بروني وير تعمل كممرضة في أستراليا، لقد قضت أكثر من عقد من الزمان في التحاور مع المرضى المقبلين على الموت والعناية بهم.

وعلى مدى المدة التي قضتها مع هؤلاء المرضى، سمعت منهم شيئًا واحدًا يندمون على فعله، وكان مشتركًا عند معظم المرضى تقريبًا.
«أتمنى لو أنني امتلكت الشجاعة الكافية لكي أعيش حياة مكرسة لي بالفعل، وليس الحياة التي توقع الآخرون مني أن أعيشها.»

تلك هي الشكوى المشتركة بين هؤلاء المرضى، والنصيحة العامة التي ينصحون بها الشباب حتى يحظوا بحياة سعيدة.

ولكن دعنا نتساءل، لماذا لا يمتلك معظم الناس الشجاعة الكافية لأن يعيشوا الحياة المكرسة لنفسهم حقًا؟ ولماذا يفعلون دائمًا ما يتوقعه الآخرون منهم وليس ما يريدونه حقًا؟

إن الذي يحدث في هذه الحالة هو تخلي الشخص عن أهدافه الذاتية والتي يمكن أن تحقق شعوره بالامتلاء الذاتي، لكي يستجيب لضغوطات المجتمع التي تدفعه أن يكون شخصًا آخر غير نفسه. ولكن هل هذا نابع من غياب الشجاعة فقط؟ أم أن هناك شيء آخر؟

ربما يكون هناك شيء آخر، وهو فقدان الهدف الواضح من الأساس. فإذا لم يستطع الشخص أن يحدد لنفسه أهدافًا واضحة، وإذا لم يدرك ما الذي يرغب بفعله في حياته بالتحديد، يضيع في الأهداف التي يرسمها له الآخرون ويريدونها منه، وبالتالي يندم على ذلك في المستقبل كما ذكرنا.

حيث تنبع المناطق الرمادية في الحياة عندما لا نحدد ما نعتقد به.
يقول الفيلسوف الفرنسي ميشيل دي مونتين: «إن رامي السهام الماهر يجب أن يعرف أولًا أين يسدد، وبعدها يجهز وضعية التسديد والسهم والقوس ويتحرك وفقًا لذلك.

فنحن نخطأ لأننا لا نحدد هدفًا واضحًا. لا تعمل الرياح في صالح الرجل الذي لم يبحر من الأساس».

ويخبرنا هذا الاقتباس، أننا إذا لم نكن محددين فيما نريد إصابته في الحياة، فسينتهي بنا الأمر إلى إصابة أمور أخرى لم نكن نرغب بها، وينتهي الأمر بالخسارة في كل شيء.

ولنأخذ على سبيل المثال شخص يريد أن يتمتع باللياقة البدنية، فإن الهدف الأساسي الذي يجب أن يسعى إليه ويجتهد في تحقيقه هو الانتظام اليومي على تمارين رياضية.

أما شراء الأحذية أو الملابس المناسبة فإنها ليست من الأمور الضرورية التي يجب أن يسعى إليها. كما أن الرجل الذي يريد أن يبني ثروة عليه أن ينشئ استثمارات ويقتصد في الإنفاق، فلن يكون ضروريًا في هذه الحالة أن يخرج وينفق أمواله على الطعام بالخارج كما يريد أصدقاؤه.

أخيرًا، فكر في الأمر، هل تريد في آخر حياتك أن تشعر بالرضا عنها أم بالسخط؟ إذا كنت تريد أن تشعر بالرضا عن حياتك فعليك أن تحدد أهدافك أولًا، وأن تسعى لتحقيقها ثانيًا، مهملًا أي شيء آخر بإمكانه أن يعطل أهدافك، بما في ذلك توقعات الآخرين منك.

المصدر

اضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة مؤخرا

error: Content is protected !!