عندما نفكر بالقارة السمراء، فالصحراء أول ما يخطر ببالنا، أما الثلوج والأنهار الجليدية هي شيء لا يجتمع ،في ذهننا، مع القارة الأفريقية. ولكن من المدهش وجود عددٍ من الأنهار الجليدية في أفريقيا تقع جميعها بالقرب من خط الاستواء.

إن عدنا إلى دروس الجغرافيا في المدرسة، سنتذكر أن المناخ لا يتعلق بخطوط العرض فحسب، بل بالارتفاع أيضاً. وتُعد أفريقيا موطناً لمجموعة من الجبال شاهقة الارتفاع، وتتميز ثلاثة منها باحتوائها على الأنهار الجليدية.

وهذه الجبال هي جبل (كليمنجارو) في دولة تنزانيا وجبل (كينيا) في دولة كينيا وسلسلة جبال (روينزوري) المتاخمة لحدود أوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية.

وللأسف، فإن هذه الأنهار الجليدية تختفي بسرعة هائلة. فمنذ بداية القرن العشرين، خسرت الأنهار الجليدية في أفريقيا 80% من مساحة سطحها. وبحلول تسعينيات القرن الماضي، كان إجمالي مساحة سطحها 10.7 كيلومتر مربع فقط. حيث يتوقع العلماء ذوبان الجليد المتبقي تماماً بحلول عام 2030.

يبلغ ارتفاع جبل كليمنجارو 5.895 متراً، ويقع في شمال تنزانيا على بعد 300 كيلومتر جنوب خط الاستواء. وهو أعلى جبل في قارة أفريقيا وأعلى جبل قائمٍ بذاته (أي ليس جزءاً من سلسلة جبال) في العالم.

ويختلف حجم الغطاء الجليدي لجبل (كليمنجارو) على مدار العام، حيث يزداد أو يتقلص بناءً على عدة عوامل كالإشعاع الشمسي والأمطار وغيرها… ولكن منذ عام 1900، ظهرت أدلة واضحة على تقلص الأنهار الجليدية باستمرار وبسرعة.

فقد اختفى نحو 82% من الغطاء الجليدي الذي غطى الجبل عندما تم مسحه لأول مرة في عام 1912. كما لوحظ انخفاض في سماكة الجليد هناك، حيث كانت سماكته في بعض الأماكن متراً واحداً! ووفقاً لبعض التوقعات، ستختفي غالبية الأنهار الجليدية التي تغطي جبل (كليمنجارو) في السنوات الـ 15 القادمة إن استمر الوضع على ما هو عليه.

وبالمثل، فإن الأنهار الجليدية تستمر بالانخفاض على جبل كينيا –وهو ثاني أعلى جبل في أفريقيا –وفي (روينزوري).

وقد سميت (روينزوري) سابقاً بـ “جبال الألب الأفريقية” و “جبال القمر” كدليل على وجود الأنهار الجليدية في السابق بكثافة. كما تُعدّ الأنهار الجليدية أهم مصدرٍ لمياه لنهر النيل. ويهدد اختفائها العشرات من الأنواع النباتية والحيوانية.

وللمشككين بالتغير المناخي، تقدم الأنهار الجليدية المتلاشية دليلاً مقنعاً على جدية هذه المشكلة. ويُعتقد أن الزيادة التدريجية في درجات الحرارة ونقص الأمطار هي إحدى العوامل المؤدية لهذه المشكلة.

ومن الأفضل أن يساهم البشر بحل مشكلة التغير المناخي، فلا يُعرف كم من الوقت تبقى لهذه الأنهار الجليدية.


المصدر

اضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة مؤخرا

error: Content is protected !!