وجود الدولة الإسلامية كان سبب في ظهور أدب إسلامي يختلف كثيراً عن الأدب الجاهلي، وسمح العصر الأموي لهذا الأدب بأن يتألق وينتشر.

لقد نشأت في العصر الأموي حركة ثقافية واسعة وانتشرت المعرفة بين طبقات المجتمع المختلفة وكانت الثقافة الأموية هي مزيج من الثقافة الجاهلية و الإسلامية وثقافات أخرى نشأت من تأثر الشرق بالغرب والعكس.

الفنون الأدبية في العصر الأموي

1- الكتابة

لم تكن الكتابة منتشرة بشكل واسع في العصر الجاهلي ولكن العرب عرفوها بشكل بسيط فكانوا يستخدمونها من أجل كتابة الرسائل وكتابة العهود وفي التبادل التجاري.

وبعد قيام الدولة الإسلامية كثرت الحاجة لاستخدام الكتابة، وكانت ما تزال بسيطة مبتعدة عن التعقيد والزخرفة.

وبمجيء العصر الأموي أصبح هناك حاجة كبيرة للكتابة فتم البدء بإنشاء الدواوين. وكان إنشاؤها قد بدء في عهد عمر بن الخطاب الذي أنشأ ديوان العطاء. ورافق إنشاء الدواوين بدء حركة التدوين فتم جمع الأخبار والأشعار، وكتبت رسائل عن مواضيع مختلفة.

وفي عصر بني أمية ظهر كتّاب محترفين للكتابة، فكتب ديوان الخراج بلغة البلد الموجود فيه، ففي العراق كتب بالفارسية وفي الشام كتب بالرومية، وفي عهد عبد الملك بن مروان تم تعريب هذه الدواوين. بينما ديوان الرسائل، كانت لغته عربية منذ نشأته وساعد في كتابته كتّاب عرب أو من الكتّاب الموالي الذين يتقنون اللغة العربية.

وقد تأثر الموالي بمناهج الكتابة وأساليب التعبير في لغاتهم الأصلية، فظهرت في كتاباتهم سمات لم تشهدها اللغة العربية من قبل، مثل الإطالة والتكرار وكثرة التصنع و الزخرفة.

2- الخطابة

كان هناك أنواع مختلفة للخطابة عرفها العصر الأموي إضافة إلى أنواع جديدة ظهرت نتيجة اختلاف الأحداث الاجتماعية والسياسية.

بداية هناك الخطابة السياسية، بسبب كثرة الأحداث والخلاف بين الأحزاب السياسية فقد ازدهرت الخطابة السياسية بشكل ملفت للنظر، حيث كان لها دور بارز في جذب المؤيدين ومقاتلة الأعداء وتحفيز الثائرين. كما تقترن الخطابة الحربية بالخطابة السياسية؛ فقد كان هناك خطباء بخبرتهم العالية يستطيعون إيقاد الحماسة في نفوس المناضلين و إخماد نيرانهم في أي وقت.

والنوع الثاني هو الخطب الدينية حيث لاقت إقبال واسع لا يقارن بإقبالهم للخطابة السياسية. كما أن هناك بعض الأحزاب السياسية التي لبست ثوب ديني كان لها دور كبير في ازدهار هذا النوع من الخطابة. فالخطباء الدينيون انقسموا إلى فئات فمنهم من انغمس في الزهد بالدنيا وبدأ بنشر المواعظ، ومنهم من كانوا يرافقون الجنود و يشجعونهم على التضحية في سبيل الوطن، ومنهم من انصرف إلى المساجد ساردين قصص الأنبياء وتفسير القرآن الكريم.

واللون الثالث هو الخطابة الحفلية. وما يقصد هنا هي الخطب التي كانت تقال في المحافل والأسواق في بعض أمور الحياة الاجتماعية مثل التعزية والتكريم وعقود الزواج.

فن الخطابة لم يصل في أي عصر من العصور إلى ما وصل إليه في العصر الأموي من نضج وبلاغة فالخطب كانت منسقة الأفكار، متسلسلة بإتقان بسلاسة، ومرتبة بسلاسة.

3- الشعر

ظهر الشعر السياسي بسبب كثرة الأحزاب السياسية في ذلك العصر، فكانت الأحزاب المتخاصمة بين بعضها تتنافس من خلال شعرائها المؤيدين لها.

وبلغ الشعر -بسبب هذه الخلافات- غايته من الانتشار والازدهار وكاد أن يتطبع الشعر في ذلك العصر بالطابع السياسي.

النوع الثاني هو الشعر الغزلي. ازدهر الغزل في مكة والمدينة وحواضر الحجاز،و وعرف بالغزل الحضري حيث أن الحجازيون كانوا منصرفين لسماع الغناء والتعرض للنساء، فانجرفوا وراء هذا الغزل بشكل كبير ساهم في وصوله لمرتبة رفيعة لم يصلها في أي عصر من العصور الأخرى. ورائد هذا النوع من الشعر هو الشاعر عمر بن أبي ربيعة.

وأيضاً الشعر الغزلي البدوي له نصيب من الازدهار، فقد عرفوا شعرائه بعواطفهم ورقتهم ومنهم من أوصله حبه للدمار حيث زودوا شعرهم بصور ومعان مبتكرة لم يدركها الشعراء قبلهم.

وأشهر شعراء هذا اللون هو جميل بن معمر المشهور باسم “جميل بثينة”.

وأخيراً لدينا الشعر الغزلي النسيب، الذي كان الشعراء يلقونه في بداية القصيدة وخاصة قصائد المديح. وأشهر شعراء هذا النوع هو جرير بن عطية.
ولن ننسى الشعر القبلي الذي جاء نتيجة للخلافات القبلية بسبب تعصب كل شخص لقبيلته، وأشهر رواده ما سمي ب الثالوث الفحول هم : جرير والفرزدق و الأخطل ولكل منهم دواوين ضخمة.

ويوجد لون آخر عرف في العصر الأموي هو الشعر الزهدي، لكنه لم يصل إلى ذروته وغايته في هذا العصر.

ومن خصائص الشعر في العصر الأموي أنه كان منقحاً للغاية لأن الشعراء اعتمدوه وسيلة لكسب لقمة العيش حيث كانوا يعتنون به للغاية لإرضاء الناقدين و الممدوحين.

وكانوا في هذا الشعر يبدؤون القصيدة بالوقوف على الأطلال ثم يصفون لنا الطريق ذاكرين ما مروا به من واحات و ما صادفوه من حيوانات وما عانوه أثناء السفر، ويذكرون لنا صفات الممدوح من شجاعة وصدق وكرم مع المبالغة في الوصف. فكلما كانوا يبالغون في وصف الممدوح كلما كان رزقهم أوفر.

أيضاً لوحظ أنه في بعض أنواع الشعر الأموي ظهرت اللمسة الإسلامية بشكل قوي، كما أن القرآن الكريم ترك أثراً واضحاُ فيه.

مجد دريباتي

مجد دريباتي

طالب في كلية الهندسة المدنية، مهتم بالأدب والموسيقا والسينما، كاتب محتوى ومترجم في عدة مواقع الكترونية.

الاطلاع على جميع المقالات

تعليق واحد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة مؤخرا

error: Content is protected !!