قوة الأسماء: يقول الشاعر الألماني كريستيان مورغنسترن إن “كل طيور النورس تبدو وكأن اسمها إيما”، نحن هنا لن نتحدث عن طاقة الأسماء أو الحروف والماورائيات التي يميل البعض لتأييدها، حيث يعتقد الناس أن أسماءهم قد تؤثر على حياتهم وحتى على صحتهم، فتجد الكثير من “علماء” الطاقة يقدمون لك الأسماء المحظوظة والتي تتفوق حروفها على الأسماء الأخرى، قد يكون جزء من هذا الكلام صحيحًا بطريقة ما، ولكن ليس بسبب الطاقة، بل بسبب الأثر النفسي الذي تحدثه الأسماء أو المقاطع الصوتية التي تتراكب بشكل محدد.
في إحدى الدراسات وجد الاقتصاديان بنتلي كوفي وباتريك ماكلولين أن المحاميات في ولاية كارولينا الجنوبية من المرجح أن تصبحن قاضيات إن كانت أسماؤهن تميل إلى الذكورة، وفي مثال أخر يربط الناس عمومًا اتجاه الشمال بالحركة صعودًا، واتجاه الجنوب بالحركة نزولًا، وقفًا لبحث أجراه عالما النفس ليف نيلسون وجوزيف سيمونز، حيث وجدا أن أغلب الناس يعتقدون أيضًا أن الاتجاه إلى الشمال يستغرق وقتًا أطول من الاتجاه جنوبًا، وكما خلصت دراسة أخرى إلى أن الشمال ذو قيمة أعلى لدى الناس، فالبعض يعتقد أن البيت الذي يقع في شمال المدينة يجب أن يكون ثمنه أكثر ارتفاعًا، وهذا يشير إلى أن الصفات اللغوية تؤثر بحق على أفكارنا.

أثر الاتجاهات الذي لم يكن شيئًا مخططًا له، لكن المحامين استغلوا أثر الصفات اللغوية في قضاياهم، ولعبوا على الألفاظ في وصف حوادث السيارات مثلًا لم يقولوا اصطدام بل قالوا تحطيم أو تدمير، في تجربة لإليزابيث لوفتوس وجون بالمر وبعد أن شاهد مجموعة من الطلاب سلسلة من الحوادث المرورية، سألوا الطلاب عن مدى سرعة السيارات أثناء الحوادث، كان الطلاب يعطون أرقام أكبر كلما استخدمت كلمات أشد وقعًا، وفي تجربة أخرى تذكر 14% من المشاركين رؤية تحطم زجاج السيارات –الذي لم يحدث- حين استخدمت كلمة “اصطدم”، وزادت النسبة إلى 32% حين سمعوا كلمة “تحطم”، فاستخدام كلمة واحدة أثر على تذكر مشهد لم يمر عليه إلا دقائق، يبدو أن شهود العيان ليسوا ذوي موثوقية فيما يتعلق بحوادث عمرها سنوات أو حدثت خلال ظروف مجهدة.

أما فيما يتعلق بنطق الأسماء فالناس يميلون إلى عدم التفكير الزائد، حيث يفضلون المنتجات، الناس، أو الأشياء التي تميل أسماؤها إلى البساطة في النطق والفهم، بين العامين 1990 و2004 قام أدم ألتر ودانيال أوينهايمر بدراسة الأسواق المالية، واكتشفا أن الشركات التي يسهل نطق أسمائها كانت تحرز أرباحًا أكبر، مع الانتباه إلى استبعاد ظروف أخرى لنجاحها مثل كثرة ذكرها في وسائل الإعلام.

هذا ينطبق على أسماء السياسيين أيضًا وباقي المهن، فقد وجد عالما النفس سيمون لاهام وبيتر كوفال أن المحامين الذين يسهل لفظ أسمائهم يصلون إلى مناصب في الشركات القانونية بسرعة أكثر من غيرهم. هذه الدراسات تدعم مبدأ هيزنبرغ اللغوي والذي يقترح أن تسمية المفاهيم تغير نظرة الناس إليها. مع ذلك لا تقلق حول تسمية أطفالك، فالقواعد دائمًا تتغير، بعد سلسلة من الأسماء السهلة لرؤساء الولايات المتحدة، غير باراك أوباما القاعدة، فأصبح اسمه الصعب من أسلس الأسماء نطقًا، أنت من تصنع الاسم لا هو من يصنعك.


المصدر

أليسار مصطفى العبيد

أليسار مصطفى العبيد

الاطلاع على جميع المقالات

اضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة مؤخرا

error: Content is protected !!