قامت العديد من الدول بإحراق النساء المتهمات بالسحر على مر التاريخ، وذلك لاعتقاد الناس في تلك الفترات قيام الساحرات بممارسة السحر الأسود.
وحتى الآن، عندما تطورت العلوم الطبية والحضارة بشكل عام، يعزى بعض الناس الظواهر الطبية غير المبررة أو الغريبة بقولهم أنها من عمل السحر أو الشيطان.
إنها فكرة تعود إلى بداية الحضارة. فوفقاً لـ (لويس ماجنر) –وهو خبير في تاريخ العلوم الطبية –فقد كتب في كتابه “تاريخ الأمراض المعدية وعالم الميكروبات” أن فكرة تصديق الناس لدور القوى الخارقة للطبيعة في حدوث الأمراض قد كانت فكرة عالمية في مجتمعات ما قبل التاريخ، وحتى في الحضارات المتطورة التي ظهرت في الفترة نحو 3500 قبل الميلاد إلى 1500 قبل الميلاد في بلاد الرافدين ومصر والصين والهند.
في الهند القديمة مثلاً، صوّرت الأساطير والخرافات الهندوسية مجمّعاً للآلهة ومجموعة واسعة من الشياطين قادرة على التسبب في حدوث الأمراض والأوبئة. ويلاحظ (ماجنر) أن المعالجين الأسطوريين والآلهة تصارعوا مع الشياطين.
لكن بعض الأمراض المحددة كانت مرتبطة في كثير من الأحيان بالسحر والقوى المظلمة أكثر من غيرها. إليكم في هذه المقالة مجموعة من الأمراض التي ارتبط حدوثها بالسحر:
1- الصرع
تنتج نوبات الصرع عن حالة عصبية يتم فيها تغيير النشاط الكهربي للدماغ، ويُصاب بها 65 مليون شخص في جميع أنحاء العالم وفقاً لمؤسسة الصرع، ويوجد نحو 3 ملايين من هؤلاء في الولايات المتحدة.
وخلال حدوث النوبة، قد يصبح الشخص مرتبكاً أو باهتاً، ثم يغرق في حالة من فقدان الوعي أو الغيبوبة، حيث لا يستجيب لشيء ويعاني من الارتعاشات أو التشنجات. وقد يكون مظهر الشخص المصاب بالصرع، وهو فاقد السيطرة على جسده، السبب في اتهامه بالسحر من قبل الأشخاص غير المطلعين والخائفين من المشهد.
تقتبس المؤسسة من نص ديني من القرن الخامس عشر يسمى Malleus Maleficarum والذي يقول: “لا يوجد إعاقة جسدية، ولا حتى مرض الجذام أو الصرع، والذي لا يمكن أن يكون سببه السحرة… لأننا وجدنا بعض الأشخاص يعانون من الصرع، عن طريق البيض الذي تم دفنه بجانب جثث الموتى، وخاصة أجساد السحرة، بالإضافة إلى الاحتفالات الأخرى الخاصة بهم والتي لا يمكننا التحدث بها، تحديداً عندما يتم إعطاء هذه البيوض لشخص ما سواء في الطعام أو الشراب.
اعتقد الأطباء بخلاف ذلك في العصر الذي تمت فيه محاكمات سحرة (سيلم) –حيث شهدت تلك الفترة قتل مئات الآلاف من النساء بسبب ممارستهن السحر –لكن عامة الناس ترى أن السبب الرئيسي للصرع يكمن وراء السحر والشياطين، وذلك وفقاً لمؤسسة الصرع.
2- الأمراض النفسية
يمكن للأمراض العقلية مثل الفصام واضطراب الهوية الانفصامية أن تسبب تغيرات عاطفية وسلوكية، فقد تم تشويه سمعتها ووصمها وسوء فهمها لمدة طويلة من الزمن. وقد تمّت معالجة هؤلاء المرضى العقليين عن طريق جلسات طرد الأرواح الشريرة التي تملكتهم، ووفقاً لإحدى النظريات المنشورة في المعاهد الوطنية للصحة، فإن ’’عدداً كبيراً من السحرة أو الأشخاص الذين استُحوذ عليهم من قبل الشياطين، كل هؤلاء قد عانوا أو أظهروا آثاراً للأمراض النفسية.‘‘
وللأسف، لا تزال بعض الثقافات في جميع أنحاء العالم تؤمن بدور السحر في التسبب بالمرض النفسي. حيث أفادت صحيفة الغارديان أنه في دولة غويانا، ذات معدلات الانتحار العالية، غالباً ما تُنسب أعراض الأمراض النفسية إلى السحر، كما يتم نبذ المصابين بها، وفي بعض الأحيان، الاعتداء عليهم جسدياً. في حين يصدق الناس هناك كلام الزعماء الدينيين.
3- التسمم بفطر الإرغوت
عندما يتناول الناس طعاماً ملوثًا بفطر الإرغوت (وله عدة مسميات في اللغة العربية كفطر مهماز الشيلم)، تظهر مجموعة من الأعراض شبيهةً بأعراض الصرع أو الأمراض العصبية كتشنج العضلات والتقيؤ والأوهام والهلوسة والإحساس بتنميل الجلد، ومجموعة أخرى من الأعراض.
وجميع هذه الأعراض موجودة في سجلات محاكمات السحرة في (سيلم). حيث وقعت هذه المحاكمات في ولاية ماساتشوستس في مكانٍ يُعتقد أن محاصيل الذرة أُصيبت بهذا الفطر السام، والذي يستمد منه عقار الهلوسة LSD.
4- التهاب الدماغ النوامي
يُعتقد أن هذا المرض، والمسمى Encephalitis Lethargica، هو حالة أخرى أسيء فهمها أدت إلى حرق الناس بتهمة الشعوذة. ويقول المعهد الوطني للاضطرابات العصبية والسكتة الدماغية أن المرض مجهول السبب يبدي عدداً من الأعراض، منها التهابٌ شديد في الدماغ يصاحبه حمى شديدة، بالإضافة إلى صداع ورؤية مزدوجة وتأخر في الاستجابة الجسدية والعقلية والخمول، مما قد يؤدي إلى غيبوبة.
كما يعاني المرضى أيضاً من حركات العين غير الطبيعية وضعفٍ في الجزء العلوي من الجسم والألم العضلي والهزات وصداع الرقبة والتغييرات السلوكية بما في ذلك الذهان. إنه مرضٌ نادر ولكنه مريع.
ونقلت البي بي سي عن طبيبة تدعى (ستافيا بلانت) وهي تصف حالة واحدة رأتها في أوائل التسعينات:
’’لقد صدمني مظهر المريضة وفاجأني. كانت تقوم بحركات غريبة جداً بذراعيها. كان الأمر غير مألوفٍ البتة‘‘
اضافة تعليق