أطرف قصص الاختراعات: للبشر نزعة للارتجال عند مواجهة المشاكل، ويثبت بعضنا سعة حيلته آنذاك، كما أن معظم الأشياء التي نستخدمها اليوم ولدت من الحاجة من مبدأ الحاجة أم الاختراع، لكن بعض الاختراعات جاءت نتيجة لقليل من الحظ ولمحة من العبقرية.

سماعة الطبيب: اخترع الطبيب الفرنسي رينيه ثيوفيل هايسنث لاينك (1826-1718) ، في مستشفى نيكر إنفانتس في باريس أول سماعة طبيب عام 1816، إذ اعتاد الأطباء على النقر بأصابعهم على صدر المريض ليحصلوا على أدلة عن وضع المريض، إلا أن ذلك غالبًا ما شكل مشكلة للطبيب عندما يحتاج أن يفحص سيدة صغيرة مريضة، فلذلك في سعي منه لتجنيب الفتاة مزيدًا من الإحراج، قام بلف صحيفة من الورق لصنع أنبوب، وضعه بعدها على صدر المريضة، وتفاجئ بتسهيل هذه الطريقة للتشخيص الدقيق، فأدى هذا النجاح لاختراع أول سماعة طبيب، ولو أنها كانت مصنوعة من أنبوبٍ خشبي.

لاصق الجروح: واخترعت هذه لحاجة أكثر منها صدفة في العام 1920، عندما كان إيرل ديكسون وكيل مشتريات القطن لشركة جونسون&جونسون ومتزوجًا من امرأة خرقاء نوعًا ما تدعى بجوسفين، والتي كانت معرضةً جدًا للحوادث، مما صعب حياة إيرل، وفي حين أن الرعاية الصحية لم تكن رخيصة، وعندما لاحظ أن حوادث زوجته لن تتوقف، خطرت له فكرة قص قطعةً صغيرةً من الشاي ووضعها على شريطٍ آخر من الشاش، مع لاصقٍ في كل نهاية، فأُنقذت جروح جوزفين من التهابها، ولكن لم يعرف أحد إن توقفت عن المشي على الجدران أم لا، وتم إضافة التعقيم إلى لاصق الجروح بحلول العام 1939 في الوقت المناسب للحرب العالمية الثانية.

مخدر أكسيد النيتروز: قبيل اختراع التخدير، كان يحكم على براعة الطبيب بمدى سرعته في إكمال عملية جراحية أكثر من مهاراته التقنية، وتضمنت أساليب إراحة المريض من الألم وإعطاء الكحول وحتى ضرب المريض بقوة ليغمى عليه، وتغير هذا عندما تأمل ذلك طبيب الأسنان هورسون ويلز في هارفرد، في الولايات المتحدة، ففي العام 1844 كان يعتبر أكسيد النيتروز الذي يستخدمه أطباء الأسنان كمخدر حفلات، إذ أنه يجعل الناس يشعرون بالسعادة والاسترخاء، وكان صديق هارتفورد قد أخذ الكثير من غاز الضحك خلال عرض مسرحي، بداعي تسلية الحضور، وخلال العرض قطع ساقه عن طريق الخطأ، ولكن المفاجأة أنه لم يشعر بشيء!، ومتحمسًا بهذا الاختراع، منح هورسون براءة اختراعٍ في استخدام أكسيد النتروز كأكثر طرق التخدير فعالية، وبرغم من رجوع الفضل له في اختراع التخدير، إلا أنه مات موتةً مأساوية بعد حياة كان مدمنًا فيها على منتجه الخاص.

الميكرويف: أصبح رجل يدعى بيرسي سبينسر عام 1932 واحدًا من ثلاثة أشخاص عينوا لتثبيت الكهرباء في مصنع طحن للورق، وبرغم عدم تلقيه لأي تدريب رسمي في الهندسة الكهربائية أو إكماله للمدرسة، وبسبب موهبته وعمله الجاد، كان قد علم نفسه علم المثلثات والتفاضل والتكامل والفيزياء وعلم المعادن ومواضيع أخرى، وفاز بعدها بعقدٍ مع الحكومة لإنتاج معدات رادار قتالية للحرب العالمية الثانية، وبينما كان يعمل يومًا ما على بناء صمام مغناطيسي إلكتروني لمجموعة رادرات، كان يقف أمام رادار، وحينما لاحظ ذوبان قطعة حلوى في جيبه، وبعد تحريات عدة، استطاع سبينسر تطوير صندوقٍ ضخم فيه بإمكانه توجيه إشعاع كهرومغناطيسي على مواد غذائية لتسخينها، فأصبح اليوم لدينا ما يشابه ذلك الصندوق يمكننا من صنع الفشار وتسخين ما تبقى من الطغام.

معجون الأطفال: كان المهندس جايمس رايت يعمل في مجلس الإنتاج الحربي الأمريكي خلال الحرب العالمية الثانية، وحاول صناعة مادة غير مكلفة للمطاط الصناعي في مخبر الكهرباء العامة في ولاية كونيتيكت، فخلط المهندس الكهربائي زيت السيلكون مع حمض البوريك في محاولة لإيجاد بديل رخيص للمطاط لدواسات الدبابات والأحذية وما إلى ذلك، وعند وضعه لزيت السيلكون مع حمض البوريك حصل على مادةٍ مطاطية ومطاوعة اكثر من المطاط، فخذل الجيش آنذاك وأوقف الباحث، وبعد سنوات عدة لاحظ رجل الأعمال بيتر هودجسون مدى نجاح تلك المادة خلال إحدى الحفلات، وأعاد تسميتها بمعجون الأطفال وسوقها على أنها لعبة أطفال، فأصبحت ألعوبة شهيرة في عدة أجزاء من العالم، وتطورت فيما بعد إلى أداة مفيدة للكبار إذ تستطيع التقاط الأوساخ بسهولة ولغايات الإصلاح، كما استخدمها رواد الفضاء أيضًا على متن أبولو 8 في مهمتهم للقمر للمحافظة على أدواتهم آمنة في انعدام الجاذبية.

التيشرتات أو القمصان قصيرة الكم: هناك بعض الأشياء لا تبدو كاختراعات لأنها موجودة من زمن بعيد ومفيدة جدًا في حياتنا، لدرجة أنه يصعب تخيل العالم من دونها، ويعود الفضل في نشأة القمصان للرجال العزاب في العام 1904، وحاول أن تبقي حقيقة أن الرجال كانوا يرتدون قمصان بأزرار آنذاك والتي عادة ما كانت تفقد أزرارها، وفي حين أن الخياطة كانت مهمة للجنس اللطيف، اعتمد الرجال على زوجاتهم وأمهاتهم وأخواتهم لإصلاح ملابسهم ، ومن الواضح أن ذلك كان مشكلةً لدى العزاب، ولحسن الحظ روجت شركة كوبر للملابس الداخلية عبر إعلان مجلة في العام 1904 أحدث منتجٍ لهم وهو قميصٌ مطاطيٌ كفاية ليسحب من رأس الفرد، وكان الإعلان ” لا دبوس أمان – لا أزرار – لا إبر – لا خيط”، واستهدف الرجال غير المتزوجين الذين لم يقدروا على الخياطة، وفي خلال سنة شاهدت البحرية الأمريكية الإعلان وبدأت بإنتاج قميصٍ لكل بحار، والباقي تاريخٌ كما يقال.

قصي أبوشامة

قصي أبوشامة

قصي أبوشامة
مهندس مدني من الأردن، أسعى إلى زيادة الوعي في التقدم المعرفي والمنهج العلمي وتعزيز بنية الفرد العربي ثقافياً وإنسانياً

الاطلاع على جميع المقالات

اضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة مؤخرا

error: Content is protected !!