كانت العقوبة البدنية من أجل تأديب الأطفال منذ أمد بعيد أمراً مقبولاً اجتماعياً في جميع أنحاء العالم. حيث لجأ الآباء وقتها إلى الصفع أو الحزام أو العصي.

وتغير الأمر في الكثير من المجتمعات وخاصة الغريبة منها، حيث بدأت هذه العادة بالاندثار في الولايات المتحدة مثلاً منذ أواخر الثمانينيات. إلا انها لا زالت منتشرة في مجتمعاتنا العربية والدول الأقل تطوراً بكثرة.

في عام 1998، نصحت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال (AAP) أطباء الأطفال في مساعدة الآباء لاستكشاف طرقٍ أخرى لتنبيه الطفل وتهذيب سوء السلوك.

وبعد عشرين عاماً، اتخذت المجموعة أخيراُ موقفاً حازماً ضد أشكال العقوبة المؤذية في المبادئ التوجيهية المنشورة حديثاً. حيث ذكرت منظمة AAP أن الضرب لا يفشل فقط في فرض الانضباط، بل قد يؤدي إلى نتائج عكسية، أي قد يصبح الأطفال أكثر عدوانية.

وقال الدكتور (روبرت سيج) من مركز Tufts الطبي في بوسطن، الذي ساعد في كتابة المبادئ التوجيهية: “لا فائدة من الضرب. نعلم أن الأطفال ينمون ويتطورون بشكل أفضل من خلال الصورة الإيجابية للآباء ووضع حد لتصرفات الأبناء السيئة ولكن بطريقة صحية. توجد مجموعة من الوسائل أفضل من الضرب لتأدية هذا الغرض.”

عند فحص الأطفال الذين تعرضوا للأذى الجسدي كشكل من أشكال العقوبة، لاحظ الأطباء زيادة في السلوك العدواني. وكان الأطفال أيضاً أكثر عرضة للإصابة بالاضطرابات النفسية.

يعتقد الباحثون أن الاستخدام المتكرر للعقاب الجسدي يُشير إلى سوء الصحة النفسية لدى الآباء أنفسهم. وبغض النظر عن الجيل الأقدم، لوحظ ميل الآباء ذوي الدخل المنخفض ومستويات التعليم المتدنية إلى صفع أطفالهم.

قال الدكتور (سيج): “بالاطلاع على حياة العائلات التي تُعتبر من الجيل الجديد، والتي تملك طفلاً في الخامسة من العمر أو أصغر، ستجد أن صفع الأبناء أمرٌ غير مستحب. نعتقد بحدوث تحول في الأجيال الجديدة من ناحية ضرب الأطفال مقارنة بالأجيال القديمة.”

توصي المبادئ التوجيهية باستراتيجيات بديلة للآباء والأمهات. مثل استشارة أطباء الأطفال، أو إعطاء الأطفال فرصة ثانية وتشجيعهم على التصرف بشكل أفضل عن طريق منحهم مكافآت.

من ناحية أخرى، تتم معاقبة الأطفال الأكبر سناً (أي فوق الـ 5 سنوات) بطرقٍ معينة ومؤقتة –مصادرة ألعابهم مثلاً لفترة مؤقتة. وأضاف الدكتور (سيج) أن بإمكان الآباء إظهار اهتمام أقل بالأطفال عندما يقومون بتصرفات سيئة.

لم يدعم الخبراء الإساءة اللفظية أو الإهانة كأسلوب لتهذيب السلوك. حيث يدمر هذا النوع من العقاب العلاقة بين الوالدين والطفل، حتى لو أظهر الأهل محبتهم لاحقاً.

ونصحت AAP الآباء “بإقامة علاقة إيجابية وداعمة ومحبة” مع أطفالهم. فلن يظهر طفلك أي تحسنٍ في السلوك إن لم تبد له المحبة.


المصدر

اضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة مؤخرا

error: Content is protected !!