لماذا ينجذب البعوض لبعض الأشخاص اكثر من غيرهم ؟
أنثى البعوض لديها القدرة أن تخرب أي حدث خارج المنزل ما أن تبدأ بجعل الحاضرين وجبة خفيفة لها. ( ملاحظة أنثى البعوض فقط من تتغذى على الدم البشري، وهي لا تحتاج هذا الدم لتغذيتها ، لكن لوجود بعض المواد الغذائية في الدم الضرورية لتشكيل البيض). يبدو أن البعض يعانون من لدغ البعوض أكثر من غيرهم.إذاً هل هو صحيح أن بعض الأشخاص أكثر جاذبية للبعوض ؟ وإذا كان ذلك صحيحاً، لماذا؟
كجواب على السؤال الأول .. نعم، بعض الناس يجذبون البعوض أكثر من غيرهم في بعض الأوقات. أما بالنسبة للسؤال الثاني، لماذا؟ فهناك الكثير من العوامل. بعيداً عن مئات الروائح الكيميائية التي ينتجها الجسم البشري ( بعضها بشكل مفرد ، أو مجتمعة مع غيرها فهي إما تجذب البعوض أو تبعده) كما يوجد أكثر من 3500 نوع للبعوض، وهذه الأنواع لا تنجذب أو تبتعد لنفس المؤثرات. لذلك سيكون من الصعب جداً تحديد السبب الذي ينجذب له البعوض لشخص ما في وقت ما. بشكل عام نحن نعلم أن أنثى البعوض تختارك كوجبة دم محتملة عن طريق ثنائي أكسيد الكربون CO2 الذي يطرحه جسمك، والذي تستطيع أنثى البعوض كشفه عن طريق عضو اللمس الموجود في الفك السفلي. في الحقيقة تستطيع البعوضة تحديد موقعك بهذه الطريقة من مسافة قد تصل ل (100-150 قدم) أو 40 متراً تقريباً.
هذا أحد الأسباب الكثيرة التي تجعل البعوض يستهدف الأشخاص الذين يقومون بتمارين رياضية أكثر. فخلال العمل المجهد أو التمارين فإن الجسم يطرح كمية CO2 أكثر منه في وقت الراحة. يتشارك مع هذا السبب، الوزن الزائد. حيث أن الأشخاص الأكبر حجماً هم هدف للبعوض أكثر من الأشخاص النحيلين. فمع زيادة الحجم تزداد كمية الأكسجين التي يحتاجها الجسم وبالتالي تزداد كمية CO2 التي يطرحها. بالنتيجة فكلما كان معدل استقلاب جسمك عالي، فإنك تطرح المزيد من CO2 وستصبح أكثر جاذبية لإناث البعوض التي تبحث عن بعض الدم لصغارها. ولهذا السبب يكون الأطفال عادة أٌقل عرضة للدغ البعوض من الكبار والرجال أكثر من النساء.
هناك عامل آخر يشارك السبب السابق بالنسبة للناس الذين يقومون بالتمارين وهو حرارة الجسم فكلما زادت حرارة الجسم كلما زادت ملاحظة البعوض لك. ويفترض أيضاً أنه السبب وراء كون الناس الذين يتناولون الكحول هم أكثر عرضة للدغ البعوض.
عل أي حال ، فإن الأمر يبقى إشاعة حيث أن الكحول لا يرفع حرارة الجسم. في الحقيقة ، ما يحدث هو العكس تماماً. حيث يعمل الكحول على خفض حرارة الجسم، فمن المحتمل أن تصاب بانخفاض في درجة الحرارة إذا استخدمت الكحول في إبعاد البرد. إن ما يقوم به الكحول هو منحك الشعور بالدفء حيث أنه يوسع الأوعية الدموية، وبشكل خاص الأوعية الدموية القريبة من سطح الجلد. لذلك يزداد الدم الذي يصل إلى سطح الجلد مما يمنحك شعوراً بالدفء ويزيد التعرق أيضا. هذه العوامل تجعل منك أكثر جاذبية، على الأقل اعتماداً على الفرضية السابقة. في أحد الدراسات التي تبحث في علاقة الكحول بجاذبية البعوض. فقد وجدوا أن استهلاك الكحول يزيد من احتمال تعرض الشخص للدغ البعوض. لكن هذه الدراسة أجريت على عدد قليل من الأشخاص (13 فرداً). وبسبب كثرة الدراسات التي تشير إلى علاقة الكحول بلدغ البعوض وكثرة العوامل التي تجذب البعوض للناس ما زال هذا الأمر موضوع نقاش.
النساء الحوامل أيضاً أكثر جذباً للبعوض ( إن جاذبية المرأة الحامل للبعوض تساوي ضعف جاذبية بقية الناس تقريباً). العوامل المؤثرة في هذه الحالة مشابهة لتلك الموجودة في حالة التمارين وهي ثنائي أكسيد الكربون والحرارة. فالمرأة الحامل تطرح CO2 بمعدل 21% أكثر من غير الحامل. كما أن حرارة جسد الحامل أعلى قليلاً من جسد الغير حامل خصوصاً في منطقة البطن. عامل آخر من الممكن أن يكون سبباً في جذب البعوض وهو لون الملابس والحركة. من غير المفهوم كيف ينجذب البعوض إلى الملابس الداكنة، النظريات القائمة بهذا الشأن أن الملابس الداكنة تجعل الشخص أكثر وضوحاً بالنسبة للبعوض الذي يطير بالقرب من الأرض ليبتعد عن الهواء قدر الإمكان. وأيضاً من المحتمل أن يكون السبب هو الحرارة ، بما أن الملابس الداكنة تمتص أشعة الشمس أكثر. الحركة أيضاً تجعلك أكثر جاذبية للبعوض حيث أنه يصبح قادراً على تمييز جسدك من البيئة المحيطة.
إذاً، هذه هي الجاذبية الرئيسية. تنجذب البعوضة لك من مكان بعيد لكن ما أن تقترب ( أو حتى عندما تقف)، قد تقرر عدم اللدغ. لأنه على سبيل المثال ، سيارة متحركة تعطي الكثير من CO2 والحرارة لكن عندما تقف البعوضة عليها فإنها تميز أن السيارة ليست مصدراً محتملاً للدم، وذلك لغياب العوامل الأخرى التي تحتاجها تلك الحشرة. – العوامل التي تجعل البعوضة تقف على شخص ما أو تلدغ هذا الشخص تتعلق برائحة الجسد وطعمه، أو بتعبير آخر المواد الكيميائية التي إما أن تجذب البعوض أو تبعده عن الجسم. إن شدة التعرق في وقت ما والمواد الكيميائية الموجودة في العرق في ذاك الوقت تؤثر كثيراً على هذه العوامل التي تجذب أو تبعد البعوض، على سبيل المثال حمض اللبن ، حمض البول ، الأمونيا ومواد أخرى موجودة في العرق ستجذب البعوض. بينما وجود مركب ك 6-ميثيل-5-هيبتن-2-1 في العرق يقلل فرص اللدغ كون هذا المركب يعمل كمنفر للبعوض.
زمرة الدم الشخص تلعب دوراً هاماً كما يبدو.. لكن كيف؟
تقريباً 85% من الأشخاص لديهم صفات مميزة لزمرة دمهم وهو شيء على الأقل بعض أنواع البعوض قادر على تحديده. بالطبع يلزم المزيد من البحث ما إن كانت زمرة الدم تؤثر في اختيار البعوض لضحاياه. في أحد الدراسات حول بعوضة النمر الآسيوي، فإن الأشخاص ذوي الزمرة O كانوا أكثر جذباً لهذا النوع من البعوض تقريباً ضعف انجذابه للأشخاص ذوي الزمرة A. إن مزيج الميكروبات الذي يعيش على جلدك كما يبدو يؤثر أيضاً في انجذاب البعوض، على الأقل بعض الأنواع ، بالرغم من أن الدراسات حول هذا الموضوع ما زالت قليلة. في دراسة حول بعوضة الملاريا في 2011 ، وجدوا أن المستعمرات الميكروبية المتنوعة والكثيرة في الواقع تبعد البعوض، بينما مجموعة قليلة من الميكروبات كالمكورات العنقودية تجذب البعوض.
بعيداً عن جاذبية بعض الناس للبعوض ، هناك حقيقة أخرى وهي أن بعض الأشخاص هم أكثر حساسية تجاه لدغة البعوض. فبعد أن تمتص البعوضة الدم، فإنها تترك لعابها في دم الضحية. وكاستجابة الجسم لهذه المادة الغريبة فإنه ينتج أضداد لترتبط بالمستضدات في اللعاب، والذي بدوره ينتج الهيستامين. تأتي فائدة الهيستامين أنه يساعد الكريات البيضاء والبروتينات الأخرى الدفاعية تتصدى لأي شيء يهاجم الجسم عن طريق جعل الشعيرات الدموية أكثر نفوذية لهذه الخلايا. الأمر السيء في هذا الحالة هو الالتهاب الذي سيحصل في كل مرة تلدغ البعوضة الجسم وهذا الفعل الالتهابي هو طريقة الجسم للتخلص من المادة الغريبة. حيث تظهر أثار هذا الالتهاب بشكل بثرة حمراء ملتهبة مكان اللدغة . بالنسبة للبعض فإن استجابة الهيستامين ضعيفة ، بالتالي لن يشعر الشخص أنه كان ضحية لدغة بعوضة. أما بالنسبة للآخرين فإن استجابة الهيستامين قوية لذلك يعانون من التهاب. لذلك فإن كان جسم الشخص لا يستجيب أو يستجيب بشكل ضعيف فإنه على الأرجح سيعتقد بأن البعوض لا ينجذب إليه على الرغم من كونهم يجذبون البعوض، والعكس صحيح.
اضافة تعليق