أجرى جون هاريسون البالغ من العمر 81 سنة عملية جراحية أزيلت فيها إحدى رئتيه عندما كان عمره 14 عاماً، ونُقل له خلالها ما يقارب ال13 وحدة دم (أي جالونين تقريباً) من دماء أشخاص آخرين، وكانت هذه الحادثة قد ألهمته، ليقطع وعداً بالتبرع بالدماء بمجرد بلوغه ال18 عاماً، وفعلاً أوفى بوعده وتبرع أسبوعياً بدمائه حتى إتمامه لل81 من عمره في الحادي عشر من شهر مايو، إذ وبحسب الصليب الأحمر الأسترالي فذلك العمر الأقصى للتبرع بالدماء في أستراليا.

لاحظ العالم تبرعات هاريسون السخية بدمائه، إذ سجلت له موسوعة غينيس رقمًا قياسيًا عام 2003، بأكثر كمية دماء تبرع بها شخص واحد، كما يعود له الفضل بإنقاذ حياة أكثر من مليوني طفل أسترالي، إذ ينتج جسم هاريسون الذين أصبح معروفًا باسم “الرجل ذو الذراع الذهبية”، جسمًا مضادًا نادرًا وقوي في دمائه يدعى ب”Anti-D”، يحمي الأجنة من حالة قاتلة في بعض الأحيان تدعى بعدم توافق العامل الريزيسي.

فعندما تكون أم تملك زمرة دم Rh سلبي حامل بجنين بزمرة دم Rh إيجابي، يعامل جسمها خلايا الدم الحمراء للجنين كخطر أو تهديد خارجي، فينتج جسمها أجسام مضادة لمحاربة ما يعتبره جسم غريب، مما يؤدي للإصابة بالإجهاضات، أو ولادة الجنين ميتًا، أو تضرر دماغ الجنين، أو الإصابة بفقر الدم.

وافترض أطباء أستراليون بأن الدماء التي نُقلت إلى هاريسون عندما كان مراهقًا، ساهمت في تركيب الدم الغريب الذي ينتجه جسمه، وكان هاريسون قد تبرع آخر مرة في مركز التبرع بالدماء في مبنى البلدية في سيدني، أستراليا، وسط مجموعة من النساء والاطفال الذين استفادوا من دمائه، حاملين معهم بالونات كبيرة على شكل أرقام مشّكلة الرقم 1173، وهو عدد المرات التي تبرع فيها هاريسون بدمائه طوال حياته.

تتلقى ما يقارب ال17% من النساء الأستراليات الحوامل جرعات من الجسم المضاد “Anti-D”، بما فيهن ابنة هاريسون تريسي ميلوشيب التي تلفت العلاج عام 1992، وأنجبت طفلاً سليماً سمته بسكوت عام 1995، الذي تبرع أول مرة بدمائه عام 2011 عندما أتم ال16 من عمره، متبعًا خطوات جده في مسيرة التبرع بالدماء.

والغريب في الأمر أن هاريسون الذي كرمته أستراليا بمنحه وسامًا عام 1999، لطالما كان يملك رهابًا من الحقن، فعلى مدى أكثر من ستة عقود من تبرعه بالدماء، لم يسبق له أن شاهد ممرضة وهي تغرز الحقنة في ذراعه من قبل، وفضل النظر بعيدًا.

قصي أبوشامة

قصي أبوشامة

قصي أبوشامة
مهندس مدني من الأردن، أسعى إلى زيادة الوعي في التقدم المعرفي والمنهج العلمي وتعزيز بنية الفرد العربي ثقافياً وإنسانياً

الاطلاع على جميع المقالات

اضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة مؤخرا

error: Content is protected !!