ركز الطب اهتمامه منذ القدم على إيجاد علاج للشلل. واليوم، تحققت إحدى أكبر أحلام الطب. ففي خبر جديد، استطاع ثلاثة أشخاص المشي من جديد بعد أن أصيبوا بالشلل جراء إصابتهم في النخاع الشوكي.

حيث شُلت أطرافهم السفلية بشكل كامل لمدة أربع سنوات على الأقل. واستطاعوا معاودة المشي باستخدام مولد نبض كهربائي مزروع في العمود الفقري، بالإضافة إلى العكازات أو الإطارات.

منذ أن أثبت العلماء أن الأوامر التي تصدر من أدمغتنا إلى أطرافنا تنتقل كإشارات كهربائية عبر الحبل الشوكي، تساءل الناس عن إمكانية تجاوز الأضرار الناجمة عن الحوادث. وكان وضع الفكرة قيد التنفيذ أمراً أصعب بكثير من مجرد الكلام. لكن العديد من المختبرات تمكنت من تطبيق هذه الفكرة على فئرانٍ مخبرية ذات النخاع الشوكي المتضرر.

أعلن مستشفى جامعة لوزان عن إنجاز مماثل، ولكن هذه المرة عند البشر. حيث قامت الدكتورة (جوسلين بلوك) بزراعة هذا الجهاز لدى ثلاثة مرضى لتنشيط عضلات الساق عندهم.

وقالت في بيان لها:

يمكن لجميع المرضى المشي بالاستعانة بدعائم وزن الجسم في غضون أسبوع واحد. عندها عرفت على الفور أننا على الطريق الصحيح

ولا يتعلق الأمر فقط بتوفير مسار لحمل الإشارات الكهربائية من الدماغ إلى الساقين. حيث شرحت (بلوك) قائلة: «يجب أن يكون التحفيز المستهدف دقيقاً، مثل الساعة السويسرية.»

قامت (بلوك) وزملاؤها بدراسة أجزاء من الحبل الشوكي مسؤولة عن كل الحركات التي توفر لنا عملية المشي، ووضعت سلسلة من النبضات الكهربائية التي من شأنها أن تؤدي لنجاح هذه العملية. حيث انتقلت الأوامر القادمة من الدماغ إلى الجزء غير التالف من الحبل الشوكي لإعطاء الإشارات الضرورية.

إن تحفيز الأعصاب المهملة يحفز بناء روابط ومناطق اتصال جديدة لتحل محل تلك التي فُقدت.

وقد نُشر هذا البحث في مجلة Nature Neuroscience. وتم الحديث عن بعض التحديات والمشاكل التي تم التغلب عليها أثناء هذه العملية.

هناك أخبارٌ سابقة عن إنجازات مشابهة ظاهرياً، لكن هذا العمل يختلف بشكل كبير عما سبق. فعلى سبيل المثال، استطاع المشاركون في أبحاثٍ أخرى المشي باستخدام التحفيز الكهربائي، لكن حالتهم عادت إلى الوراء بمجرد توقف العلاج المكثف. أما في التجارب الجديدة، استطاع اثنان من المرضى المحافظة على قدرتهم على المشي حتى بعد توقف العلاج.

تتطلب التجارب التي أجراها باحثون آخرون فترات أطول من التدريب لتحقيق الفوائد المرجوة. وقد نُشر اثنين منها في شهر أيلول من هذا العام. أما بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من إصابات في العمود الفقري وقدرة محدودة للوصول إلى مرافق إعادة التأهيل، فإن هذا الاختلاف سيكون مهماً.

فحتى الآن، لا يسير أي من المشاركين أكثر من بضعة أمتار دون مساعدة. وهناك نقطة مهمة أخرى، وهي امتلاك المشاركين الثلاثة قدرة محدودة على الحركة قبل إجراء هذه العملية. حيث كان أحدهم قادراً على تغيير وضعية ساقيه، واستطاع آخرٌ تحريك ساق واحدة دون الأخرى.

أظهر الثلاثة تحسناً كبيراً بعد العملية، لكن الاختبار الأعظم للتكنولوجيا هو قدرة الاختراع الجديد على مساعدة أولئك الذين لا يستطيعون تحريك ساقيهم في الوقت الحالي.


المصدر

اضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة مؤخرا

error: Content is protected !!