تعرضت سفينة الأبحاث الأمريكية للهجوم من قبل القوات الإسرائيلية من السماء والبحر. ولكن ما السبب وراء هذا الهجوم في المقام الأول؟

حدث ذلك في الثامن من شهر حزيران عام 1967 عندما تعرضت سفينة الأبحاث للبحرية الأمريكية (يو اس اس ليبرتي) لهجوم من سلاح الجو والبحرية الإسرائيلية. أسفر الهجوم المفاجئ عن مقتل وجرح 200 بحار أميركي.

أحاط الغموض بهذا الحدث، وتمت التغطية عنه لأكثر من 50 عاماً. وصدرت أوامرٌ صارمة تقيد من حرية الناجين. ونتيجة لذلك، استمر الجدل حول هذه القضية لـ 50 عاماً حول ما إذا كان الهجوم على سفينة الولايات المتحدة متعمداً.

الهجوم على U.S.S. Liberty

حدث الهجوم في أوائل شهر حزيران عام 1967 عندما قامت مجموعة من المراهقين ودعاة السلام بالاحتجاج في (سان فرانسيسكو) ضد الحرب والدعوة لنشر السلام وبدء نمط حياة جديدة.

سعى الشباب الأمريكي لإحلال السلام نتيجة اشتعال الاضطرابات في شرق البحر المتوسط والشرق الأوسط. وخاصة عند بدء حرب الـ 67 أو حرب الستة أيام بين إسرائيل والدول العربية، أي مصر والأردن وسوريا. لذا تم إطلاق السفينة الأمريكية (ليبرتي) –وهي سفينة أبحاث وبحوث تقنية للبحرية الأمريكية –في وقت لاحق لجمع المعلومات المتعلقة بالحرب الدائرة.

حافظت الولايات المتحدة على موقف محايد من الصراع كي تتجنب تحويل الحرب المحلية إلى حرب عالمية. لذا كانت (ليبرتي) مسلحة تسليحاً خفيفاً حيث كان المقصود منها جمع المعلومات فقط. مما يعني أن السفينة غير قادرة على خوض معارك.

في اليوم الثالث من الحرب، اكتشفت قوات الدفاع الإسرائيلية سفينة (ليبرتي) وهي تبحر في المياه الدولية في شبه جزيرة سيناء. وعلى مدار ثلاث ساعات، أرسل جيش الدفاع الإسرائيلي ثماني طائرات استطلاع للتعرف على السفينة. وحملت (ليبرتي) علماً أميركياً، لذا كان من السهل التعرف عليها.

حلقت مقاتلات (ميراج 3) الإسرائيلية والمسلحة بالصواريخ والمدافع الرشاشة فوق السفينة. وتم إطلاق الصواريخ واشتعل سطح السفينة.

حاول الطاقم الحصول على المساعدة عن طريق الراديو لكن الإسرائيليين شوشوا تردداتهم. إلا أنهم نجحوا أخيراً في إيصال تردداتهم إلى سفينة Saratoga. لم تصل سفينة الإنقاذ إلا بعد أن قام الإسرائيليون بتنفيذ هجوم آخر.

تم إطلاق الصواريخ من قبل القوارب الإسرائيلية على السفينة، وتمكن طوربيدٌ واحد من صنع ثقب يبلغ 40 قدماً في هيكل السفينة وإغراق الأجزاء السفلى التي قتلت أكثر من 12 بحاراً.

حاول الأمريكيون الهرب عن طريق الطوافات، ولكن سرعان ما تم إطلاق النار عليهم من قبل طائرات جيش الدفاع الإسرائيلي في السماء.
توقف إطلاق النار بعد ساعتين من الهجوم. واقترب قارب جيش الدفاع الإسرائيلي من الطاقم المنكوب وسألهم: “هل تحتاجون إلى المساعدة؟” بعد أن قُتل 34 من أفراد الطاقم وأصيب 171 بجروح.

قال أحد أطباء السفينة (ريتشارد إف. كيبفر): “لم يأت أحد لمساعدتنا، وعِدنا بالمساعدة ولكن لم يأت أحد. طلبنا مرافقة قبل أن نصل إلى منطقة الحرب ولكن تم رفضنا.”

اعتذار الحكومة الإسرائيلية

Getty

في أعقاب المأساة، أجرت الحكومتان الإسرائيلية والأميركية تحقيقات في الحادث وخلصتا إلى أن الهجوم كان عن طريق الخطأ. حيث صرّح وزير الدفاع الأميركي (روبرت مكنمارا): “تحدث مثل هذه الأخطاء.”

يوضح التفسير الرسمي للهجوم المروع أن القوات الإسرائيلية أخطأت في التعرف على سفينة الولايات المتحدة واعتقدت أنها سفينة شحن مصرية. اعتذرت إسرائيل مراراً وتكراراً وعرضت تعويضات بقيمة 6.9 مليون دولار. ووصف (مارك ريجيف) المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية الهجومَ على السفينة بالـ “حادث المأساوي والمروع”

يشرح التقرير ما حدث، ويشير إلى معرفة الإسرائيليين بالخطأ بعد ساعتين من بدء الهجوم، فقامت وقتها إسرائيل بإبلاغ السفارة الأمريكية بالهجوم.
وُصِف التحقيق منذ ذلك الحين بالـ “متسرع والمليء بالعيوب” من قبل وثائق غير معلنة تم إصدارها في عام 2006.

ورفض بعض أفراد طاقم السفينة الأمريكية الذين نجو من الهجوم قبول التفسير الرسمي أيضاً. وشكلوا رابطة (ليبرتي) للمحاربين القدامى وأوضحوا لوزير الخارجية آنذاك (دين راسك) والمستشار الاستخباراتي للرئيس (كلارك كليفورد) أن التفسير لم يكن كافياً وتفوح منه رائحة المؤامرة.

ونشر الضابط (جيمس إينيس جونيور) رواية شخصية بعنوان Assault on Liberty عام 2007 تصف ما حدث وتنتقد التقرير الأميركي المدعوم إسرائيلياً.
وذكر أنهم تلقوا رسالة متحيزة وغير منطقية بعد إرسالهم قائمة من القتلى والجرحى إلى مكتب الموظفين البحريين. حيث قالوا لهم: “جرحوا وقتلوا في أي هجوم؟ لم يكن هجوماً بل حادثاً.”

يبدو أن الهجوم كان متعمداً، مما مكن إسرائيل من الاحتفاظ بمرتفعات الجولان، وهو ما حدث بالفعل في اليوم التالي.

المثير للسخط أن إسرائيل لم تتصرف بمفردها. وبحسب التقارير، فالرئيس الأميركي آنذاك (لندون بي. جونسون) كان وراء الهجوم.

وتوضح نظرية المؤامرة أن الهجوم هو محاولة لإلقاء اللوم على الرئيس المصري جمال عبد الناصر كذريعة للولايات المتحدة للانضمام إلى جانب القوات الإسرائيلية في حرب الـ 67.

لكن المعلومات المتوافرة غير كافية. بالرغم من معاناة الناجين النفسية والعاطفية، بالرغم من التعويضات المقدمة.


المصدر

اضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة مؤخرا

error: Content is protected !!