مكملات الفيتامينات هل يوجد منها فائدة حقيقية؟


مقدمة:

تلعب الفيتامينات دوراً أساسياً في معظم العمليات الخليوية؛ من التمثيل الغذائي إلى تحويل الدهون إلى طاقة، ومن تشكيل العظام والأسنان حتى إنتاج الحيوانات المنوية. وقد يبدوا مفاجئاً للبعض أن مصطلح «فيتامين» لم يظهر حتى القرن العشرين، حيث كان العالم البولندي كاسمير فانك أول شخص يطلق على المغذي الذي أنتجه من خلال عزله عن قشور الأرز هذا الاسم، حيث جمع المصطلح اللاتيني للحياة – فيتا – ومزجه مع كلمة «أنمي-Anime» لينتج معه كلمة فيتامين.
قفزة إلى الأمام:

وبعد 20 سنة من اكتشاف الفيتامين في منتصف ثلاثينيات القرن الماضي، ظهر أول مكمل غذائي من الفيتامين إلى السوق، لكن لم ينتشر فعلياً ولم يذيع صيته حتى سبعينات القرن الماضي بتأييد ودعم من الكيميائي لاينوس باولنج، الحاصل على جائزة نوبل مرتين. .

ناضل لاينوس ليثبت للعالم أن جرعات فيتامين س أو كما سماها «auto-molecular vitamin c dosing» كانت ترياقاً لم يقتصر أثره على التقليل السرطانات بل أيضاً من أمراض القلب، وتمثل الاقتراح أن مقدار محدد من الجرعة سوف يعمل كمضاد للأكسدة والذي يحمي الخلايا من الأضرار المؤكسدة الناتجة عن الجذور الحرة – الجذور الحرة (أو الشقائق) هي عبارة عن ذرات أو جزيئات بها إلكترونات غير زوجية أو بها غلاف مفتوح، وهذه الإلكترونات الغير مزدوجة (الفردية) غالبا ما تكون نشيطة، ولذلك فإنها تلعب دورا في التفاعلات الكيميائية سواء التفاعلات الكيميائية المعملية أم العمليات الحيوية التي تتم في جسم الإنسان، فتلعب الجذور دورا في تفاعلات الاحتراق، كيمياء الغلاف الجوي، البلمرة، كيمياء البلازما ، والكيمياء الحيوية، وعديد من التفاعلات الكيميائية الأخرى – وبينما كان هنالك عدة دراسات وصفية تدعم هذه الفكرة، إلا أنه لم يوجد برهان أكيد.

فائدة المكملات:

مما لا شك فيه أن المكملات في بعض الحالات يمكن أن تكون مفيدة للغاية، وبينما قد يكون تناول حمية متنوعة ومتوازنة هو الطريق الأمثل للحصول على ما يحتاجه جسمك، إلا أن بعض الفيتامينات الأساسية من الصعب تواجدها طبيعياً، فيتامين دي على سبيل المثال يكتسب من خلال التعرض إلى أشعة الشمس، والتي يصعب أحياناً التعرض إليها في أماكن مثل أوروبا الشمالية؛ لذا فإن تواجد مكملات تحوي ما يتطلبه جسدك يومياً يمكن اعتباره مفيداً جداً في هكذا حالات، كما أن تناول مكملات حمض الفوليك هو أمر موصى به للنساء الحوامل، بسبب فوائدها في منع تكون عيب في الأنبوب العصبي لدى الطفل، وفي هكذا حالات فإنه يوجد دليل واضح يثبت منفعة المكملات الفيتامينية.
يجب أن نضع في عين الاعتبار أن المكملات صنعت في الأساس لسد العجز وليس لتعمل كعلاج، قبل كل شيء يجب أن نعلم ما هو مصطلح «الكمية الموصى بها يومياً – recommended daily allowance – RDA » وهو يعني الكمية المطلوبة لشخص معافى مضافاً إليها انحرافين معياريين، وهذه الكمية هي إحدى ثمار هذه الحاجة – الحاجة أم الاختراع- وبالعادة تحتوي أقراص الفيتامين على عدة كميات من ال «RDA» غير واضحة، ومن منظور علمي، إذا وجدت أي كمية محددة من هذه الكميات، أو إذا كان المقدار المأخوذ من هذه الكميات يقع ضمن حدود الأمان، فإنه عندها يمكن أن تستحق كل هذا العناء، بعد كل ذلك إذا كان هنالك فرصة في أن تناول فيتامين س سوف يساعد على درء تصلب الشرايين وعبوته رخيصة نسبياً، عندها فإن من المؤكد أن هذا الفيتامين يستحق العناء، ويفضل في معظم الحالات أن تعرف الجرعات المفرطة لذلك الفيتامين الذي سوف تتناوله لضمان سلامتك.

مخاوف صحية:

من الممكن بتناولك لكمية كبيرة من الفيتامينات أن تصل إلى جرعة مفرطة، لكن الإفراط من شرب المياه المحلولة بالفيتامين كفيتامين س نادراً ما يعتبر خطيراً لأنه سوف يتحول في النهاية إلى بول ويخرج من الجسم، لكن من الصعب التخلص من الكميات الزائدة من الفيتامينات المذوبة مع الدهون، وفيتامين A هو إحدى الأمثلة على هذه الحالة، فتناول كميات كبيرة يمكن أن يتكدس على شكل دهون، خصوصاً في النسيج الدهني المحيط بالكبد وهذا بدوره يملك تأثيرات سامة عليه، ويسبب صداع للرأس ويصيب المرأة الحامل بالدوخة ويؤثر سلباً على الجنين، لكننا لا ننصحك بعدم تناول المكملات؛ بل يجب عليك ببساطة أن تحرص على حصر نفسك بالكمية الموصى بها يومياً.

 

إثبات الكفاءة:

تجري حالياً أبحاث عديدة تعمل على اكتشاف آثار بعض الحميات والأمراض وبعض منها يركز على استهلاك الفيتامينات؛ والبحث الجديد القائم على فيتامين ب وتأثيره في إبطاء بدايات الزهايمر هو مشجع للغاية من نواحي صحية، لأنه فوق كل شيء فكلفة هذه المكملات لا شيء مقارنة بالفوائد الناتجة عنها. كما يوجد بحث جديد يربط استهلاك فيتامين د مع تقليل أعراض السكري، ومع وجود مكملات متوفرة بسهولة تتزايد القدرة على تغيير حياة العديد من الذين يعانون من مختلف الأمراض، وغالباً ما أثبتت المكملات كفاءتها خلال القرن الماضي، ويزداد الأمل بوجود الأبحاث الجديدة أن هذه الأقراص رخيصة الثمن قد تغير حياة العديد من الناس.


 

قصي أبوشامة

قصي أبوشامة

قصي أبوشامة
مهندس مدني من الأردن، أسعى إلى زيادة الوعي في التقدم المعرفي والمنهج العلمي وتعزيز بنية الفرد العربي ثقافياً وإنسانياً

الاطلاع على جميع المقالات

اضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة مؤخرا

error: Content is protected !!