من يمتلك القطب الشمالي ؟


سؤال قد نوجهه لأنفسنا من يمتلك هذه المساحة الشاسعة من الجليد في شمال الكرة الأرضية؟ بدايةً في إطار القانون الدولي، لا يوجد أي بلد يملك القطب الشمالي أو منطقة المحيط المتجمد الشمالي المحيطة به، لكن الأمر ليس بالبساطة التي توحي بها هذه الجملة.

لنفهم الظروف التي تحيط بالقطب الشمالي علينا أن نعرف بدايةً المحيط الجغرافي للقطب الشمالي، حيث تشكل روسيا الاتحادية الجزء الأكبر من حدوده، كندا، الولايات المتحدة، النروج والدنمارك، لكن كيف لبلدان صغيرة وبعيدة أن تشكل حدودًا مع القطب الشمالي، الجواب هو إقليم غرينلاند، حيث لعقود زعمت كل من الدنمارك والنروج بأحقية المطالبة به، فقد كان الإقليم مستعمرة دنماركية في العام 1914 وجزءً من المملكة الدنماركية عام 1953 وفقًا للدستور الدنماركي، ولكن الشعب في غرينلاند صوت لصالح الحكم الذاتي عام 2008 وبذلك تحول جزء من السلطة من الحكومة الملكية الدنماركية إلى أيدي سلطات غرينلاند المحلية وهذا جعلها تتمتع بحكم ذاتي مستقل، أما عن النروج فقد ادعت كوبنهاغن أن أراضيها تتصل مباشرةً بالإقليم من خلال سلسلة جبال تحت منطقة القطب الشمالي، لذا لها الأحقية بالمطالبة بهذه المنطقة، لكن موسكو كانت الأدهى، حيث أطلقت مؤخرًا بحثًا علميًا يظهر أن الصدفة القارية الروسية تمتد بشكل أكبر تحت القطب الشمالي، وقد صرح وزير الموارد الطبيعية الروسية أن موسكو سوف تسعى لتوسيع حدودها القطبية بحدود مليون ونصف المليون كيلومتر مربع عن طريق الأمم المتحدة، هذا ليس كل شيء فقد طالبت الولايات المتحدة وكندا بحقهم بكل أو جزء من المنطقة القطبية.

لكن ما الذي يجعل هذه الأرض الجليدية القفر محط أنظار كل هذه الدول؟ التفسير بسيط جدًا، وهو المسح الجيولوجي الأمريكي، الذي خمن ما نسبته 22% من الاحتياطي العالمي غير المكتشف من النفط والغاز تحت قاع المحيط المتجمد الشمالي. إذا كانت الدنمارك تأمل بالسيطرة على القطب المتجمد الشمالي فعليها التحرك بسرعة، فإن روسيا مسبقًا قد بدأت بالتزود السريع بالقوة للدفاع العسكري عن ساحلها القطبي الشمالي مع خطط آنية ومستقبلية لتوسيع موانئها في المياه الباردة، كما شيدت مطارات ومحطات رادار للدفاع الجوي المتعدد، يبدو أن موسكو تنوي فرض أسلوبها في السيطرة على الأقل على بعضٍ من المنطقة المتنازع عليها. إن أي اتفاق إقليمي صغير سيأخذ تقريبًا سنوات وسيتضمن مفاوضات مديدة، في النهاية ربما الدنمارك هي صاحبة الحظوظ القانونية الأكبر في هذا الصراع.


مصدر

أليسار مصطفى العبيد

أليسار مصطفى العبيد

الاطلاع على جميع المقالات

اضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة مؤخرا

error: Content is protected !!