إنَّ اتّباع حمية غذائيّة غنيّة بالأطعمة التي تُقلّل علامات الالتهاب في أجسامنا، بإمكانها التّخفيف من مخاطر الوفاة المبكّر لدينا، كذلك التّخفيف من مخاطر الإصابة بالسّرطان وأمراض القلب والأوعية الدّمويّة.
إذا كُنت تريد أن تعيش حياةً طويلةً وصحيّةً، فربما ستلتزم بشدّة بهذه الحمية الغذائيّة.

دراسةٌ جديدةٌ نُشِرت في جريدة الطّبّ الداخليّ، تُشير إلى أنَّ الحمية التي تتضمّن طعاماً كالخضار والفواكه، والبعيدةُ عن الطّعام المُصنّع على وجه الخصوص، مُرتبطة بتقليل مخاطر الوفاة في سنٍّ مبكرة.

قادت البحث أخصّائيّة تصلّب الأنسجة القشريّة DCs– جوانا كلوزا — Joanna Kaluza وهي بروفيسورة مساعدة في علوم الحياة في جامعة وارسو.
تتبّعت الدراسة 63273 رجلاً وامرأةً سويديّين ل16 عاماً، وأولئك الذين التزموا مدّةً أطول بالحمية الغذائية كانوا:

  1. أقلَّ عُرضةً للموت بنسبة %18.
  2. أقل عُرضةً للإصابة بالسرطان بنسبة %13.
  3. أقل عُرضةً للموت بأمراض القلب بنسبة %20.

ماهي الحمية الغذائيّة المُضادّة للالتهاب؟

يصف البروفيسور أخصائيّ التّغذية علي ويبستر -Ali Webster- مدير مُساعد للتّواصل الغذائيّ في مجلس المؤسّسة العالميّة للمعلومات الغذائيّة، هذه الحمية بأنّها من النّوع الذي يُركّز على الأطعمة ذات المواد الغذائيّة المرتفعة، وخصوصاً مُضادّات الأكسدة، التي لها علاقة وثيقة ’’بتقليل علامات الالتهاب في أجسامنا‘‘ على حدّ قوله.

ويقول لموقع Healthline «اللّاعبون الأساسيّون في هذه الحمية هم الخضار، الفواكه، الدّهون الصحيّة (كتلك التي تُستَخرج من زيت الزيتون والأفوكادو)، السمك، المكسّرات، والشكولاتة الدّاكنة. في بعض الأحيان يكون أيضاً النّبيذ الأحمر مكوّناً لهذه الحمية، ولكن يجب استعماله باعتدال.»

إذا كنت تعتقد أنّ هذا يشبه كثيراً الحمية المتوسطيّة المشهورة، فأنت محقّ.

ويشرح ويبستر عن الحمية المضادّة للالتهاب قائلاً: «إنها بشكل أساسيّ تعبير توجيهيّ يصف التّوصيات المشهورة لتناول الطّعام بشكل صحّي.»

وأضافت البروفيسورة دانا هانز -Dana Hunnesn- بأنَّ أيّ شيء غنيّ بالمواد الغذائيّة مع الكثير من الفيتامينات والمعادن واللّون من مصدر طبيعي سيكون مكوّناً مثاليّاً لهذه الحمية الغذائيّة، وهانز هي أخصّائيّة حميات في سنتها الأخيرة، من المركز الطبي لجامعة كاليفورنيا لوس أنجيلوس UCLA، حاصلة على شهادة ماستر في الصحّة العامّة.
إنّ الحمية المضادّة للالتهاب لا تتمحور حول ما تأكل بل أيضاً ما لا تأكل، حيث أصرّ ويبستر على أنّ الأطعمة عالية الملح، الدّهون المُشبعة، السكر، والكربوهيدرات المكرّرة.

يجب الحدّ منها أو تجنّبها، وقال أنّ هذه الأطعمة عندما تُستهلك بشكل مفرط فإنّها تُصبح مرتبطة بعلامات أكبر من الالتهاب (والتي تُكافئ تقريباً كل مرض مزمن)، وتزيد مخاطر الإصابة بالسرطان والسكّر.

يقول ويبتسر: «الالتهاب هو عمليّة معقّدةٌ جدّاً، فحتّى أكثر الأطبّاء معرفةً لا يفهمون الالتهاب بشكل كامل، لكن هناك بعض الأبحاث التي تدعم أنّ تناول الكميّات الموصى بها من أطعمة مثل الخضار، الفواكه، الدّهون الصحيّة، وجميع الحبوب يمكن أن تُقلّل من مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة التي لها مكوّن التهابيّ، مثل التهاب الأوعية القلبيّة، السكّر من الدّرجة الثانية، وبعض أنواع السرطان.»

ما الذي يجعل الأطعمة صحيّة في الأصل؟

أولاً مضادات الأكسدة، أحماض أوميغا 3 الدهنيّة -Omega-3 fatty acids- هي مضادّات أكسدة ومضادّات التهاب.

تقول هانز لموقع Healthline: «وتكون (أي مضادات الأكسدة) أفضل عندما تكون بصيغتها الكاملة وليس كإضافة، إنّ الخضار والفواكه هي مُعلّبات مضادّات أكسدة ومضادّات التهاب. أسلافنا اتّبعوا حمية بنظام غذائيّ نباتيّ، لقد كان غير مُصنّع تماماً، وهذا ما يتوجّب علينا أن نفعله من أجل صحّة جيّدة.»

أشياء يجب تذكّرها في السوبرماركت: مما اعتاده المستهلكون، وجود تيّارات ثابتة من الأبحاث تُشير إلى أطعمة لتجنّبها وحميات غذائيّة لاتّباعها، هذه الأبحاث يمكن أن تُصيب متوسّط المستهلكين بالحِيرة.

كريستين كيركباتريك -Kristin Kirkpatrick- أخصّائية تغذية منتسبة لمؤسّسة الصحّة السريريّة في كليفلاند-Cleveland Clinic Wellness Institute- أخبرت موقع Healthline أن الخيارات غير الصحيّة في متجر البقالة هي ’’إحدى قطع أحجية الطعام غير الصحّي‘‘.

الالتزام بخيارات الطّعام الطّبيعي سيُقلّل دوماً من استهلاك الطعام المُصنّع، تقول كيركباتريك «يجب أيضاً أن تتجنّب الطّعام المُبرّد كالبيتزا بأنواعها، أطعمة الوجبات الخفيفة، والأطعمة سريعة التّحضير. ولكن تذكّر أنّ أشياءً مثل السكّر، أو حتّى بعض أنواع اللّحم الأحمر، يُمكن أن تُسبب التهابات في حال تمَّ تناولها بإفراط، لذلك حتّى عندما تتجنّب الطّعام المُصنّع، قد لا يكون ذلك كافياً لكي تُحافظ على حمية غذائيّة مضادة للالتهابات.»

يضيف ويبستر ’’قد يكون أيضاً الثمن مشكلة في بعض الأحيان‘‘.

كتبت كيرباتريك في ملاحظة أنّه من الصّعب تجاهل غلاء أسعار الأطعمة الموصى بها للالتزام بهذه الحمية الغذائيّة مقارنةً بالأطعمة الأخرى قائلةً:

إنّه لأمر مخيّب للآمال أن نرى أنّ سعر التّفاحة أعلى من سعر علبة بسكويت، يمكن أن يُشكّل زيت الزّيتون، المكسّرات، والسّمك دوراً هاماً في ميزانيّة متجر البقالة. لكن هناك استراتيجيات لكي تأكل بشكل صحيّ دون أن تُفرغ رصيدك في المصرف :

  1. شراء الخضار والفواكه المجمّدة، التي تحتوي على نسبة مواد غذائيّة مرتفعة، تماماً كالخضار والفواكه الطبيعيّة.
  2. التّركيز على البروتينات النباتيّة الموجودة في الحبوب، العدس، إضافة إلى بروتين الصّويا.
  3. الانتباه إلى ما تتناوله من طعامٍ جاهز وطعام المطاعم. “

وتُشدّد هانز بأنّ الفوائد بعيدة المدى لهذه الحمية هي أكبر بكثير من التّكلفة المادّية، فتقول: «أن تستثمر صحّتك هو أمر هامّ للغاية، فبينما يوجد بعض التّكاليف الأوليّة لاتّباع هذه الحمية الغذائيّة، فإنّ ما ستوفّره من مبالغ في مراكز العناية بالصحّة تُعادِل هذه التّكاليف.»

يُصرّح ويبستر بأنّ هذه التّحوّلات الغذائيّة الكبيرة يمكن أن تُشكّل تحدّياً بطرق عديدة لا يُفكّر بها الناس، ولكنّها أيضاً تعود بفائدة ذهنيّة و جسديّة.

تقول كيركباتريك: «فبعد إعطاء الجسم والذّهن بعض الوقت للتّكيّف، نظّم جدولاً ليكون لديك وقتٌ للطبخ وإعداد الطّعام، وإيجاد طُرُق لتُسخّر ميزانيّتك لخدمتك.»

وأشارت أيضاً إلى أنّ الناس يجب أن تكون مدركةً لكيفيّة تفاعل الأدوية التي يتناولونها مع بعض أنواع الأطعمة قبل أن قبل أن يقوموا بتحوّل غذائيّ هائل، فقالت «يحتاج بعض الأشخاص الذين يأخذون مميّعات للدم إلى مراقبة مقدار فيتامين k لديهم، أمر آخر، هو وجود بعض الخطورة في تطوير الحمية لتشمل دهون صحيّة أكثر، أصباغ وجميع الحبوب.»

تُضيف هانز: «بأنّ السلبيّة الوحيدة التي يمكن أن تُفكّر بها هي احتماليّة حدوث إمساك مؤقّت، أو غازات، بينما يألف جسمك الطّعام؛ ” الطّعام عالي الألياف الذي يجب علينا أكله.»

التّحوّلات الغذائيّة الهائلة قد تكون مُخيفةً للبعض، ويبستر يقترح تخفيف الصّعوبة جرّاء هذه التغييرات للوصول إلى نجاح هذه الحمية، من خلال البدء بتغييرات صغيرة، مثل تناول السّلطة لثلاثة أو أربعة أيّام في الأسبوع بدلاً من تناول الغداء خارجاً، أو الالتزام بتناول السّمك مرّتين في الأسبوع.

إنّ وضع أهداف صغيرة لتُنظِّم بشكل تدريجيّ طريقة تناولك الطّعام، يمكن أن تُسهّل عمليّة تغيير النّظام الغذائيّ، وإنشاء عادات صحيّة للالتزام بها.
المصدر

اضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة مؤخرا

error: Content is protected !!