ربما تجد الأمر محرجًا قليلًا، حيث يأتيك أحد أفراد عائلتك ليخبرك أنك كنت تتفوه ببعض الكلمات غير المفهومة أثناء نومك الليلة الماضية، وتنكر أنت ذلك بشدة، خاصة عندما يخبرك أخوك أنك كنت تتفوه ببعض الألفاظ البذيئة التي لا تصدر منك كثيرًا أمامهم أثناء استيقاظك. في بحث منشور مؤخرًا لاستطلاع هذه الظاهرة التي بإمكانها أن تزيد من فهمنا عما يحدث أثناء النوم، أظهر الباحثون في فرنسا نتائج غريبة عن التحدث أُثناء النوم عند فحصهم للمشاركين في البحث.
ففي دراسة أجراها الباحثون على 230 شخص بالغ في فرنسا، قد دون الباحثون صدور نحو 900 كلمة أُثناء نومهم ليلًا، وذلك بعد مراقبتهم أثناء النوم في معامل البحث لليلتين. ولأن ظاهرة التحدث ليلًا أثناء النوم ظاهرة نادرة، فإن معظم المشاركين كان لديهم نوع خاص من اضطرابات النوم مثل الحركات والانفعالات غير الإرادية أثناء النوم.
لاحظ الباحثون أن الكلمات الأكثر تكرارًا من المشاركين في التجربة كانت كلمة «لا» وكلمة «سحقًا» بشكل أكبر مما يقولونه في أثناء الاستيقاظ بمعدل 800 مرة. وقد جمعت الكلمات التي قيلت أُناء النوم لتحليلها، من حيث نوعية الكلمات التي تقال ونبرة الحديث ومدى أدبه أو بذائته.
وجد الباحثون أن النسبة الأكبر من الناتج عند الحديث أُثناء النوم كانت تمتمة وكلمات غير مفهومة، بنسبة تصل إلى 59% من إجمالي ما يقال أثناء النوم. بينما كانت النسبة الأكبر والمفاجئة هي وجود كمية كبيرة من الكلمات البذيئة أو الهجومية بجانب الكلمات الواضحة والعادية. فكانت النسبة النهائية هي وجود نحو 24% من المحتوى الكلامي السلبي، و22% من الكلام البذيء، و10% كانت فقط لكلمة «لا»، على الرغم من أن معدل قول «لا» في الظروف العادية أثناء الاستيقاظ لا يتجاوز 2.5% فقط.
لماذا كانت هذه الكلمات سلبية هكذا؟ يعلل الباحثون هذه الظاهرة بنسبها إلى نظرية «محاكاة التهديدThreat Simulation Theory» والتي تقول بأن كافة الأحلام أو الأنشطة التي تحدث أثناء الأحلام هي عبارة عن محاكاة عن الأخطار والتهديدات التي يمكن أن تواجهنا أثناء اليقظة، يقوم بها الدماغ لتدريبنا وتأهيلنا على مواجهتها في الواقع وتقليل حدة القلق تجاهها، وذلك تبعًا للتفسير التطوري.
إحدى النتائج التي أدهشت الباحثين أيضًا هي مطابقة الصحة اللغوية للكلام الذي يقال أُثناء النوم لذلك الذي يقال أُثناء اليقظة، مما يرشح أن نفس الدوائر العصبية التي تستخدم أُثناء اليقظة يستخدمها الدماغ أُثناء النوم. كما تشير التمتمات والكلمات غير المفهومة لاستمرار سيطرة الدماغ على تثبيط القشرة الدماغية الحركية مما يؤدي إلى عدم خروج بعض الكلمات كاملة عند النطق واستخدام العضلات. وذلك إن كان يعني شيئًأ فإنه يعني أن الكلام أُثناء النوم يتبع نظامًا عصبيًا معقدًا للغاية وأنه بالمزيد من الدراسات ربما يعطينا بصيرة عن أهمية الأحلام والغرض منها بيولوجيًا ومدى نفعها للإنسان.
اضافة تعليق