في معظم الدول العربية لازال يُنظر إلى الإلحاد كشيءٍ مقلق وغير مرغوب، حتى بالنسبة للحكومات حيث أصدرت وزارة مصرية توجيهًا بعمل خطة لمواجهة الإلحاد، قوانين مكافحة الإرهاب في السعودية تعتبر أن الترويج للفكر الإلحادي جريمة إرهاب.
يبدو هذا التعدي على غير المؤمنين غريبًا في الوقت الذي ينتشر فيه القتل باسم الدين، لكن المجتمعات العربية بشكل عام لا تحب كل ما لا يتطابق معها، والسلطات غالبًا ما تروج لشكل واحد من الإسلام يتناسب مع التوجهات السياسية، لذا فالجهاد والإلحاد وإن اختلفا بشكل شبه تام فهما يعتبران شذوذًا عن المتعارف عليه، إضافًة للترويج الإعلامي العربي بأن الملحدين سيجلبون الفوضى وينشرون الفجور إن سمح لهم بدخول هذه المجتمعات. في ست دول عربية “السعودية، قطر، الإمارات، اليمن، السودان، الكويت” عقوبة الردة هي الموت، لم تنفذ إعدامات في السنوات الماضية لهذا السبب، لكن إهانة الدين ولو كانت بطريقة غير مؤثرة قد تصل عقوبتها إلى السجن لسنوات طويلة.
أصبح الملحدون العرب أكثر ظهورًا بسبب وسائل التواصل الاجتماعي، عام 2012 قامت مؤسسة وين غالوب انترناشونال باستطلاع للرأي شمل 57 بلدًا متدينًا، جاءت نتائجه مقلقًة جدًا بالنسبة للسعودية التي تعتبر مهد الإسلام، حيث قال 19% إنهم غير متدينين، و5% قالوا إنهم ملحدون عن قناعة. أما في مصر فيناسب السلطات ظهور ما تسميه “خطر الإلحاد” لتقول إنه ردة فعل على التعامل السيء الذي لقيه الناس على يد الرئيس الإسلامي السابق وجماعة الإخوان المسلمين.
يزعم بعض المحللين أن داعش كانت من أسباب انتشار الإلحاد، حيث كما توجه بعض المسلمين للقتال في صفوفها، أبعدت البعض الأخر عن الإسلام، لكن كثيرٌ ممن تركوا الإسلام قالوا إن الجوانب الإشكالية كانت محرضهم الأكبر، حيث لم يذكر أحد الإرهاب كعامل رئيسي، البعض إن الإلحاد لا يأتي كشيء مفاجئ بل هو مرحلة تمتد على سنوات من التطور التدريجي، كان التعليم الديني الذي وصفوه بالمتناقض عاملًا مرهقًا، كانوا يأملون أن يجدوا حلًا لهذه التناقضات لا يبعدهم عن الدين ولكن يبدو أنهم فشلوا.
يعتقد البعض أن النساء لديهن من الأسباب ما يكفي لترك الدين، فغالبية الأديان السماوية في نظرهم تضطهد المرأة ولا تساويها بالرجل إن كان من ناحية الميراث أو الحقوق، لكن الإلحاد في المجتمعات العربية يربط بقلة الأخلاق وهذا عامل مهم، فمن تود الزواج لا تستطيع أن تجهر بشكوكها حول الدين. في الخطاب الغربي للملحدين تبدو الأسباب العلمية حاضرةً بقوة، لكن يحتوي الخطاب الإلحادي العربي على ردود أفعال تجاه المواضيع الدينية الشائكة بشكل أكبر.
البعض لا يترك الدين ولكن يعتبر نفسه مسلماً تقدميًا أو مجددًا إصلاحيًا، حيث يعتقدون أن تجديد الخطاب الديني ووضع بعض القوانين في سياقها التاريخي وعدم اعتبارها صالحة لكل زمان ومكان سيخدم المسلمين اجتماعيًا وسياسيًا أكثر من الإلحاد. هناك تاريخ طويل من العداوة بين المسيحية والعلم، ولكن المسلمين بشكل عام لم يعتبروا المكتشفات العلمية كتهديد لهم، عام 1859 حين نشر كتاب أصل الأنواع لداروين تباينت ردود فعل المسلمين حوله لكنها لم تكن بتلك الحدة.
يتعقد الوضع الديني في العالم العربي بسبب الارتباط الوثيق بين الدين والسياسة هناك، فمعظم الأنظمة العربية تستمد شرعيتها من الوضع الديني بسبب نقص الشرعية الفعلية لحكمها، فحين تتحدى الدين هنا فانت تتحدى الحاكم نفسه الذي يعتمد في سلطته على الدين، في السعودية مثلًا لا تستطيع أن تشهر إلحادك فأنت تعادي السلطة بذلك، ففي القانون الأساسي للملكة “يشبه الدستور” تستمد الحكومة سلطتها من القرآن وسنة النبي. عدد الملحدين العرب المجاهرين اليوم ليس كبيرًا، لذا لا تعتبرهم السلطات تهديدًا لكنها ترغب في بقاء الوضع على حاله.
اضافة تعليق