لعلّ دراسة العقل البشري رائعة وممتعة. لذا من المتوقع أن يتجاوز بعض الباحثين والعلماء الحدود المقبولة عند إجرائهم التجارب النفسية، مما يعود بالضرر على الصحة النفسية للمشاركين في هذه التجارب.

إليكم مجموعة من التجارب الخطيرة والمزعجة، أجراها خبراء وباحثون غير مكترثين بسلامة المشاركين فيها.

1. تجربة الوحش

في عام 1939، أجرى (ويندل جونسون) وطالبته (ماري تيودور) تجارب لتحديد ما إذا كان التأتأة سلوك مكتسب، وإن كانت كذلك، هل من الممكن فرضها على الأطفال. حيث قام (جونسون) بإجراء اختباره على 22 طفلاً معظمهم يتامى أو من بيئة فقيرة.

قسّم الأطفال إلى مجموعتين، 10 منهم يعانون من التأتأة، بينما لم تظهر المجموعة الثانية أية مشاكل. قام المشرفون بإخبار نصف المصابين بالتأتأة أنهم لا يعانون من أي عرض، آملين بشفائهم. لكنهم لم يفلحوا في ذلك. كما قسمت مجموعة الأطفال الطبيعيين أيضاً إلى نصفين، أُخبر نصفهم أنهم يعانون من التأتأة بالرغم من كون كلامهم طبيعي.

لم يظهر النصف الطبيعي من الأطفال –والذي أُخبر أنه يعاني من التأتأة –أي مشاكل على عكس توقعات (جونسون)، لكنهم تعرضوا إلى قلق شديد نتيجة الاختبارات رافقهم طوال حياتهم. حاولت (ماري تيودور) حل مشكلة القلق لدى هؤلاء لكنها لم تنجح في إصلاح الضرر، بل وصفها أحد الأطفال بالوحش.

2. تجربة سجن ستانفورد

Photo credit: Simply Psychology

في عام 1971، أنشأ البروفيسور (فيليب زيمبارو) سجناً وهمياً وقسم المشاركين في تجربته إلى حراس وسجناء في محاولة لاكتشاف ما إذا كانت الوحشية التي يتعرض لها المساجين في أميركا ناتجة عن ظروف السجن أو عن شخصيات الحراس والمدانين.

تم تعيين المشاركين بشكل عشوائي لأداء أدوار السجناء أو الحرس. وأُصدرت تعليمات للحراس بالقيام بما يلزم للسيطرة على المساجين.

في غضون ساعات، فرض الحراس عقوبات على السجناء وأيقظوهم في الليل. في اليوم التالي، تمرد السجناء وحصروا أنفسهم في الزنزانة بوساطة أسرتهم. لذا طلب الحراس تعزيزات وقاموا برش مطافئ الحريق على السجناء وجردوهم من ملابسهم.

بعد تمردهم الأولي، أصبح السجناء أكثر استسلاماً، لكن وحشية الحراس زادت. كان من المقرر أن تستمر التجربة لمدة أسبوعين، ولكن التغيير الكبير في السلوك أدى إلى إيقاف التجربة خوفاً من الأضرار الكبيرة التي قد تحصل.

3. تجارب الفصام

في عام 1983، بدأ الباحثون في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس البحث في علامات الانتكاس عند مرضى الفصام. قاموا بدراسة أعداد كبيرة من مرضى الفصام ومراقبة علامات انتكاسهم عندما يتم تخفيض أدويتهم. ما جعل هذه الدراسة مثيرة للجدل هو تخفيض الباحثين للأدوية بأنفسهم، وعندما أظهر المرضى علامات الانتكاس الشديد، لم يتدخلوا لحمايتهم.

كان (أنطونيو لامادريد) واحداً من المشاركين لعدة سنوات. حيث تم تخفيض دواءه بعد أن لاحظ القائمون على التجربة أن صحته تحسنت لعام كامل. انتكس (لامادريد) بسرعة وبدأ يفكر بالانتحار، وفي نهاية الأمر، قتل (لامادريد) نفسه عام 1991 بالقفز من سطح مبنى جامعة كاليفورنيا.

أثار موته مسألة موافقة المرضى النفسيين عن إجراء التجارب (حيث يفترض بالمشارك أن يكون بكامل وعيه). حيث وجدت دعوى قضائية أن الجامعة ليست مسؤولة عن وفاته لكنها خلصت إلى قيام الجامعة بانتهاك الجوانب الرئيسية لقواعد الموافقة على إجراء التجارب التي تنظم التجارب على الإنسان.

4. ألبرت الصغير

Photo credit: Timeline

في أواخر عام 1910، درس عالم السلوك (جون دبليو واتسون) ما إذا كانت التفاعلات العاطفية مشروطة عند البشر، متأثراً بتجربة كلب (بافلوف) الشهيرة. كان أحد المشاركين طفلاً يدعى ألبرت، يبلغ من العمر تسعة أشهر. تعرض ألبرت لسلسلة من المحفزات، من ضمنها فأر أبيض وأرنب وقرد والأقنعة وصحف محترقة. لم يظهر ألبرت في البداية خوفاً من هذه الأشياء.

عندما تعرض ألبرت للفأر، قام (واتسون) بإصدار صوت عالٍ من خلال ضرب أنبوب معدني بمطرقة، فبكى ألبرت بعد سماعه هذا الصوت. بدأ (واتسون) بتعريض (ألبرت) مراراً وتكراراً للفأر الأبيض متبوعاً بالضوضاء الصاخبة، لذا، وكتجربة (بافلوف)، بدأ ألبرت بالبكاء بمجرد رؤيته للفأر.

أجريت هذه التجربة مرات عديدة، وجُمع ما يكفي من البيانات لاكتشاف أن الطفل لم يبدأ بالبكاء عند رؤية الفئران البيضاء فقط، بل عند رؤية أي شيء قد يبدو كالفأر، أي جسم أبيض مكسو بالفراء. حتى ألعابه السابقة بدأت تخيفه.

لم يقم (واتسون) بمعالجة الصغير، ومن غير المعروف إن لازمه الخوف من الفئران أو الأصوات العالية أو علماء النفس لبقية حياته. للأسف، توفي (ألبرت) في سن السادسة. ولا نعلم إن كانت والدته –والتي دفعت دولاراً أمريكياً لمشاركته بالتجربة –قد أدركت ما فعلت بابنها.

5. مشروع MKULTRA

مول مركز الاستخبارات الأميركي CIA عدداً من التجارب النفسية التي لم تكن دائماً أخلاقية. أحد الأمثلة البارزة كان مشروع MKULTRA. بدأ المشروع في عام 1953، وكان الغرض منه دراسة استخدام المواد البيولوجية والكيميائية في تغيير السلوك البشري. أعطى مركز الاستخبارات صلاحيات واسعة، وبدأ الباحثون باختبار المخدرات غير المشروعة على آلاف المواطنين الأمريكيين الذين لم يتمكنوا من إعطاء موافقتهم.

بدأ الباحثون في دراسة كيفية تعميق آثار التنويم المغناطيسي، وكيفية إحداث فقدان الذاكرة، وما هي الأدوية التي ستسمح للإنسان بتحمل التعذيب أثناء الاستجواب. أتتساءل كيف اختبروا ذلك؟

كان الأشخاص الخاضعون للاختبار في الغالب من المدانين أو العاملين في مجال الجنس أو المرضى الذين يعانون من أمراض قلبية! أعطي عقار LSD المسبب للهلوسة للمشاركين دون علمهم، مما تسبب في ضيق كبير عند مرضى القلب. مات شخصان على الأقل نتيجة مشاركتهما في البرنامج، كما عانى الكثير من المشاركين من أعراض دائمة.

لم يكن النطاق الحقيقي للمشروع معروفاً، حيث تم تدمير آلاف السجلات في عام 1977. وعلى الرغم من إجراء التحقيق وصدور عدة دعاوى قضائية، لم يُحاسب أي شخص على الإطلاق على العمل المنجز في هذا المشروع.

6. تجربة Milgram

Photo credit: The Chronicle of Higher Education

في واحدة من التجارب النفسية الأكثر شهرة على الإطلاق، والتي أُجريت في أوائل الستينات، قام (ستانلي ميلجرام) باستكشاف الحد الفاصل بين طاعة السلطة والضمير الشخصي. خاصة بعد مشاهدة محاكمات نورمبرج، والتي ادعى خلالها النازيون المتهمون بالفظائع أنهم كانوا يتبعون الأوامر فقط.

رغب (ميلغرام) بمعرفة إلى أي مدى يطيع الناس التعليمات والأوامر حتى لو كانت هذه التعليمات تفرض غليهم إيذاء الآخرين. تم تعريف المشاركين بشخص مشارك في التجربة في البداية، ثم طُلب منهم سحب القرعة لمعرفة من سيؤدي دور المعلم ومن سيؤدي دور الطالب. كان “الطالب” ممثلاً تم توظيفه لإجراء الدراسة.

طُلب من المدرسين –الذين وُضعوا في غرفة معزولة –قراءة سلسلة من الأسئلة الموجهة إلى الطالب –الذي وضع في غرفة أخرى ولكن بإمكانه التواصل شفهياً مع المدرسين. جلس المدرس أمام آلة مزودة بمولد كهربائي وصفيحة من المحولات كُتب عليها أرقام من 15 إلى 450 فولت. صدرت تعليمات للمدرسين بطرح سلسلة من الأسئلة على الطالب وتطبيق صدمة كهربائية في كل مرة تكون فيها الإجابة خاطئة. كل إجابة خاطئة تعني زيادة شدة الصدمة. بالطبع، لم تكن الصدمات حقيقية.

أجرى جميع المشاركين في التجربة صدمات على الطالب تصل إلى 300 فولت، واستمر ثلثهم في الوصول إلى 450 فولت على الرغم من توضيح أن الرقم 450 شديد الخطورة.

خلص (ميلجرام) إلى كون الناس عرضة لاتباع الأوامر حين تأتي من سلطة عليا، ولا يستطيع ضميرهم إيقافهم حتى عند معرفتهم بالأذى الحاصل.

المصدر

اضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة مؤخرا

error: Content is protected !!