رفع زوجان في برلين دعوى قضائية ضد فيسبوك للحصول على إمكانية الدخول على حساب إبنتهما المتوفاة. والإشكالية هي هل المحتويات الرقمية يمكن إرثها مثل المقتنيات العادية الأخرى؟

تواجه أم فقدت ابنتها نزاعا قضائيا، لأنّ بنتها توفيت في ظروف بقيت غامضة حتى يومنا هذا، وتحاول العائلة الحصول على أجوبة تزيل الغموض من خلال الاطلاع على حسابها على فيسبوك. ومن أجل الحصول على إمكانية الدخول على حساب المتوفاة رفعت العائلة دعوى قضائية ضد الشبكة الاجتماعية. وفي أبريل بدأت جلسة الاستئناف أمام محكمة برلين. واقترح القضاة تسوية بين السيدة زيمونه والشبكة الاجتماعية العملاقة ومنحوا طرفي النزاع مهلة أسبوعين للتفكير ـ ولكن دون نتيجة.

وكانت بنت زيمونه قد سقطت قبل خمسة أعوام تحت عجلات قطار أنفاق وفارقت الحياة، وإلى يومنا هذا لا يعرف الأبوان ما إذا تعلق الأمر بحالة انتحار. وللتأكد من سبب الموت أراد الأبوان الحصول على إمكانية الدخول على حساب بنتهما في فيسبوك للاطلاع على المنشورات والأخبار التي أدارتها البنت عبر موقع التواصل الاجتماعي.

المنشورات ليست بطاقات تذكارية: السؤال الحاسم هو، هل يحق للوالدين إرث الحساب الرقمي لبنتهما مثل الإرث العادي. ففي المحاكمة الأولى في 2015 أقرت محكمة برلين في صالح الأبوين بحكم أنهما الوريثين الوحيدين وأمرت بأن يسمح فيسبوك للأبوين بالدخول على حساب البنت المتوفاة. كما علل القضاة قرارهم بأن الدخول على حساب فيسبوك لا يخرق الحقوق الشخصية للبنت التي لم تكن قد وصلت بعد سن الرشد، وبالتالي فإنّ الوالدين لهما حق معرفة ما تفعله البنت على شبكة الإنترنيت. واستأنف موقع فيسبوك هذا الحكم، وقال ممثلو الشركة الأمريكية إن قرار المحكمة يمس أيضا المستخدمين الآخرين الذين كانوا على علاقة مع البنت، وتوقعوا أن تبقى الاتصالات معها سرية.

وهذه الحالة تهم الخبراء بغض النظر عن هذه القضية في برلين، وقالت أخصائية في وسائل الاتصال إنها تتفهم موقف العائلة التي ترغب في الدخول على حساب بنتها المتوفاة، مشيرة إلى قضية هل من حق صاحب الشركة أن يسمح بالدخول على الحساب؟ فالشخص المتوفى كانت له على فيسبوك مجموعة أصدقاء تبادل معهم بيانات وليس مع الأقرباء.

حالة تذكارية رقمية: تكتسب مسألة مصير الإرث الرقمي أهمية متزايدة، وهذا يطال المستخدمين النشطاء الذين تبادلوا آلاف الصور والفيديوهات تحت اسمهم. وتُعد المعلومات والبيانات والتغريدات على فيسبوك وثائق مفصلة تكشف عن سلوكيات الأشخاص وعلاقاتهم مع الأصدقاء والمعارف. فما الذي سيحصل مع كل هذا الكم بعد الموت؟ فيسبوك اتخذ بعض الإجراءات كي يتمكن المستخدمون بعد وفاتهم من الحفاظ على السيطرة على أنشطتهم في الوسائل الاجتماعية. ومن بين هذه الإمكانيات حذف الحساب كليا. وتتمثل إمكانية أخرى في تحويل الحساب إلى حالة تذكارية. فعندما يموت المستخدم يظهر بجانب اسمه كلمة “في الذاكرة” ويمكن للأصدقاء والعائلة أن يتبادلوا تلك الذكريات. وبيانات المستخدم قبل وفاته تبقى على فيسبوك.

والفرق بين حساب شخص حي وآخر ميت هو أنه لا أحد بإمكانه دخول الحساب الذي يكون في حالة تذكارية. وفي هذا الوضع كان حساب البنت التي توفت في برلين. وقد سمح لها أبواها بفتح حساب على فيسبوك عندما كانت في الرابعة عشرة من عمرها بشرط أن تعطيهما كلمة السر لولوج الحساب. لكن عندما حاولت الأم الدخول بعد وفاة البنت ظهر اسم البنت وبجانبه كلمة “في الذاكرة”. ويمكن لمستخدمي فيسبوك أن يعينوا شخصا يقوم بإدارة حسابهم بعد الممات. ومن أجل ذلك يجب أن يكون عمر المستخدم أكثر من 18 عاما، إلا أن البنت المتوفاة في برلين لم تكن لها هذه الإمكانية لأن عمرها كان 15 عاما.
“ماذا لو فارقت الحياة”: يوجد تطبيق على فيسبوك يُسمى “ماذا لو فارقت الحياة” يمكن للمستخدمين أن يتركوا عبره خبرا أخيرا يظهر بعد الموت. وهذه إمكانية مهمة فقط لأولئك الذين لهم وقت التفكر وليس للذين يفارقون الحياة فجأة. بإمكان مستخدمي “لو فارقت الحياة” أن يكتوبوا نصا قصيرا أو تحميل فيديو. كيفما كان الأمر، فمن أجل إدارة الإرث الرقمي يجب اتخاذ إجراءات سابقة. غير أن المستخدمين الشباب قلما يفكرون في الموت ، فهل يُتوقع أن يفكروا في مصير إرثهم الرقمي.


كارلا بلايكير/ م.أ.م من DW

 

طاقم مجلة وسع صدرك

طاقم مجلة وسع صدرك

مجلة وسع صدرك الالكترونية جرعة يومية من الدهشة والفضول

الاطلاع على جميع المقالات

اضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة مؤخرا

error: Content is protected !!