القصة وراء رفض مارلون براندو لجائزة الأوسكار عام 1973 عن فيلمه الشهير العراب


في 5 آذار عام 1973 رفض مارلون براندو جائزة الأوسكار التي قُدمت له عن فئة أفضل ممثل، بسبب دوره القوي كـ Vito Corleone في فيلم The Godfather، وذلك لسبب غير متوقع أبداً. في الستينات انحدرت مهنة براندو في التمثيل. فقد شكّل فيلماه السابقان ( One-Eyed Jacks، و Mutiny on the Bounty) خسارةً كبيرة في صندوق الإيرادات رغم الميزانية الكبيرة لكلّ منهما. حتى أنّ بعض النقاد قد جعلوا من فيلمه Mutiny on the Bounty نقطة نهايةً لعصر هوليوود الذهبي. ومما زاد الوضع سوءاً، الشائعات التي كانت تحوم حول سلوك براندو العنيد وصعب المراس خلف الكواليس، مما جعله من الممثلين غير المرغوب بالتعاقد معهم.
إذاً احتاجت مهنة براندو للإنقاذ، وجاء فيلمه The Godfather كمنعش لقلب تلك المهنة. في هذا الفيلم الذي أخرجه Francis Ford Coppola محاكاة ملحمية لعائلة مافيا تعيش في نيويورك في أربعينات القرن الماضي، ويلعب بها براندو دور رب هذه العائلة . ورغم أن أحداث الفيلم تتبع ابنه مايكل (الذي يلعب دوره آل باتشينو)، إلا أنّ فيتو كورليون هو العمود الفقري للفلم. فهو مجرمٌ عنيف عديم الرحمة، يحب عائلته ويحميها بأي وسيلة كانت. إنه دفء إنسانيته الذي يجعله غير قابل للتدمير- وهي المفارقة التي جسدها براندو بأدائه المذهل.
بلغت عائدات The Godfather 135 مليون دولار تقريباً، وتم اعتباره واحداً من أعظم الأفلام على الإطلاق. وعلى هذا الإثر فاز براندو بالأوسكار كأفضل ممثل.
وفي عشية حفل الجوائز الـ 45، أعلن براندو مقاطعته للحفل وأنه سيرسل Sacheen Littlefeather – ممثلة غير معروفة- بدلاً منه. كانت Sacheen هذه رئيسة لجنة تُعنى بحقوق الأمريكيين الأصليين في البلد.
وفي مساء يوم الخامس من آذار وعند الإعلان عن فوز مارلن براندو كأفضل ممثل، صعد المنصة فتاة بشعر أسود طويل مرتديةً ثوب الأمريكيين الأصليين التقليدي. وعند تقديم الجائزة لها لوّحت بيدها، ووقفت أمام الجمهور تخاطبهم: ” أنا أمثّل مارلون براندو هذا المساء وقد طلب مني أن أقول لكم أنه وببالغ الندم لن يستطيع أن يقبل هذه الجائزة الكريمة. وسبب ذلك هو معاملة صناعة الأفلام للهنود الأمريكيين اليوم”. اطلق الجمهور صيحات استنكار بينما بدأ البعض الآخر بالتصفيق، فاعتذرت Sacheen راجيةً ألا يكون حضورها تدخلاً مزعجاً وتمنّت أن تلتقي بهم بمناسبات قادمة مع الكثير من الحب.
ما السبب الذي دفع براندو لهذا؟
في عام 1973، لم يكن للأمريكان الأصليين أي اعتبار في مهنة صناعة الأفلام ودائماً ما تم استخدامهم كثانويين. حتى أن أدوار البطولة في الأفلام التي نصوّر حياة الهنود الأمريكان كانت تذهب لممثلين من أصحاب البشرة البيضاء. والذي أزعج براندو كثيراً هو أنه لم يتم تجاهلهم في هذه الصناعة فحسب، بل تم التقليل من احترامهم أيضاً.
وفي اليوم التالي للحفل، نشرت مجلة The New York Times التصريح الكامل –الذي لم تستطع Sacheen أن تتلوه كاملاً بسبب ضيق الوقت-. وفيه يعبّر براندو عن دعمه لحركة الأمريكان الهنود إذ يقول : ” لفد كان لمجتمع الأفلام المسؤولية كأي طرف آخر في التقليل من أهمية الهنود والسخرية من شخصهم بوصفه همجياً، عنيفاً، وشريراً. ومن الصعب بشكل كاف للأطفال أن يكبروا في هذا العالم، فكيف أطفال الهنود الذين يرون عرقهم مصوّراً هكذا على الشاشات. إن ذلك يؤذي عقولهم بطرق لا يمكن أن نعرفها”.
بعد الأوسكار، اكتسحت براندو و Littlefeather موجة من الانتقادات من قبل كبار الصناعة والإعلام. ومع ذلك، فقد أُتيح لمجتمع الأمريكان الأصليين فرصة نادرة لنشر الوعي عن قضيتهم أمام 85 مليون مشاهد، محوّلين منصة ترفيه إلى مكان لمناقشة العدالة السياسية. ويبقى رفض براندو للجائزة المثير للجدل (والذي لم يقم به أي فائز بعدها) أحد أقوى اللحظات في تاريخ الأوسكار.


 

طاقم مجلة وسع صدرك

طاقم مجلة وسع صدرك

مجلة وسع صدرك الالكترونية جرعة يومية من الدهشة والفضول

الاطلاع على جميع المقالات

اضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة مؤخرا

error: Content is protected !!