هل تخاف من الزواحف؟ وهل يصيبك الذعر من الثعابين؟ حسنًا، أنت لست وحدك، فبحسب الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين، يعد الرهاب أكثر الأمراض النفسية شيوعًا لدى النساء، وثاني أكثر الأمراض شيوعًا لدى الرجال، كما ويشير المعهد الوطني للصحة العقلية أن الرهاب يؤثر على قرابة 19.2 مليون راشدٍ أمريكي، وعادةً ما يظهر هذا الرهاب خلال مرحلة الطفولة والمراهقة ويستمر لمرحلة البلوغ.
يوجد عددٌ من التفسيرات لظهور الرهاب وتطوره، بما فيها نظرياتٌ تطورية وسلوكية، ولكن مهما كان سببه، فإن الرهاب حالةٌ يمكن علاجها والتخفيف منها وحتى اختفاءها تمامًا من خلال تقنيات علاجٍ إدراكي وسلوكي وأدوية، وما يلي هي عشرة من أكثر أنواع الرهاب شيوعًا، والتي من الممكن أن تسبب خوفًا ملحوظًا وأعراض، كالدوخة، والغثيان، وضيق النفس، وقد تتصاعد هذه الأعراض لنوبة هلعٍ كاملةٍ في بعض الحالات.
رهاب العناكب: الخوف من العناكب هو رهابٌ شائعٌ إلى حدٍ ما، إذ يؤثر على امرأة من كل ثلاث نساء، ورجلٍ من كل أربعة رجال، فيمكن لرؤية عنكبوت أن تحدث خوفًا كرد فعلٍ لذلك، ويمكن لصورة عنكبوتٍ في بعض الحالات، أو حتى التفكير به أن تؤدي للشعور بالخوف الكبير، والهلع، فلماذا إذًا يخاف معظم الناس من العناكب؟
في حين وجود ما يقارب ال35 ألف نوعٍ مختلفٍ من العناكب، يشكل نحو دزينةٍ فقط تهديدًا حقيقيًا على الإنسان، وواحدٌ من أكثر التفسيرات شيوعًا لهذا الرهاب ورهاب حيواناتٍ مماثل، أن مخلوقاتٍ كهذه شكلت تهديدًا كبيرًا على أسلافنا الذين افتقروا للمعرفة الطبية، والأدوات التقنية للتعامل مع إصاباتٍ من الحيوانات والحشرات، وكنتيحة لذلك تطور خوفٌ لدينا من مخلوقاتٍ كهذه.
رهاب الثعابين: يعد هذا الرهاب شائعًا لحدٍ كبير ويعزى إلى أسباب تطورية، أو تجارب شخصيةٍ، أو تأثيرات ثقافية، ويشير البعض بأنه نظرًا لأن بعض الثعابين سامة، فإن أسلافنا الذين تجنبوا خطرًا كهذا كانوا أكثر عرضةً للنجاة وتمرير جيناتهم للأجيال القادمة، وفي دراسةٍ أجريت على 35 مشتركٍ يخاف من الثعابين، تبين أن ثلاثةٌ منهم فقط تعرض مسبقًا لعضة ثعبان، وأغلبية المشتركين في الواقع لم يكن لهم تجارب مباشرةٍ مع الثعابين أو القليل منها.
وتقترح نظريةٍ أخرى أن الخوف من الثعابين وحيواناتٍ مماثلة نشأ من خوفٍ متأصل من المرض والتلوث، كما أظهرت الدراسات أن هذه الحيوانات تثير الاشمئزاز لدى البشر، الأمر الذي من الممكن أن يفسر شيوع رهاب الثعابين، وعدم ميل الناس لامتلاك فوبيا من حيوانات خطرة كالأسود والدببة.
رهاب المرتفعات: يؤثر رهاب المرتفعات على نحو 23 مليون بالغٍ حول العالم، ويؤدي هذا الخوف لنوبات قلقٍ وتجنب الاماكن المرتفعة، وقد يصل الأمر بمن يعانون من هذا الرهاب أن يتجنبوا الأماكن المرتفعة كالجسور، والأبراج، والمباني الطويلة، وفي حين كون هذا الخوف نتيجةً لتجارب صادمة، إلا أن التفكير الحالي يشير إلى تطور رهابٍ كهذا نتيجة الاعتياد على بيئة يشكل فيها السقوط من المرتفعات خطرًا كبيرًا، وفي حين أنه من الشائع امتلاك الناس خوفًا من الصعود فوق المرتفعات، إلا أن الرهاب يتضمن خوفًا شديدًا قد يؤدي إلى نوبات هلعٍ وسلوكيات تجنب.
رهاب الطيران: يؤثر رهاب الطيران، أو الخوف من الطيران على قرابة الثمانية ملايين راشدٍ أمريكي، على الرغم من ندرة حوادث الطائرات، ونحو واحدٍ من كل ثلاثة أشخاص يملكون بعض الخوف من الطيران، وتتضمن أعراض هذه الفوبيا ارتجافًا، ونبضات قلبٍ سريعة، والشعور بالتشوش والارتباك، ويؤدي رهاب الطيران أحيانًا ببعض الأشخاص إلى تجنبهم للطيران تمامًا، وغالبًا ما يعالج بعلاج «التعرض» وهو تعريض الشخص تدريجيًا للطيران، ويبدأ الشخص ببساطة بتخيل نفسه على طائرة، ذلك قبل العمل على الجلوس فعليًا على طائرة، وينتهي الأمر بالركوب على رحلة جوية.
رهاب الكلاب: يرتبط رهاب الكلاب، أو الخوف منها بتجارب شخصيةٍ معينة، كأن يكون شخصٌ ما عُض من قبل كلبٍ في طفولته، فأحداثٌ كهذه تكون صادمةٌ جدًا وتؤدي إلى استجابات خوفٍ وتستمر إلى مرحلة البلوغ، ويمكن أن يكون هذا الرهاب بالتحديد شائعٌ جدًا، إذ تشير بعض التقديرات أن ما نسبته 36% ممن يخضعون لعلاجٍ من رهابٍ ما، إلى امتلاكهم هذا الخوف الشديد من الكلاب.
وهذا الرهاب ليس تخوفًا طبيعيًا من كلابٍ غير مألوفة، بل هو خوفٌ غير منطقي وشديد، وله تأثير جديٌ على حياة الشخص وآدائه، فشخصٌ يملك هذا الرهاب على سبيل المثال، يمكن أن يشعر بعدم القدرة على المشي في شارعٍ ما بمجرد معرفته لوجود كلبٍ في ذلك الحي، ويمكن للتجنب أن يؤثر على حياة الفرد اليومية، ويجعل من الذهاب للعمل، أو المدرسة، أو أي حدثٍ خارج المنزل أمرًا صعبًا.
رهاب الرعد والبرق: يختبر الأشخاص الذين يعانون من هذا الرهاب شعور خوفٍ قوي عند مواجهتهم لمثل هذه الظواهر المتعلقة بالطقس، وأعراض هذا الرهاب تشبه أعراض أنواع الرهاب الأخرى وتتضمن الارتجاف، وتسارع نبضات القلب، وزيادة في معدل التنفس، وقد يصل الأمر في من يعاني من هذا الرهاب أن يتخذ ملجأً ما أو يختبئ خلال عواصف البرق والرعد، كالاختباء في السرير تحت الغطاء، أو حتى التملص داخل خزانة أو في حمام.
وعادةً ما يميل هؤلاء الأشخاص للانشغال المفرط بالطقس، ومن الممكن أن يمضوا وقتًا طويلًا كل يوم لمراقبة حالة الطقس المحلية والوطنية، من أجل البقاء على علمٍ إن كانت أي عاصفةٍ ستحدث، وقد يؤدي هذا الرهاب في بعض الحالات إلى رهاب الأماكن المكشوفة، إذ يخاف الأشخاص الذين يعانون منه بالخروج من المنزل في عواصف الرعد والبرق.
رهاب الحقن: هي حالةٌ تؤدي إلى عزوف الناس عن العلاجات الطبية والأطباء، وكالكثير من أنواع الرهاب، لا يعالج هذا النوع بسبب تجنب الناس للمحفز والموقف الذي يسبب الأعراض، وتشير التقديرات إلى تأثر 10% من الأشخاص في الولايات المتحدة الأمريكية بهذا النوع من الرهاب.
وعندما يجبر من يملكون هذا الرهاب على الحقن سيختبرون فزعًا شديدًا، وتسارعًا في نبضات القلب، وقد يغمى على بعض الأشخاص خلال الحقنة، لأن تلك الأعراض من الممكن أن تكون مؤلمة ومقلقة جدًا، كما يتجنب من يملك هذا الرهاب الأطباء، وأطباء الأسنان، وغيرهم من المهنيين الطبيين، حتى وإن اختبروا وضعًا صحيًا يستدعي تدخلًا طبيًا جادًا.
الرهاب الاجتماعي (اضطراب القلق الاجتماعي): يرتبط الرهاب الاجتماعي بالخوف من المواقف الاجتماعية، ويمكن أن يكون الأمر منهكًا تمامًا، ويمكن أن يشتد هذا الرهاب في بعض الحالات، ويسبب تجنب الأشخاص للأحداث، والأماكن، والأشخاص الذين من الممكن أن يسببوا نوبات قلق، كما يخاف من يملك هذا الرهاب من أن يكون مراقبًا أو يهان أمام الآخرين، وحتى المهام العادية كتناول وجبة طعامٍ ممكن أن تكون مثيرة للقلق بالنسبة لهم، وذكرت الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين تطور الرهاب الاجتماعي خلال سن البلوغ، واستمرارها مدى الحياة ما لم تعالج.
وأكثر الأشكال شيوعًا للرهاب الاجتماعي هو الخوف من من التحدث أمام العامة، ويتجنب من يملك هذا الرهاب في بعض الحالات المواقف الاجتماعية كالمدرسة، والعمل، مما يؤثر كثيرًا على حياة الفرد وقدرته على آداء مهام حياته.
رهاب الخلاء: ويرتبط هذا الرهاب بالخوف من البقاء وحيدًا في موقفٍ أو مكانٍ يكون فيه الخروج صعبًا، ويتضمن هذا النوع من الرهاب على الخوف من المناطق المزدحمة، والمناطق المفتوحة، والمواقف التي من الممكن أن تسبب نوبات هلع، ويبدأ من يملك هذا الرهاب بتجنب الحوادث المحفزة للنوبات، إلى درجة عدم مغادرة المنزل أبدًا.
ويطور تقريبًا ثلث الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات هلعٍ، رهاب الخلاء، كما أنه غالبًا ما يتطور بين أواخر مرحلة المراهقة ومنتصف الثلاثينات، وذكرت الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين أن ثلثي من يعاني من رهاب الخلاء هن نساء، وغالبًا ما يبدأ هذا الاضطراب بنوبة هلعٍ مفاجئةٍ وغير متوقعة، مما يؤدي إلى قلقٍ حول تكرر تلك النوبة.
رهاب القذارة: من الممكن أن يؤدي رهاب القذارة أو الخوف المفرط من الجراثيم والأوساخ بالناس للانخراط بالتنظيف الشديد، وغسيل اليدين القهري، وحتى تجنب المواقف والأشياء التي ينظر لها أنها ملوثة، وقد يرتبط هذا الرهاب في بعض الحالات باضطراب الوسواس القهري.
ومن الممكن أن يؤدي هذا الرهاب إلى تجنب من يملكه الاتصال الجسدي مع الأشخاص الآخرين خوفًا من التلوث، واستخدام المطهرات المفرط، بالإضافة إلى الانشغال المفرط بتقارير وسائل الاعلام حول تفشي الأمراض، كما يتجنب هؤلاء الأشخاص المناطق التي من المحتمل تواجد جراثيم فيها كمكاتب الأطباء، والطائرات، والمدارس، والصيدليات.
اضافة تعليق