تأثير المدخل: لماذا ننسى ما كان من المفترض أن نفعله حين ندخل إلى غرفة؟ يعتقد علماء النفس بأن العبور من مدخل والدخول لغرفة أخرى يحدث ما يسمى بالانحصار أو الانغلاق الفكري، ما يعني أن المشي عبر أبواب مفتوحة يعيد تعيين الذاكرة لصنع غرفة من أجل تشكيل حلقةٍ جديدة، ويشار إليه عامًة بتأثير المدخل.
والآن، تخيل أنك جالسٌ أمام تلفازك تشاهد إعادة عرض برنامجك التلفزيوني المفضل، وتريد تغيير القناة عندما ظهر إعلانٌ تجاري، ولكن جهاز التحكم عن بعد مفقودٌ، وتخبرك أمك من الغرفة الأخرى أنه ملقى أعلى الثلاجة في المطبخ. ثم تقرر التوجه نحو المطبخ ببطئ وإذ بك تسمع فجأة طنين هاتفك، فتمسك هاتفك وتتحقق من الرسائل الأخيرة أثناء دخولك للمطبخ، وبمجرد انتهائك تضع هاتفك جانبًا، عندها تدرك أنك في المطبخ ولكن لسبب ما فإنك لا تستطيع أن تعرف لماذا؟
ثم تقول لنفسك “لم أتيت إلى هنا؟ ما الذي كان المفترض أن أفعله ؟”، وبعد محاولاتك لاسترجاع السبب الذي جلبك للمطبخ تستسلم وترجع لغرفة التلفاز من دون تحقيق المهمة الأصلية أبدًا، وهي جلب جهاز التحكم من المطبخ. هذا مثال تقليدي على نسياننا الأشياء المفترض فعلها عند دخول غرفة ما، وإذا كنت تعتقد أنك الوحيد الذي يمر بهذه المشكلة، دعني أخبرك بأنك لست وحيدًا، إذ يمكنها الحدوث لأكثر الأشخاص ذكاءًا وأعظمهم ذاكرة، إنها في الحقيقة تحدث مع الجميع!
تأثير المدخل: تحدث هذه الظاهرةغالبًا عند دخولنا لغرفة دون وجود أي فكرة لدينا عن سبب وجودنا هناك، وأطلق علماء النفس على هذه الظاهرة تأثير المدخل. اعتقد العلماء سابقًا أن ذاكرة الإنسان كالخزانة المحتوية على أقسامٍ عدة نخزن فيها صناديق صغيرة من خبرة حياتنا، وأن تلك الصناديق تبقى هناك للأبد، وكلما احتجنا استعراضها او الإطلاع عليها توجهنا ببساطة لتلك الأقسام لاسترداد صندوق الذكريات ذلك.
وعلى الرغم من هذا الوصف المتقن لتشكيل الإنسان لذكرياته، إلا أنه خاطئ تمامًا، فعقلنا أعقد وأكثر تطورًا من ذلك بكثير، فكما أظهرت الدراسات الأخيرة، فإن لدى العقل القدرة على التغير على مدار حياة الفرد، فالذكريات البشرية حلقيةٌ على عكس ما هو واضح بأنها خطية السرد، ما يعني أنها منفصلة إلى أقسامٍ ومعتمدة بشكلٍ كبيرٍ على الشخص الذي يشكلها، وعلى سبيل المثال،تختلف كيفية استرجاعك لحادثة معينة على الأرجح عن استرجاع شخص آخر لنفس الحادثة.
دراسة مثيرة للاهتمام بخصوص تأثير المدخل: أجرى غابرييل رادفانسكي وزملاؤه في جامعة نوتردام مجموعة من الدراسات، ولوحظ أن تغيير الغرف والمشي عبر الأبواب يجعلنا مؤكدًا ننسى الأشياء. قاموا بجلب متطوعين في الدراسة الأولى من المفترض أن يستخدموا مفاتيح الحاسوب للتنقل عبر بيئة واقع افتراضي عرضت على شاشة تلفاز، تألفت البيئة من ما مجموعه 55 غرفة، بعضها كبير والآخر صغير، كما احتوت الغرف الكبيرة على طاولتين؛ طاولة في كل نهاية من الغرفة، بينما احتوت الغرف الصغيرة على طاولة واحدة. كان هناك غرض فوق كل طاولة يختفي بمجرد التقاط المشترك له، ومهمة المشترك أن يلتقط غرض ويأخذه إلى طاولة أخرى، حيث من المفترض أن يضعه ويلتقط واحدًا آخر. لوحظ أنه كلما عبر المشتركين بابًا مفتوحًا، كان أداؤهم أضعف من المرات التي عبروا بها نفس المسافة ولكن ضمن الغرفة نفسها؛ أي عندما لم يعبروا مدخلًا. اختبر الباحثون في الدراسة التالية تأثير المدخل باستخدام غرفٍ حقيقة، حيث تنقل المشتركون في بيئة حقيقية، ومن المثير للاهتمام أنه تم تسجيل نفس المشاهدات، فوجد المشتركون صعوبة في تذكر الغرض السابق بمجرد عبورهم بابًا.
ما السبب وراء تأثير المدخل؟ لا يوجد حاليًا تفسير ملموس لهذه الظاهرة، ولكن يؤمن علماء النفس أن عبور بابٍ أو دخول غرفةٍ مختلفة يحدث انحصارًا أو انغلاقًا فكريًا، ويدعم هذه الفرضية دراسةً أجريت على الذاكرة، أظهرت اختبار الأشخاص الذين يعبرون الأبواب لانقساٍم في الذاكرة، وعلاوةً على ذلك، يعتقد أيضًا أن المشي عبر أبواب مفتوحة يعيد تعيين الذاكرة لصنع غرفةٍ من أجل تشكيل حلقةٍ جديدة، وتدعى تجربة العبور من غرفة إلى أخرى عبر باب بتأثير تحديث الموقع. لكن الخبر الجيد هو أن اختبار حلقات نسيانٍ كهذه بعد دخول غرفة مختلفة، لا يشير إلى أي شيء بخصوص ذاكرتك وذكاؤك ومهاراتك العقلية، فإذا دخلت غرفة ونسيت فجأة لم أنت هناك، لا تبدأ بالاعتقاد أن الزهايمر في طريقه إليك!
اضافة تعليق