تصدق نسبة كبيرة من الناس في العالم مجموعة مثيرة للسخرية من الخرافات، كالتمائم أو الخرزات الزرقاء أو القطط السوداء التي تجلب النحس، والمرايا المكسورة وغيرها من الأمور التي لا أساس علمي لها.

ومن الغريب أن انتشار هذه المعتقدات لا يتعلق تماماً بثقافة الشعب وتطوره، بل هي موجودة في بعض المجتمعات المتطورة ولدى أشخاصٍ على مستوى عالٍ من التعلم والثقافة.

فخذ مثلاً لاعب التنس الشهير (رافايل نادال)، حيث يقوم بمجموعة من الطقوس الغريبة قبل وأثناء المباراة، ربما لجلب الحظ الجيد. حيث يستحم قبل 45 ودقيقة من بدء المباراة، ويستخدم المنشفة بعد كل جولة.

يجد معظم الناس الراحة عند أدائهم طقوساً معينة أو إيمانهم بأمورٍ معينة حتى ولو كانت محض خرافات.

ومن وجهة نظر علم النفس، تُعتبر هذه الممارسات التي تجلب الراحة وتخفف التوتر عرضاً مهماً من أعراض اضطراب الوسواس القهري.

بالطبع، إن أصحاب هذه الخرافات ليسوا جميعهم مرضى نفسيين، فقد تجد أشخاصاً طبيعيين ومتعلمين وأذكياء ولكنهم يؤمنون بهذه الخرافات. حيث أوضحت الدكتورة (جين رايزن) أخصائية علم النفس من جامعة شيكاغو.

كيف تنشأ هذه المعتقدات؟

قد يبدأ الإنسان بتطوير مثل هذه الطقوس والمعتقدات منذ الطفولة، وذلك نتيجة تأثير العائلة والمنزل والتربية. فقد تصبح هذه المعتقدات أشبه بعادةٍ أو ثقافة خاصة بالمنزل الذي ينشأ فيه الشخص.

وبإمكان الشخص بالتأكيد أن يُطور مثل هذه العادات من تلقاء نفسه بدون تأثير العائلة أو المحيط. خاصة إن اقتنع الشخص بوجود رابطٍ بين حدثين معينين لا علاقة لهما ببعض، فلنقل مثلاً أن فلاناً قرر خوض امتحان الرياضات وارتدى –عن طريق المصادفة –لباساً معيناً، فعند اجتيازه الاختبار بنجاح، سيتساءل نفس الشخص، هل لملابسي علاقة بنجاحي؟ وسيبدأ بارتداء نفس الملابس في الامتحان التالي أملاً بجلب الحظ الجيد.

وكذلك الأمر بالنسبة للحظ السيء، فعندما تقرر الخروج من منزلك في يومٍ معين وتصاب بمجموعة من الحوادث السيئة في ذلك اليوم، ستعتقد أنه يوم “منحوس” لذا عليك ألا تخرج مرة ثانية في ذلك اليوم.

وقد لاحظ (توم غيلوفتش)، وهو بروفيسور في علم النفس من جامعة كورنويل، الطبيعة العشوائية لهذه القرارات.

حيث قال: 

«قد يعلم الشخص أن قراراته خالية من المنطق تماماً، ولكنه يُصر على عدم تغيير هذه الطقوس، حيث يعتبر ذلك نوعاً من تحدي القدر. وقد يقتنع بالعواقب السيئة التي ستحصل خصوصاً أنه قام بعملٍ لا يتوجب عليه القيام به.»

يجب دماغنا الإحساس بالسيطرة التامة على مجريات حياتنا، لذا يحاول المرء إعادة خلق تفاصيل وعناصر معينة من سيناريوهات سابقة وناجحة في حياتنا. مما يعطي شعوراً بالسيطرة على العواقب القادمة حتى لو بدت هذه العناصر أو التفاصيل سطحية وغير منطقية على الإطلاق.

تكمن المشكلة في الراحة التي توفرها هذه المعتقدات والطقوس وتأثيرها على دماغنا، حيث تزداد نسبة التوتر والقلق إن قمنا بإهمال هذه الطقوس. فعندما نستخدم المصعد على سبيل المثال، نقوم بضغط الأزرار عدة مرات بالرغم من معرفتنا بعدم جدوى هذه العادة، ولكن الهدف الرئيسي منها تخفيف الشعور بالقلق ونفاذ الصبر.


المصدر

اضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة مؤخرا

error: Content is protected !!