على رغم السمعة السيئة المعروفة عن النازيين نتيجة حروبهم المستمرة ورغبتهم في ارتكاب العديد من المجازر المروعة والسيطرة على شعوب العالم، إلا أن الأطباء والعلماء النازيّون كانوا يقفون وراء بعض الأبواب المغلقة لبعض أكثر التجارب السيئة والحقيرة التي تم إجراؤها على البشر. أكثر من 30 تجربة قام النازيون بإجرائها على البشر في معسكرات الاعتقال، وكانت النتيجة بالطبع ألم لا يمكن تخيله وتشويه وإعاقة والموت في نهاية المطاف، وقد جرت إدانة 15 من 23 متهمًا بارتكاب جرائم حرب لا يمكن تصورها خلال محاكمات نورمبرغ للأطباء النازيين. وإليكم لائحة من التجارب الأسوأ والأكثر إثارة للصدمة التي قد لا تكون سمعت عنها من قبل في حياتك:
التجمد: تمثلت تلك التجارب بقيام الأطباء النازيّين بإغراق الضحايا في أحواض من المياه الجليدية لفترات تصل إلى خمس ساعات في محاولات لإيجاد طرق لعلاج الطيارين الألمان الذين أُجبروا على الخروج إلى المياه المحيطية الجليدية، وكان الضحايا إما عراة أو يرتدون نفس بذلات الطيران، وغمروا في الماء كما أخذ البعض الآخر إلى البرد القارس في الخارج حيث قام الأطباء بربطهم عراة. أجرى لوفتواف في عام 1941 تجارب الهدف منها هو اكتشاف وسائل لمنع وعلاج انخفاض حرارة الجسم حيث كان هناك ما بين 360 إلى 400 تجربة،تم إجراء التجارب فيها على ما يقارب 280 إلى 300 ضحية، أي أن بعض الضحايا عانوا من أكثر من تجربة واحدة.
قام الباحثون أيضًا إلى جانب دراسة الآثار الفيزيائية للتعرض للبرد القارس بتقييم أساليب مختلفة من أجل إعادة تأمين الحماية للناجين، فقد اعترف أحد المساعدين في وقت لاحق أنه كان يجري إلقاء بعض الضحايا في الماء المغلي من أجل إعادة التدفئة ودراسة تأثير ذلك على أجسادهم. تم أجراء هذه التجارب من التجميد و انخفاض حرارة الجسم بناء على توجيهات القيادة النازية العليا لمحاكاة الظروف نفسها التي عانت منها الجيوش على الجبهة الشرقية، حيث لم تكن القوات الألمانية مستعدة لمواجهة الطقس البارد الذي واجههم في أطراف الاتحاد السوفييتي، وأُجريت عدّة التجارب على عناصر القوات الروسية الواقعة في الأسر، حيث تساءل النازيّون عما إذا كانت الوراثة هي ما يعطيهم هذه المقاومة الفائقة للبرد.
التجارب على التوائم: تم إجراء تجارب على الأطفال التوائم في معسكرات الاعتقال من قبل النازيين لإظهار أوجه الاختلاف والتشابه في علم الوراثة لدى التوائم، وأيضاً لمعرفة فيما إذا كان يمكن التلاعب في جسم الإنسان بشكل غير طبيعي، كان الرئيس المركزي لهذه التجارب هو جوزيف منغيل الذي أجرى من عام 1943 حتى 1944 تجارب على ما يقارب 1500 مجموعة من التوائم المسجونين في معسكر أوشفيتز. وقد نجا ما يقارب 200 شخص من هذه الدراسات، وجرى ترتيب التوائم حسب العمر والجنس وأُبقي عليهم في الثكنات من أجل التجارب التي تراوحت بين حقن الأصباغ المختلفة في عيون التوائم لمعرفة ما إذا كان ذلك سيغير لونها إلى تخييط التوائم معًا في محاولات لخلق التّوائم المُلتصقة.
عمليات زرع العظام والأعصاب والعضلات: أجريت التجارب في معسكر اعتقال رافنسبروك منذ حوالي سبتمبر (أيلول) 1942 إلى حوالي ديسمبر (كانون الأول) 1943 لصالح القوات المسلحة الألمانية بغرض دراسة العظام والعضلات وتجديد الأعصاب وزرع العظام من شخص إلى آخر، وتم إزالة أجزاء من العظام والعضلات والأعصاب من الأشخاص دون تخديرهم، ونتيجة لهذه العمليات عانى الكثير من الضحايا من التشويه والعذاب الشديد والعجز الدائم. قدمت إحدى الناجيات وتدعى جادويجا كامينسكا في 12 أغسطس (آب) 1946ملخصًا عن الوقت الذي قضته في معسكر اعتقال رافينسبروك، وكيف أجريت عليها التجارب في مناسبتين حيث تمت العمليتين على نفس الساق، وعلى الرغم من أنها لم تصف أبدًا أية معرفة حول ما هو الإجراء الذي استخدم بالضبط، حيث ذكرت أنها في كل مرة كانت تعاني ألمًا شديدًا وحرارة مرتفعة بعد العمليات الجراحية، ومع ذلك لم تعط إلا القليل من الرعاية وذكرت أنه تم إخبارها أنها كانت مستهدفة لهذه العمليات ببساطة لأنها كانت «فتاة شابة ووطنية بولندية». ووصفت كيف أنه خرج من ساقها الكثير من الصديد لعدة أشهر بعد العمليات.
تجارب مياه البحر: أُجريت في الفترة بين يوليو (تموز) 1944 إلى سبتمبر (أيلول) 1944 تجارب في معسكر اعتقال داخاو لدراسة طرق مختلفة لجعل مياه البحر صالحة للشرب، في وقت ما خلال التجارب حُرمت مجموعة مكونة من حوالي 90 رجل من الطعام، ولم يعطوا سوى مياه البحر لشربها عبر الطبيب هانز إبينجر مما جعلهم يصابون بجراح خطيرة.
حيث عانى هؤلاء من جفاف شديد ولاحظ آخرون أنهم قاموا بلعق الأرضيات الممزقة في محاولة للحصول على مياه الشرب، وكتب أحدُ الناجين من المحرقة واسمه جوزيف تشوفينيغ بيانًا عن تجارب مياه البحر هذه في معسكر داخاو، وأوضح جوزيف كيف اكتسب نظرة ثاقبًة لبعض التجارب التي أجريت على السجناء أثناء عمله في محطات التجارب الطبية ، وهي تلك التي أجبروا فيها على شرب المياه المالحة.
يُذكر أن جوزيف وصف كيف واجه ضحايا التجارب صعوبة في تناول الطعام وسعوا بشكل يائس جدًا إلى أي مصدر للمياه بما في ذلك الأرضيات، حيث كان جوزيف مسؤولًا عن استخدام جهاز الأشعة السينية في المستوصف ووصف كيف أنه على الرغم من أنه كان لديه نظرة ثاقبة إلى ما كان يجري، إلا إنه كان عاجزًا عن إيقافه وضرب مثالًا عن مريض في المستوصف أرسله الدكتور سيغموند راشر إلى غرف الغاز لمجرد أنه كان فقط شاهدًا بالخطأ على واحدة من التجارب ذات الضغط المنخفض.
تجارب التعقيم والخصوبة: صدر قانون منع السلالة المعطوبة وراثيًا في 14 يوليو (تموز) 1933، والذي شرّع التعقيم غير الطوعي للأشخاص المصابين بأمراض قيل إنها وراثية مثل ضعف الذهن والفصام وتعاطي الكحول والصمم والعمى والجنون والتشوهات الجسدية، وقد استخدم القانون لتشجيع نمو العرق الآري من خلال إجراء تعقيم الأشخاص الذين يقعون تحت المجموعات المرضية المعيبة وراثيًا. وبالفعل جرى تعقيم 1% من المواطنين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 17 و24 سنة في غضون عامين من تاريخ إقرار هذا القانون خلال أربع سنوات، حيث جرى تعقيم 300 ألف شخص، وأجريت تجارب التعقيم في معسكرات أوشفيتز ورافينسبروك في الفترة من مارس (آذار) 1941 إلى يناير (كانون الثاني) 1945 وفي أماكن أخرى من قبل الدكتور كارل كلوبرغ.
كان الغرض من هذه التجارب هو تطوير طريقة للتعقيم تكون مناسبة لتعقيم الملايين من الناس بحد أدنى من الوقت والجهد، وأُجريت هذه التجارب عن طريق الجراحة والأشعة السينية ومختلف الأدوية، و قد جرى تعقيم آلاف الضحايا وبصرف النظر عن تجربتها قامت الحكومة النازية بتعقيم حوالي 400 ألف شخص كجزء من برنامج التعقيم الإجباري.
تأثير الارتفاع: استخدم سيغموند راشر في أوائل عام 1942سجناء في معسكر اعتقال داخاو في تجارب لمساعدة الطيارين الألمان الذين اضطروا للخروج من طائراتهم على ارتفاعات عالية، حيث تم استخدام غرفة الضغط المنخفض التي تحتوي على هؤلاء السجناء لمحاكاة الظروف على ارتفاعات تصل تقريباً إلى 20 ألف متر. و تم تناقل أخبار عن أنّ راشر قام بعمليات تشريح على أدمغة الضحايا الذين نجوا من التجربة الأولية من بين 200 شخص منهم توفي 80 شخصًا بشكل كامل، وقاموا بإعدام الآخرين لفحصهم. في رسالة بين الدكتور سيغموند راشر وهاينريش هيملر يوم الخامس من أبريل (نيسان) 1942 شرح راشر فيها أن نتائج تجربة الضغط المنخفض التي أجريت على الناس في معسكر اعتقال داخاو الذي وقع فيه اختناق للضحايا حتى الموت في حين أخذ راشر وطبيب آخر لم يتم ذكر اسمه ملاحظات حول هذه الآثار، ووصف الشخص بأنه يبلغ من العمر 37 عامًا وبصحة جيدة قبل أن يقتل.
وقد وصف راشر تصرفات الضحية عندما بدأ يفقد الأكسجين مع أوقات التغيرات في السلوك، وبدأت الأعراض تذبذب رأسه خلال أربع دقائق وبعد دقيقة أخرى لاحظ أنه بدأ يعاني من تقلصات قبل أن يفقد الوعي ووصف كيف أن الضحية أصبحت تتنفس بشكل لاواعٍ بما يعادل ثلاث مرات فقط في الدقيقة الواحدة حتى توقّف عن التنفس بعد 30 دقيقة من حرمانه من الأكسجين، ثم تحولت الضحية بعدها إلى اللون الأزرق وبدأت تتدفق الرغاوي من الفم ثم بعد ذلك أُجريت عملية تشريح الجثة.
وقد توقع الخبراء أن الحقن في الوريد التي تحتوي على اليود ونيترات الفضة كانت ناجحة، ولكن كان لها آثار جانبية غير مرغوب فيها مثل الآلام الشديدة في البطن والنزيف المهبلي وسرطان عنق الرحم، ولذلك أصبح العلاج الإشعاعي الخيار المفضل للتعقيم وقد أدت كميات محددة من التعرض للإشعاع إلى تدمير قدرة الشخص على إنتاج الحيوانات المنوية أوالبويضات حيث عانى الكثير من الضحايا من حروق إشعاعية شديدة.
نشر الدكتور ويليام سيديلمان وهو أستاذ من جامعة تورونتو تقريرًا عن التحقيق في التجارب الطبية التي أجريت في النمسا في ظل النظام النازي بالتعاون مع الدكتور هوارد إسرائيل من جامعة كولومبيا، وذكر الدكتور هيرمان ستيف في ذلك التقرير الذي استخدم الحرب لإجراء التجارب على البشر الأحياء، وركز الدكتور ستيف خصيصًا على الجهاز التناسلي للمرأة فكان يتحدث للنساء عن تاريخ تنفيذه عملية التعقيم، ثم يقوم بتقييم كيف سيكون الأثر النفسي السلبي على دورة الحيض الخاصة بهن، وبعد أن قتل هؤلاء النساء قام بتشريح وفحص أعضائهن التناسلية وقد اغتصبت بعض النساء حتى يتمكن الدكتور ستيف من دراسة مسار الحيوانات المنويّة من خلال الجّهاز التناسلي.
تجارب أخرى: أراد أطباء نازيون آخرون معرفة ما إذا كان بعض الناس لديهم مناعة طبيعية ضد السل من أجل تطوير لقاح له، فقام الدكتور كيرت هيسمير بحقن بكتيريا السل مباشرة في رئتي ضحاياه في معسكر الاعتقال نيونغامي، وكان مسؤولًا عن مقتل ما لا يقل عن 200 شخص.
عرّض النازيون 52 سجينًا إلى غاز الفوسجين في محاولة منهم للعثور على ترياق للمركّب، وتم استخدام «الفوسجين» كسلاح بيولوجي خلال الحرب العالمية الأولى، وقام النازيّون بتعريض الضحايا للغاز عمدًا مما تسبب في تهيج شديد في الرئتين، وتعرض العديد من السجناء، الذين يعانون بشكل فعلي من سوء في التغذية والضعف لمزيد من التعقيدات بعد التعرض التجريبي، وتوفي أربعة أشخاص بالفعل.
كما استخدم النازيون أيضًا السم للتعذيب وقتل السجناء وفي معسكر اعتقال بوشنوالد جرى حقن السجناء الروس بالسّموم التجريبية حيث عمل العلماء على تطوير أساليب جديدة للتنفيذ، واحد من هذه السموم هو مزيج من الفينول والسيانيد وشملت التجارب الأخرى إضافة مواد كيميائية سامة إلى الغذاء أو إطلاق سراح السجناء واستهدافهم برصاصات سامة أما أولئك الذين لم يموتوا أثناء التجارب فقد قُتلوا حتى يتمكنوا عن طريق التشريح من تحديد تأثير السم عليهم.
اضافة تعليق