نظرة عامة على تاريخ كتالونيا: تعتبر كتالونيا من أغنى أقاليم اسبانيا وأكبر المناطق الصناعية فيها، معظم شعبها فخور بهويته ولغته ويسكنه إحساس بالتمايز والتفوق على بقية سكان اسبانيا، لدى الكتالونيين تاريخ حافل، ولكن العصر الذهبي الأهم يمتد من القرن 11 إلى القرن 13، حيث شكلوا مملكة مستقلة مع منطقة أرغون وشكلت برشلونة قوة بحرية مهمة منذ ذلك الوقت.

أصبحت كتالونيا جزءً من اسبانيا منذ نشأتها في القرن 15 عندما تزوج الملك فرديناند من أراغون والملكة إيزابيلا من كاستيل وأصبحت مملكتهما مملكة واحدة لتولد اسبانيا المعروفة حالياً، ولكن بقي لكل منطقة أسلوب حكمها وإداراتها وبقيت اللغة الكتالونية اللغة الأساسية في كتالونيا, عاد الشعور بالهوية الكتالونية في أواخر القرن التاسع عشر وارتفعت المطالبات بالاستقلال السياسي والانفصال عندما أصبحت اسبانيا جمهورية عام 1931، أعطيت كاتالونيا حكماً ذاتياً موسع، وكانت حينها معقل الجمهوريين خلال الحرب الأهلية الاسبانية، لكن الأمر تغير تماماً بعد انتصار الجنرال المتطرف فرانكو الذي ألغى الحكم الذاتي والقومية الكتالونية وقمع الشعب الكتالوني وأصبح استخدام اللغة الكتالونية مقيداً وممنوعاً في المنشآت الحكومية، ووصل الأمر إلى الضغط على الفريق الرياضي لبرشلونة كما أزر فرانكو فريقه المفضل ريال مدريد, تغير الأمر بعد موت فرانكو وأصبح لكتالونيا برلمان وحكومة خاصة مع حكم ذاتي مجدداً.

كتالونيا جغرافياً: إقليم كاتالونيا عبارة عن منطقة مثلثة الشكل تقريبًا تقع في الناحية الشمالية الشرقية من اسبانيا، وتفصل اسبانيا عن فرنسا جنوباً، تقع بينهما جمهورية اندورا التي تشكل اللغة الكتالونية لغتها الرسمية.
يبلغ تعداد سكان كتالونيا 7,5 مليون نسمة ويشكلون 16% من سكان اسبانيا ومساحة الإقليم 32الف كيلومتر مربع، يبلغ الناتج المحلي لكتالونيا 209 مليار يورو ويبلغ أكثر من 20% من اقتصاد اسبانيا، وهنا بيت القصيد إذ سيحرم انفصال كتالونيا اسبانيا من عائدات ضخمة.

دوافع الانفصال: يمكن القول إن الدافع الاقتصادي يشكل العنصر الأهم في مطالب الاستقلال حالياً، اشتداد الأزمة الاقتصادية التي عصفت ببعض الدول بدءً من 2008 – والتي كانت إسبانيا إحدى ضحاياها – أدت إلى تعميق الأزمة بين الحكومة الإسبانية والحكومة الكتالونية، التي ترى أنها تقوم بتحويل مبالغ مالية إلى الحكومة المركزية الإسبانية تفوق الـ ٢٠ مليار يورو سنويًا تستقطع من دافعي الضرائب في كتالونيا، ولا تجد مردوداً يذكر أو تحسناً ملحوظاً على معيشتهم وحياتهم، لذلك الناس هناك يشعرون بالإحباط بسبب تردي كل الخدمات التعليمية والصحية في كتالونيا، ويرون أن الأمر مقصود من قبل حكومة مدريد ويرون أنهم أحق بتلك المليارات.
ولذلك رغم عدم توحد الشارع إزاء تحقيق الاستقلال حالياً ولكنه عبّرَ عن شعور
ضمني بالاستياء من الضرائب الباهظة لمدريد بدون مراعاة الصعوبات الاقتصادية لكتالونيا، إضافة لقوة الاقتصاد الكتالوني الذي يقوم على الصناعات البتروكيمياوية والمنسوجات وحديثاً الصناعات الالكترونية الدقيقة، كما تعتبر سوقاً مالياً قوياً ووجهة سياحية مزدهرة.

وقفت أوروبا ضد الاستقلال الكتالوني خوفاً من التفكك والتداعي في الاتحاد الذي حققته بعد عناء، فوقف الاتحاد الأوروبي مع حكومة مدريد ضمنياً تجنباً لأي انقسامات وتفكك، أعلنت كتالونيا مؤخراً الاستقلال بعد استفتاء، لكنه يعتبر رمزياً حتى الآن، ولازال التناحر مع الحكومة الاسبانية قائماً، دون وضوح معالم النهاية.

 

أليسار مصطفى العبيد

أليسار مصطفى العبيد

الاطلاع على جميع المقالات

اضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة مؤخرا

error: Content is protected !!