ألزهايمر مرضٌ عصبي يتطور ببطء مؤدياً إلى فقدان الذاكرة والمحاكمة العقلية والمعرفة والإدراك. مما يعطل بالتالي قدرة المصاب على التعامل مع محيطه. ويشكل عبئاً كبيراً على كلّ من المريض وعائلته.

ويؤدي التقدم بالعمر إلى ازدياد خطر الإصابة بألزهايمر، إلا أنه ليس مسبباً. كما تلعب الجينات دوراً مهما أيضاً في تطور المرض. ولكن جميع العوامل السابقة ليست السبب في ظهور المرض.

لذا نقدم لكم في هذا المقال مجموعة من المعتقدات الخاطئة عن مرض ألزهايمر عليك معرفتها كي تتمكن من التعامل مع هذا المرض.

1. العامل الوراثي هو سبب مرض ألزهايمر:

قد تزيد بعض العوامل الوراثية من خطر الإصابة بمرض ألزهايمر، ولكنها العامل الجيني ليس سبباً لظهور المرض.

تبدأ أعراض ألزهايمر بالظهور بعد وقتٍ متأخرٍ عند 96% من المصابين، مما يعني ظهور الأعراض على المصاب بعد سن الـ 65. ولوحظ أن 60% من الأشخاص الذين يعانون من مرض ألزهايمر المتأخر لا يملكون استعداداً للإصابة بمرض ألزهايمر نتيجة العامل الوراثي.

كما لوحظ أن الكثير ممن يملكون هذا العامل (أي خطر الإصابة بمرض ألزهايمر) لا يظهرون أي أعراض، ولا يصابون بألزهايمر.

وفي المقابل، في الحالات التي تبدأ فيها أعراض ألزهايمر بالظهور مبكراً (أي قبل سن الـ 65)، يبدو أن العامل الوراثي مرتبطٌ بشدة بتطور المرض. إلا أن هذه الحالات ليست سوى أقلية (لا تشكل سوى 4% من جميع حالات المرض).

يرتبط العامل الوراثي بازدياد خطر الإصابة بمرض ألزهايمر المتأخر بجينٍ على الكروموسوم 19 يدعى Apolipoprotein E4 (أو APOE e4)، مما يؤثر على نقل الكوليسترول في الجسم والتخلص من بروتين بيتا اميلويد في الدماغ (يتشكل بروتين بيتا اميلويد طبيعياً في أدمغتنا جميعاً. ولكنه مرتبط بمرض ألزهايمر حيث يؤدي إلى تلف خلايا الدماغ).

إن امتلاكك نسخة واحدة من الجين APOE e4 تؤدي إلى زيادة احتمال الإصابة بمرض لزهايمر بـ 2 إلى 4 أضعاف. أما عندما تمتلك نسختين (واحدة من الأب وأخرى من الأم) سيزداد خطر الإصابة بـ 9 إلى 12 مرة.

وبالرغم من ذلك، فإن حوالي 50% من الأشخاص الذين يمتلكون نسخة واحدة من APOE e4 لا يُصابون بألزهايمر.

وهناك عوامل أخرى غير وراثية تتعلق بالإصابة بمرض ألزهايمر. منها السن والجنس (احتمال الإصابة يزداد إلى الضعف عند الإناث) وصحة الأوعية الدموية والعديد من العوامل المتعلقة بنمط حياة الفرد.

فقد ربط العديد من الباحثين مرض ألزهايمر بأمراضٍ أخرى لها أسباب متعددة، وبالتالي من غير المحتمل أن يكون لها علاجٌ واحد، كأمراض القلب مثلاً.
لذا لا تعتقد أبداً أن ألزهايمر مرتبط بالجينات والوراثة فحسب.

2. لا يمكنك تقليل خطر الإصابة بمرض ألزهايمر:

يمكنك في الحقيقة تقليل خطر الإصابة بأكثر أنواع مرض ألزهايمر شيوعاً من خلال بعض التغييرات في أسلوب حياتك. لست بحاجة لشراء المكملات الغذائية أو الألعاب التي تنشط الذاكرة والدماغ أو غيرها من المنتجات المخصصة للحد من خطر الإصابة بمرض ألزهايمر.

حيث أظهرت الأبحاث أن للعديد من العوامل المتعلقة بأسلوب الحياة دورٌ فعال في تقليل خطر المرض، بما في ذلك التمارين المنشطة للقلب والأوعية الدموية. بالإضافة إلى النظام الغذائي الصحي والتقليل من عوامل خطر الإصابة بأمراضٍ وعائية (أي السكري وضغط الدم المرتفع ومشاكل الكولسترول).

كما أوضحت الأبحاث ضرورة الحفاظ على وزن صحي وطبيعي وممارسة الأنشطة المحفزة للدماغ والتي تعزز تشكيل الروابط العصبية الجديدة. كما يُنصح بالابتعاد عن الإجهاد والحصول على قسطٍ كاف من النوم. وبالطبع، المشاركة مع الآخرين اجتماعياً.

3. ستصاب بمرض ألزهايمر إذا كنت مصاباً بخللٍ في خلايا الدماغ مرتبطٌ بألزهايمر:

يُصاب العديد من الأشخاص بخللٍ في خلايا الدماغ المتعلقة بمرض ألزهايمر، ولكنهم لا يبدون أي أعراض.

وجد (ديفيد سنودون) وزملاؤه أثناء دراساتٍ طويلة على مجموعة من الراهبات عدداً أكبر من الخلايا غير الطبيعية في أنسجة المخ عند تشريح جثة مريض بألزهايمر (أي لاحظوا وجود لويحات أميلويد بيتا وتكتلات عصبية ليفية) حيث ترتبط هذه الخلايا بفقدان الذاكرة.

ولكنهم لاحظوا أيضاً عدم ظهور أعراض ألزهايمر عند نحو 58% من الراهبات اللواتي يعانين من خللٍ بسيطٍ في الخلايا، و32% من الراهبات اللواتي يعانين من خلل معتدلٍ، و8% من الراهبات اللواتي يعانين من خللٍ شديد.

وبالمثل، أظهرت الأبحاث الحديثة أن بعض المعمّرين –الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 60 و85 سنة والذين يملكون ذاكرة مشابهة لذاكرة البالغين –لديهم تغيرات خلوية مرتبطة بألزهايمر ولكنهم لم يبدوا أبداً أي أعراض.

إن التفسير الرئيسي لهذه النتائج هي نظرية تُعرف بـاسم “الاحتياطي المعرفي”. تم تطوير هذه النظرية في أواخر الثمانينيات من القرن العشرين لوصف قدرة الدماغ على “العمل” أو التعويض عن الخلل الخلوي بالاعتماد على روابط عصبية أخرى تم بناؤها مسبقاً من خلال المشاركة في الأنشطة المحفزة للدماغ.

يمكن تشبيه عملية تطوير الاحتياطي المعرفي كبناء طرق إضافية في الدماغ. بحيث تستمر السيالات والإشارات العصبية بالتدفق إلى الدماغ بالرغم من حدوث خللٍ بإحدى هذه “الطرق الإضافية”.

من خلال كشف هذه المعتقدات الخاطئة عن مرض ألزهايمر سنصبح قادرين على تحسين صحة دماغنا بشكل استباقي. ولن يبق مرض ألزهايمر كابوساً بعد معرفتنا بطرق تقليل خطر الإصابة.


المصدر

اضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة مؤخرا

error: Content is protected !!