هل من يدعون استواء الأرض جادين في ادعاءاتهم؟ يدعي الأفراد الذين ينتمون إلى «مجتمع الأرض المسطحة» باستواء الأرض، فالمشي على سطح الأرض يجعلها تبدو مسطحة ويمنح شعورًا بذلك، ولذلك فإنهم يعتبرون جميع الأدلة المتوافرة عكس ذلك، فيعتقدون أن صور الأقمار الصناعية التي تبدو الأرض فيها كروية ما هي إلا محض اختلاقاتٍ لدعم نظرية مؤامرة الأرض المستديرة التي دبرتها ناسا ومنظمات حكومية أخرى، ووصف الاعتقاد باستواء الأرض بأكثر نظريات المؤامرة تطورًا.
النظر بعيون المؤمنين بنظرية الأرض المسطحة: أولًا لنلقي نظرةً على نظرة العالم الذي يعتقد به المؤمنين بنظرية الأرض المسطحة، ففي حين أنهم يتجاهلون أدلة تكور الأرض الملموسة، تجدهم يقبلون بسهولةٍ قائمة طويلة من الافتراضات التي يدعوها البعض بالمضحكة، وتتضمن نظرية الأرض المسطحة وصف الأرض على أنه قرص تتمركز فيه دائرةٍ القطب الشمالي في المنتصف وأنه يوجد جدار الثلج يبلغ ارتفاعه 150 قدمٍ حول الحافة، ويدعون بحماية موظفي ناسا لهذا الجدار، لمنع الناس من التسلق والسقوط من على القرص.
وتُشرح دورة الليل والنهار الأرضية بافتراض أن الشمس والقمر يمثلان جسمان كرويان بقطر 32 ميلٍ، ويتحركان بدوائر على بعد 3.000 ميلٍ (4,828 كم) أعلى الأرض المسطحة، وتنير تلك الكرات السماوية أجزاء مختلفةً من الأرض بواقع دورةٍ مدتها 24 ساعة، كما ويعتقد المؤمنون بنظرية الأرض المسطحة بوجود ما يسمى «مضاد القمر» والذي يحجب القمر أثناء خسوف القمر.
ويدعون علاوةً على ذلك أن جاذبية الأررض ما هي إلامحض وهم، فلا تتسارع الأشياء إلى أسفل، بل يتسارع القرص إلى أعلى بسرعة 32 قدم للثانية المربعة (9.8 متر للثانية المربعة) عوضًا عن ذلك ومدفوعًا بقوةٍ غامضة تدعى بالطاقة المظلمة، كما ويوجد حالُيا اختلافٌ بالرأي بين المؤمنين بنظرية الأرض المسطحة حول إن كانت النظرية النسبية لآينشتاين تسمح للأرض بالتسارع إلى أعلى لأجل غير مسمى من غير تجاوز الكوكب لسرعة الضوء في نهاية المطاف ( من الواضح أن نظرية أينشتاين ما زالت تلعب دورًا في نسخة الواقع البديل هذا).
أما بالنسبة لما يقع تحت قرص الأرض فما زال مجهول، ولكن يعتقد معظمهم أنه مكون من الحجارة، ويوجد أيضًا نظرية مؤامرة حملت المؤمنين باستواء الأرض على افتراض صور معدلة للكون باستخدام برنامج الفوتوشوب، كما أن أجهزة تحديد الموقع مزورة لجعل الطيارين يعتقدون أنهم يطيرون في خطوط مستقيمةٍ حول جسمٍ كروي في حين أنهم يحلقون بدوائر فوق القرص، أما عن الدافع وراء إخفاء الحكومة لشكل الأرض الحقيقي فلم يتم التأكد منه بعد، ولكنهم يرجحون أنه يصب في غايات اقتصادية.
طريقة زيتيتك: تتبع النظرية أسلوب تفكير يدعى ب«طريقة زتيتك» وهو بديلٌ للطريقة العلمية صمم من قبل مؤمنين باستواء الأرض في القرن التاسع عشر، وتسود الملاحظات الحسية في الأسلوب على أنها المرجع الاساسي، وقال نائب رئيس مجتمع الأرض المسطحة مايكل ويلمور في كتاب ألغاز الحياة الصغيرة «بصورة عامة، تؤكد الطريقة على التوفيق بين التجريب والعقلانية، مما يجعل الحسم المنطقي مبنيٌ على بياناتٍ تجريبية.»
تجعل هذه التفاصيل نظرية الأرض المسطحة سخيفةً بشكلٍ متقن ما يجعلها تبدو وكأنها مزحة، ولكن كثيرًا من مؤيديها يعتبرونها نموذجًا معقولًا أكثر لعلم الفلك من الذي يوجد في الكتب المدرسية.
وعلاوة على ذلك، يعتقد كلًا من ويلمور ورئيس المجتمع البالغ من العمر 35 عامًا دانييل شينتون، أن الدلائل على الاحترار العالمي هي دلائل قوية، بغض النظر عن أن كثيرًا من هذه الأدلة يأتي من بيانات أقمار صناعية جُمعت من قبل وكالة ناسا ناسا المهيمنة على «مؤامرة الأرض المستديرة» على حد قولهم، كما ويقبلون نظرية التطور وغيرها من المبادئ الرئيسية الأخرى للعلوم.
سيكولوجيا نظرية المؤامرة: وبقدر ما يبدو اعتقادهم غير قابلٍ للتصديق، إلا أنه أمرٌ لا يفاجئ الخبراء، فبحسب كارين دوغلاس خبيرة النفس في جامعة كينت في المملكة المتحدة التي تبحث في سيكولوجيا نظرية المؤامرة، فإن اعتقاد المؤمنين باستواء الأرض يتوافق مع نظريات مؤامرة أخرى درستها سابقًا.
فصرحت دوغلاس اموقع أخبار العلوم «Live science» «يبدو لي أن أولئك الناس يعتقدون عمومًا باستواء الأرض، ولا أرى أن أي شيءٍ كفيلٌ بتخليهم عن الفكرة لأي سبب آخر.»
تمنح طريقة وضع نظريات المؤامرة ثقة بالنفس وجاذبيةً خاصة، فتجد جميع المؤمنين باستواء الأرض أكثر تعنتًا من معظم الأشخاص المؤمنين بكروية الأرض (وربما يعود ذلك إلى أن بقيتنا يشعر بعدم حاجته لإثبات شيء.)
غير أن المؤمنين باستواء الأرض لا يتناسبون تمامًا وبشكلٍ مريح في هذه الصورة العامة، فمعظم واضعي نظريات المؤامرة يتبنون نظريات هامشية عديدة، حتى وإن كانت تناقض بعضها البعض، بينما لا يجد مؤمني الأرض المسطحة نظرية هامشية أو قضية للمناقشة سوى استواء الأرض.
اضافة تعليق