكيات الممثلين
باعتبار أن ذلك حدث في خمسينيات القرن الماضي، كان يتمّ التدقيق في أيّ نشاط جنسويّ. بحسب كتاب (أوليير)، إن إدارة الإنتاج، التي يترأسها (جوفري شيرلوك)، أرادت حذف عدّة مشاهد تضمّنت عروض جنسويّة واضحة. ومن بين تلك المشاهد، نقاش تمّ بين (سكوتي) و(ميدج)، التي لعبت دورها (باربرا بيل غيديس)، تناولا فيه حياتها العاطفيّة، بالإضافة إلى أيّة لقطة ظهرت فيها ملابس (ماديلين) الداخليّة في مشهد محاولتها للانتحار.
7- كان للفيلم عدّة عناوين أخرى
بينما كانت الترجمة الحرفيّة لرواية المصدر لهذا الفيلم هي “من بين الموتى” D’entre les Morts، وهو العنوان الذي حمله الفيلم أثناء التصوير، لم يتمّ الاحتفاظ به طويلاً. بحسب (أوليير)، قام عدّة تنفيذيين في باراماونت بطرح اقتراحات حول اسم الفيلم، ومن بينها: As a Matter of Fact وThe Mad Carlotta وFace in the Shadow. كان عنوان مسودّة النصّ الأولى بقلم الكاتب (ماكسويل آنديرسون) هو Darkling I Listen.
8- أثّر إضراب نقابة الموسيقيين في القصة النهائيّة
في 1958، أي العام الذي كان يمرّ فيه الفيلم بمراحل المونتاج الأخيرة، تغيّرت حالة الإنتاج الموسيقيّ في هوليوود بشكل فظيع. كانت الاستوديوهات تلغي أقسام التأليف الموسيقيّ، لذا كان على المؤلفين الموسيقيين وعازفي الأوركسترا البدء في العمل من حسابهم الخاص نتيجة لذلك. بحسب مقابلة عُقدت عام 1996 مع (باتريشا)، ابنة (هيتشكوك)، واجهت النقابة الكثير من المشاكل، ولم يكترث رئيس النقابة لحالهم، وأن هوليوود كانت تستخدم تسجيلات صوتيّة قديمة من أوروبا، مما أدّى إلى انقسامات عديدة ضمن النقابة.
9- غيّر (آلفريد هيتشكوك) موقع أحداث الفيلم من باريس إلى سان فرانسيسكو
الرّواية التي اقتُبس الفيلم منها تقع أحداثها في باريس، لكن (هيتشكوك) اعتقد أن (سان فرانسيسكو) ستكون مكانًا أكثر ملائمة. كما أشار (أوليير)، مع معالم المدينة الشّاهقة، سيناسب الموقع ثيمات الفيلم بشكل فائق. في مدينة تمتاز بتباينات في الارتفاع والانخفاض، بالنسبة لشخص يعاني من هلع المرتفعات، ستكون مريرة. أصبح هكذا هذيان (سكوتي) شخصيّة بحدّ ذاتها.
10- كان يجب ترميم برج الجّرس الشّهير لأن البرج الأصليّ كان محطّمًا
المشهد الأيقونيّ الذي تسقط فيه (ماديلين) عن البرج تمّ تصويره في كنيسة (سان خوان باتيست)، وهي كنيسة إسبانيّة في كاليفورنيا. كانت ابنة المنتج (هربرت كولمان) هي من اقترح التصوير في ذلك البرج الأخّاذ. على الرغم من هذا، تم ترميم هذا البرج بعد وقوع حريق في الكنيسة.
11- على الرّغم من سمعة (هيتشكوك) كرئيس العمل المتعسّف، كانت (كيم نوفاك) على وفاق تامّ معه
سعيدة بترك استوديو (هاري كوهن) الذي كانت تعمل معه، عبّرت (نوفاك) عن تجربتها الرائعة في العمل مع (هيتشكوك). فبحسب ما قالته لصحيفة Telegraph: «لم أجده متسلّطًا أبدًا، بل وجدته شخصًا محبوبًا للغاية.» وفي مقابلتها مع (مكغافن) عام 2003 قالت: «لم يُشعرني (هيتشكوك) أنني فاشلة، فلم يقل مرّة ’أنت لا تحسنين صنعًا‘، لكنّه لم يقل شيئًا عن عملي في الفيلم، وبالوقت ذاته، لم يتذمّر أيضًا.»
اضافة تعليق